عدد المسلمين في كوريا الشمالية

رغم العزلة الشديدة التي تفرضها كوريا الشمالية على نفسها منذ تأسيسها، فإن مسألة وجود ديانات غير التي تعترف بها الدولة تُثير فضول الكثيرين، لا سيما فيما يتعلق بالدين الإسلامي. يُعد الإسلام ديانة عالمية منتشرة في جميع القارات تقريبًا، ولكن ظهوره في كوريا الشمالية يُعتبر نادرًا واستثنائيًا نظرًا للطبيعة السياسية المغلقة للبلاد. ورغم شُح المصادر، يمكن من خلال التقارير والتقديرات والدبلوماسية الدولية رسم صورة تقريبية عن عدد المسلمين في هذا البلد المنغلق.

الوجود الإسلامي في كوريا الشمالية

يشكل المسلمون في كوريا الشمالية أقلية نادرة جدًا، تُقدّر ببضع مئات إلى ما يقرب من 3,000 شخص كحد أقصى، بحسب تقديرات غير رسمية. ينتمي معظم هؤلاء إلى الجاليات الأجنبية المقيمة مؤقتًا في العاصمة بيونغ يانغ، وبالأخص الدبلوماسيين والموظفين في السفارات الإسلامية مثل سفارات إيران، وباكستان، ومصر، وسوريا. ويُعد مسجد الرحمن التابع لسفارة إيران هو المسجد الوحيد في البلاد، ولا يُسمح بدخوله إلا للمسلمين الأجانب.

التحديات التي تواجه المسلمين في كوريا الشمالية

تُعد كوريا الشمالية من أكثر الدول تضييقًا على الممارسات الدينية، بغض النظر عن نوع الدين. وتزداد التحديات تعقيدًا عندما يتعلق الأمر بدين غير مُعترف به رسميًا، مثل الإسلام. المسلمون في كوريا الشمالية، سواء كانوا أجانب أو من النادرين من السكان المحليين، لا يمكنهم التجمع علنًا أو تأسيس مجتمعات دينية، ولا يُسمح لهم بالاحتفال بالأعياد الإسلامية مثل رمضان أو عيد الأضحى بشكل علني. وتُراقب السلطات أي نشاط ديني، وقد تُفسّره على أنه تهديد سياسي.

التاريخ الإسلامي في كوريا الشمالية

من الناحية التاريخية، لا توجد دلائل تُشير إلى وجود جذور عميقة للإسلام في شمال شبه الجزيرة الكورية. إلا أن بعض المصادر تذكر أن تجارًا مسلمين قد مروا عبر كوريا خلال القرون الوسطى ضمن طرق الحرير البحرية والبرية، لكن تأثيرهم في الشمال كان شبه معدوم. في العصر الحديث، لم يبدأ ظهور الإسلام في كوريا الشمالية إلا مع إنشاء سفارات إسلامية في بيونغ يانغ بعد الثورة الإيرانية، وهو ما سمح بإنشاء أول مكان عبادة إسلامي رسمي في البلاد.

المستقبل المحتمل للمسلمين في كوريا الشمالية

رغم أن الوضع الحالي لا يُبشر بأي توسع قريب في الحريات الدينية، فإن التحولات السياسية والضغوط الدولية قد تُحدث تغيرات تدريجية. في حال انفتحت كوريا الشمالية اقتصاديًا أو سياسيًا، فقد تنشأ فرص أكبر لظهور مجتمعات دينية أكثر تنوعًا، وربما يسمح ذلك للمسلمين بممارسة شعائرهم بصورة أكثر حرية، بل وربما يشهد البلد بناء مساجد إضافية، أو إقامة مبادرات ثقافية تعريفية بالإسلام.

المسلمون المحليون: واقع نادر ومبهم

لا توجد بيانات دقيقة حول ما إذا كان هناك كوريون شماليون قد اعتنقوا الإسلام. في حال وجودهم، فمن المرجّح أنهم يُجبرون على ممارسة دينهم في السر، خشية الملاحقة القانونية. النظام يُصنف كل نشاط ديني غير خاضع لرقابته كفعل تخريبي، ويُحاكم المتورطون فيه محاكمات عسكرية. وحتى من يعتنقون الأديان المعترف بها مثل البوذية أو المسيحية يواجهون مصاعب جمة.

الإسلام من منظور الحكومة الكورية الشمالية

لا تُصدر الحكومة الكورية الشمالية بيانات رسمية حول موقفها من الإسلام، لكنها تُظهر عمومًا عداءً لأي نفوذ ثقافي أو ديني خارجي، ما لم يكن في إطار العلاقات الدبلوماسية. الإسلام يُنظر إليه باعتباره جزءًا من التأثيرات الخارجية التي يجب الحد منها، خصوصًا إذا ارتبط بدول ذات مواقف سياسية متوترة مع بيونغ يانغ.

العلاقات الدبلوماسية وأثرها على الوجود الإسلامي

العلاقات التي تقيمها كوريا الشمالية مع بعض الدول الإسلامية، مثل إيران وسوريا، تلعب دورًا أساسيًا في وجود ولو ضئيل للمظاهر الإسلامية في البلاد. هذه العلاقات سمحت بإنشاء المسجد الوحيد، وقد توفر لاحقًا بعض الهامش المحدود للأنشطة الإسلامية داخل الأوساط الدبلوماسية فقط. أي تغيير في هذه العلاقات قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على الحضور الإسلامي هناك.