عدد سكان الكاميرون 

تُعد الكاميرون من الدول الإفريقية التي تملك طابعًا ديموغرافيًا فريدًا، حيث تلتقي فيها عوامل النمو السكاني السريع، والتركيبة السكانية الشابة، والتحديات التنموية المتصاعدة. تمثل دراسة عدد السكان في الكاميرون نقطة انطلاق لفهم طبيعة التغيرات التي يشهدها هذا البلد من حيث التوسع الحضري، والهجرة الداخلية، والضغط على الموارد والخدمات. في هذا المقال، نسلّط الضوء على عدد السكان في الكاميرون لعام 2025، ونحلل المؤشرات المرتبطة به من معدلات نمو وخصوبة وتوزيع جغرافي وفئات عمرية، مع استعراض أعمق للتحديات التنموية والفرص المستقبلية.

عدد السكان في الكاميرون عام 2025

وفقًا لأحدث التقديرات الرسمية، يبلغ عدد سكان الكاميرون في عام 2025 حوالي 29.9 مليون نسمة، مما يعكس استمرارًا في النمو المطرد لسكان الدولة. وكان عدد السكان في عام 2020 لا يتجاوز 26.5 مليون نسمة، ما يشير إلى زيادة بمقدار أكثر من 3 ملايين خلال خمس سنوات فقط، وهو ما يُبرز تسارعًا واضحًا في النمو السكاني.

معدل النمو السكاني في الكاميرون

يبلغ معدل النمو السكاني في الكاميرون 2.59% سنويًا، وهو معدل مرتفع بالمقاييس العالمية. هذا النمو الكبير يعود في جزء كبير منه إلى ارتفاع معدلات الخصوبة والتي تصل إلى أكثر من 4 مواليد لكل امرأة، فضلًا عن انخفاض تدريجي في معدل الوفيات بفضل تحسن نسبي في الخدمات الصحية، خاصة في المدن الكبرى. لكن رغم هذا التحسن، لا تزال الرعاية الصحية في المناطق الريفية محدودة، ما يخلق فجوة واضحة بين المدينة والريف.

الفئات العمرية في الكاميرون

الكاميرون من الدول التي يغلب على سكانها الطابع الشاب، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 60% من السكان تقل أعمارهم عن 25 عامًا. هذا يعطي الدولة فرصة ذهبية لتحقيق ما يُعرف بـ”العائد الديموغرافي” إذا ما تم استثمار هذا الجيل الشاب في التعليم والتوظيف والتأهيل. لكن في المقابل، فإن إهمال هذه الفئة قد يؤدي إلى نتائج عكسية تتمثل في ارتفاع البطالة والجريمة والهجرة غير النظامية.

توزيع السكان داخل الكاميرون

تتوزع الكثافة السكانية في الكاميرون بشكل غير متساوٍ، إذ تتركز النسبة الأكبر من السكان في مدينتي دوالا وياوندي، وهما أكبر مدينتين في البلاد. هذه المناطق الحضرية تستقطب السكان من الريف بحثًا عن فرص عمل وخدمات أفضل، مما يخلق ضغوطًا على المرافق العامة مثل الطرق، والمستشفيات، والمدارس. وفي المقابل، تعاني المناطق الشمالية والشرقية من انخفاض كبير في الكثافة السكانية، ويرجع ذلك إلى ظروف طبيعية قاسية أو ضعف التنمية الاقتصادية.

الخصوبة والوفيات في الكاميرون

رغم التقدم النسبي في القطاع الصحي، لا تزال الكاميرون تواجه تحديات كبيرة في ما يخص وفيات الأطفال والأمهات. فمعدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة لا يزال مرتفعًا، ويُقدّر بحوالي 64 حالة لكل 1000 ولادة حية. أما معدل وفيات الأمهات فيبلغ قرابة 467 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة، وهي نسبة تدل على الحاجة الماسة لتحسين مستوى الرعاية الصحية للأمهات الحوامل.

التعليم في الكاميرون وتأثيره على السكان

يرتبط النمو السكاني في الكاميرون أيضًا بمستوى التعليم، خاصة تعليم الفتيات. الدراسات تشير إلى أن تعليم النساء يساهم بشكل مباشر في تقليل معدل الخصوبة وتحسين الوضع الاقتصادي للأسرة. لكن لا تزال هناك فجوات تعليمية، حيث أن نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة لا تتجاوز 77%، مع تفاوتات واضحة بين الجنسين والمناطق.

التحديات والفرص السكانية في الكاميرون

مع تزايد عدد السكان، تجد الحكومة نفسها أمام تحديات كبيرة تتطلب تخطيطًا طويل الأمد. من أبرز هذه التحديات: توفير وظائف للشباب، وتوسيع شبكة البنية التحتية، وتحقيق توازن تنموي بين الأقاليم المختلفة. لكن في الوقت ذاته، يفتح النمو السكاني الباب أمام فرص تنموية ضخمة إذا تم استثماره بالشكل الصحيح، مثل بناء اقتصاد قوي يعتمد على قوى عاملة شابة ومؤهلة.

مستقبل عدد السكان في الكاميرون

من المتوقع أن يصل عدد سكان الكاميرون إلى أكثر من 35 مليون نسمة بحلول عام 2030 إذا استمر نفس معدل النمو. هذا التوقع يدعو إلى ضرورة تبني سياسات أكثر فاعلية في مجالات تنظيم الأسرة، وتحسين جودة التعليم، وتطوير البنية التحتية الصحية والاجتماعية. كما أن تعزيز اللامركزية في إدارة التنمية قد يُسهم في توزيع أفضل للموارد وتلبية احتياجات السكان في مختلف المناطق.

خاتمة

في الختام، يُظهر الواقع السكاني في الكاميرون صورة مزدوجة من التحديات والفرص. ففي حين يشكل النمو السكاني ضغطًا على الاقتصاد والخدمات، فإنه في الوقت ذاته يمثل رصيدًا بشريًا هائلًا يمكن استثماره لصالح التنمية الشاملة. إن نجاح الكاميرون في التعامل مع هذا الملف سيُحدِّد ملامح مستقبلها خلال العقود المقبلة.