عدد سكان زيمبابوي

تُعد زيمبابوي من الدول الإفريقية ذات التاريخ الغني والتنوع الثقافي، وهي تسير بخطى ثابتة نحو الاستقرار والنمو رغم التحديات التي تواجهها. يُشكل عدد السكان أحد المؤشرات المهمة لفهم تحولات البلاد الاقتصادية والاجتماعية، إذ يعكس النمو الديموغرافي مدى الحاجة إلى الخدمات، ويوجّه سياسات التنمية. وفي ظل الاهتمام المتزايد بتحليل الأوضاع السكانية في إفريقيا، تبرز زيمبابوي كنموذج يستحق التعمق لفهم تركيبته السكانية المتغيرة باستمرار.

عدد سكان زيمبابوي في عام 2025

يُقدّر عدد سكان زيمبابوي بنحو 16,918,507 نسمة، مسجلًا ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالعام الماضي. ويُعد هذا النمو نتيجة طبيعية لمعدلات الإنجاب المرتفعة نسبيًا، التي تُعد من السمات السكانية لدول إفريقيا جنوب الصحراء. كما أن التحسن النسبي في الخدمات الصحية ساهم في خفض معدلات الوفيات، ما ساعد بدوره على رفع عدد السكان تدريجيًا.

الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي

بمعدل كثافة سكانية يصل إلى 44 نسمة لكل كيلومتر مربع، تتوزع الكثافة بشكل متفاوت بين مناطق البلاد. فالمدن الكبرى مثل هراري وبولاوايو تشهد كثافة مرتفعة بسبب تركز الفرص الاقتصادية والخدمات التعليمية والصحية فيها. في المقابل، تظل المناطق الريفية، التي تحتل مساحات شاسعة، أقل ازدحامًا، وتعتمد في الغالب على الزراعة والرعي كمصادر رئيسية للدخل. ويُلاحظ أن حوالي 62% من السكان يعيشون في الأرياف، ما يعكس الطابع الريفي العام للدولة.

التركيبة العمرية للسكان

يميل الهرم السكاني في زيمبابوي نحو الشباب، حيث تُشكل الفئة العمرية من 0 إلى 14 سنة أكثر من 40% من إجمالي السكان. ويُعد هذا الاتجاه الديموغرافي سيفًا ذا حدين، إذ يمنح البلاد طاقة بشرية ضخمة يُمكن استغلالها اقتصاديًا، لكنه في الوقت ذاته يفرض ضغوطًا على أنظمة التعليم والرعاية الصحية والتوظيف. كما تُظهر الإحصاءات أن متوسط العمر في البلاد هو 18.1 سنة فقط، ما يجعلها من أكثر الدول فتوة في العالم.

معدل النمو السكاني والعوامل المؤثرة

يُسجَّل معدل نمو سكاني سنوي يقارب 1.9%، وهو معدل يعكس بوضوح الحيوية الديموغرافية للبلاد. ويعود هذا المعدل إلى توازن غير متكافئ بين معدل المواليد الذي يبلغ 26.73 لكل ألف نسمة، ومعدل الوفيات الذي يبلغ 7.44 لكل ألف. كما تُسهم الهجرة الخارجية بشكل طفيف في تقليص الزيادة الطبيعية، حيث تُسجَّل هجرة صافية سالبة نتيجة هجرة بعض السكان إلى دول مجاورة بحثًا عن فرص معيشية أفضل.

معدلات الخصوبة والإنجاب

تُظهر البيانات أن معدل الخصوبة في زيمبابوي لا يزال مرتفعًا، حيث تنجب المرأة في المتوسط حوالي 3.5 أطفال. ورغم أن هذا المعدل انخفض مقارنة بالعقود السابقة التي شهدت خصوبة تصل إلى 5 أطفال للمرأة، إلا أنه لا يزال مرتفعًا بالمقارنة مع المعدلات العالمية. وقد ساعدت برامج التوعية الصحية وتمكين المرأة جزئيًا في تقليل هذا الرقم، لكنه يظل مؤثرًا بقوة في النمو السكاني الكلي.

مستوى التحضر في زيمبابوي

تُعد زيمبابوي دولة ذات طابع ريفي في الغالب، حيث يُقيم نحو 62% من السكان في القرى والمناطق الريفية. ورغم الجهود الحكومية المستمرة لتعزيز التمدن وإنشاء مراكز حضرية جديدة، فإن نسب التحضر لا تزال محدودة نسبيًا. وتتمثل أبرز المدن في هراري العاصمة، التي تُعد المركز السياسي والاقتصادي للبلاد، تليها بولاوايو الواقعة في الجنوب، والتي تحتضن ثاني أكبر تجمع سكاني حضري.

التحديات المستقبلية والفرص

يُمثل النمو السكاني المتسارع تحديًا كبيرًا للحكومة الزيمبابوية، خصوصًا في مجالات مثل التعليم، والصحة، والإسكان، والتوظيف. فمع زيادة عدد السكان، ترتفع الحاجة لبناء مدارس جديدة، وتحسين أنظمة الرعاية الطبية، وخلق فرص عمل كافية تستوعب الشباب المتزايد عددهم. لكن في المقابل، فإن امتلاك قوة بشرية شابة يُمكن أن يُشكل فرصة ذهبية لدفع عجلة الاقتصاد، إذا ما تم استثمارها من خلال التعليم الفني وريادة الأعمال والبنية التحتية الرقمية.

مقارنة إقليمية

مقارنة بدول الجوار مثل زامبيا وموزمبيق وبوتسوانا، تُعد زيمبابوي متوسطة الحجم من حيث عدد السكان. لكن خصائصها السكانية تُشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في باقي دول جنوب القارة، حيث النمو الطبيعي المرتفع، والهيكل العمري الفتي، وتراجع الهجرة الوافدة، مما يُعطي زيمبابوي موقعًا ديموغرافيًا مشتركًا يُتيح التعاون الإقليمي في مجالات التنمية السكانية.