عدد سكان غينيا بيساو

تُعد غينيا بيساو من الدول الصغيرة في غرب إفريقيا، لكنها تمتاز بتاريخ غني وتنوع سكاني وثقافي لافت. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي مرت بها على مدار العقود الماضية، فإن سكانها يستمرون في النمو بثبات، ويشكلون جزءًا حيويًا من مستقبل البلاد. في هذا المقال، نستعرض بالأرقام والبيانات الحديثة عدد سكان غينيا بيساو في عام 2025، مع تحليل دقيق للتركيبة السكانية ومؤشرات الخصوبة والوفاة، والتوزيع الجغرافي، إلى جانب أبرز التحديات والفرص المرتبطة بالنمو الديموغرافي في البلاد.

عدد سكان غينيا بيساو في عام 2025

تشير التقديرات السكانية لعام 2025 إلى أن عدد سكان غينيا بيساو بلغ نحو 2,249,515 نسمة، وفق بيانات الأمم المتحدة وتحديثات المؤشرات السكانية العالمية. ويعكس هذا العدد زيادة مقارنة بعام 2024 الذي سجل نحو 2,201,352 نسمة، مما يعني أن الدولة تسجل نموًا سكانيًا سنويًا يتراوح حول 2.15%. وعلى الرغم من صغر حجم الدولة من حيث المساحة، فإن هذا النمو السكاني يعكس ديناميكية ديموغرافية يجب أخذها بعين الاعتبار في صياغة السياسات العامة.

الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي

تمتد غينيا بيساو على مساحة تُقدّر بنحو 36,125 كيلومترًا مربعًا، مما يجعل الكثافة السكانية تصل إلى حوالي 80 نسمة لكل كيلومتر مربع. ومع ذلك، فإن هذا الرقم لا يعكس بدقة التوزيع الجغرافي، حيث أن المناطق الحضرية، خاصة العاصمة بيساو، تشهد تركّزًا كبيرًا للسكان. فحوالي 46% من السكان يعيشون في المدن، وهو ما يدل على تزايد معدلات الهجرة الداخلية من المناطق الريفية إلى الحضرية بحثًا عن فرص التعليم والعمل والخدمات.

التركيبة العمرية للسكان

تتميز غينيا بيساو بتركيبة عمرية يغلب عليها الطابع الشبابي، وهي سمة مشتركة بين العديد من دول القارة الإفريقية. إذ يُقدّر أن نحو 38% من السكان تقل أعمارهم عن 15 عامًا، في حين تبلغ نسبة من هم في سن العمل (15-64 عامًا) قرابة 58%. أما كبار السن الذين تفوق أعمارهم 65 عامًا، فلا تتجاوز نسبتهم 3.2% من إجمالي السكان. ويُعزى ذلك إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع عند الولادة، والذي يُقدّر بحوالي 60 عامًا، بسبب التحديات الصحية والمعيشية.

معدل الخصوبة والوفيات

يبلغ معدل الخصوبة في غينيا بيساو حوالي 3.7 أطفال لكل امرأة، وهو من أعلى المعدلات في العالم. ويعكس ذلك الثقافة الاجتماعية التي تعزز فكرة الأسرة الكبيرة، إلى جانب محدودية الوصول إلى وسائل تنظيم الأسرة. أما من حيث معدلات الوفاة، فتُظهر المؤشرات أن معدل وفيات الرضع بلغ حوالي 47.4 لكل 1,000 مولود حي، بينما معدل وفيات الأطفال دون الخامسة بلغ 67.2 لكل 1,000. وتعد هذه الأرقام مرتفعة نسبيًا، مما يؤكد أهمية تعزيز النظام الصحي الوطني وتحسين خدمات الرعاية الأولية والتطعيم.

الهجرة والتغيرات السكانية

تعاني غينيا بيساو من ظاهرة الهجرة الخارجية، حيث يسعى العديد من الشباب إلى مغادرة البلاد نحو دول أوروبية وأفريقية بحثًا عن فرص اقتصادية وتعليمية أفضل. ورغم أن صافي الهجرة سلبي، إلا أن النمو الطبيعي (الفرق بين الولادات والوفيات) يظل هو المحرك الأساسي لزيادة عدد السكان. وتواجه الدولة تحديًا حقيقيًا في استبقاء العقول والكفاءات، خاصة مع محدودية الفرص المحلية.

اللغة والدين في غينيا بيساو

اللغة الرسمية للبلاد هي البرتغالية، لكنها لا تُستخدم على نطاق واسع في الحياة اليومية، إذ يشيع استخدام لغة الكريولو البرتغالية المحلية. كما تنتشر لغات محلية أخرى مثل الفولا والماندينكا. أما على المستوى الديني، فإن المسلمين يشكلون غالبية نسبية تُقدّر بـ 46%، يليهم معتنقو الديانات التقليدية بنسبة 30%، ثم المسيحيون بحوالي 19%. ويُظهر هذا التنوع الديني انسجامًا اجتماعيًا نسبيًا، حيث تتعايش الأديان والمذاهب المختلفة في نسيج مجتمعي متنوع.

الوضع التعليمي وتأثيره على السكان

يؤثر النظام التعليمي بشكل مباشر على بنية السكان المستقبلية في غينيا بيساو. فمعدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية قد تحسن في السنوات الأخيرة، لكن جودة التعليم ما تزال بحاجة إلى تطوير. ويُقدّر معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين بحوالي 59%، وهو رقم منخفض نسبيًا. ويُعد التعليم أحد المحاور الأساسية التي تعوّل عليها الدولة لتحسين فرص العمل وتحقيق تنمية مستدامة تواكب النمو السكاني.

الوضع الصحي وتأثيره على الحياة السكانية

الخدمات الصحية في غينيا بيساو ما تزال تعاني من نقص كبير في الموارد، سواء البشرية أو المادية. ويؤدي هذا النقص إلى ارتفاع معدلات الأمراض المعدية وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء. ومع ذلك، فقد شهدت السنوات الأخيرة بعض التحسن في مؤشرات التطعيم والوقاية من الملاريا والأمراض المزمنة. وتحقيق الاستقرار الصحي للسكان يُعد ضرورة أساسية لتقليل معدلات الوفاة وزيادة متوسط العمر المتوقع.

التحديات والفرص المستقبلية

يواجه النمو السكاني في غينيا بيساو عدة تحديات تتعلق بسوق العمل، البنية التحتية، والخدمات العامة. ومع ذلك، فإن التركيبة السكانية الشابة تمثل فرصة نادرة للاستثمار في مستقبل البلاد. إذ يمكن من خلال التخطيط الاستراتيجي والتعليم الجيد خلق بيئة مواتية للنمو الاقتصادي والاجتماعي. ويُعول على الحكومة والمؤسسات الدولية لتوفير الدعم في مجالات التنمية البشرية والاقتصادية لاحتواء آثار النمو السكاني وتحويلها إلى محرك للتقدم.

الخلاصة

يُعد عدد سكان غينيا بيساو ومعدل نموهم السريع عاملًا مؤثرًا في مسار التنمية المستدامة للبلاد. وبينما تتطلب الزيادة السكانية جهودًا مضاعفة في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية، فإنها تمثل في الوقت ذاته فرصة لتجديد دماء الاقتصاد الوطني من خلال القوى العاملة الشابة. ومن خلال سياسات فعالة ومستندة إلى بيانات سكانية دقيقة، يمكن لغينيا بيساو أن تحقق قفزات نوعية في مختلف مجالات التنمية.