عدد سكان موريشيوس

تُعد دولة موريشيوس واحدة من أبرز الجزر الواقعة في قلب المحيط الهندي، وتمتاز بجمالها الطبيعي الخلاب وتنوعها الثقافي الفريد. إلا أن ما يميزها أيضًا هو طبيعة سكانها وتوزيعهم ونمط حياتهم، إذ تشكل التركيبة السكانية عاملاً رئيسيًا في تشكيل هوية هذه الدولة الصغيرة جغرافيًا والكبيرة بديمغرافيتها. سنستعرض في هذا المقال أحدث المعلومات حول عدد السكان، والكثافة، والنمو، والتوزيع، وسائر الجوانب المرتبطة بسكان موريشيوس حتى مايو 2025، لتكوين صورة شاملة وعميقة حول الواقع السكاني في البلاد.

الكثافة السكانية في موريشيوس

رغم أن مساحة موريشيوس لا تتجاوز 2,030 كيلومترًا مربعًا، إلا أنها تُعد من أكثر الدول الإفريقية والعالمية كثافة سكانية. بلغ عدد السكان حتى مايو 2025 نحو 1,268,636 نسمة، وهو ما يُترجم إلى كثافة تقارب 625 نسمة لكل كيلومتر مربع. هذه الأرقام المرتفعة ناتجة عن تركز السكان في مناطق محددة، مما يضع ضغطًا على الموارد والبنى التحتية في تلك المناطق، خاصة المدن الكبرى مثل بورت لويس وفاكواس.

الكثافة السكانية المرتفعة تؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة، إذ تتطلب مزيدًا من المرافق العامة وخدمات الإسكان والنقل. كما أنها تُحفز السلطات على تبني سياسات تخطيط عمراني ذكية للحد من الاكتظاظ وتوفير بيئة متوازنة.

معدل النمو السكاني في موريشيوس

تشهد موريشيوس حالة فريدة من التراجع الطفيف في عدد السكان، حيث بلغ معدل النمو السكاني لعام 2025 حوالي -0.24%. هذه النسبة السالبة تشير إلى بداية تحول ديموغرافي واضح. ويُعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض معدل الخصوبة، الذي بلغ نحو 1.34 طفل لكل امرأة، وهو أقل بكثير من المعدل العالمي المطلوب لضمان استدامة النمو السكاني (2.1 طفل).

كما أن معدل الهجرة السلبية، أي خروج المواطنين للعمل أو الاستقرار في الخارج دون دخول أعداد مماثلة من المهاجرين، ساهم في تراجع النمو السكاني. وبالرغم من قلة الوفيات نسبيًا، إلا أن عدد الولادات لم يعد كافيًا لمعادلة التوازن، ما يُنذر بتحديات مستقبلية على صعيد سوق العمل وتوزيع الموارد.

التركيبة العمرية للسكان في موريشيوس

تُظهر البيانات السكانية لعام 2025 أن موريشيوس تتجه نحو مجتمع هرِم. تبلغ نسبة الأطفال دون سن 15 عامًا حوالي 14.5% فقط، فيما يمثل السكان في سن العمل (15-64 عامًا) النسبة الأكبر بحوالي 71.4%. أما كبار السن الذين تجاوزوا 65 عامًا فيمثلون 14.1% من إجمالي السكان.

هذا الميل نحو الشيخوخة قد يُلقي بظلاله على الاقتصاد الوطني، إذ يتطلب زيادة الاستثمارات في الرعاية الصحية والتقاعد، في مقابل تراجع نسبي في الفئات المنتجة. ويشكل ذلك تحديًا حقيقيًا أمام الحكومة التي تسعى للحفاظ على التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.

التوزيع الجغرافي للسكان في موريشيوس

يتركز معظم سكان موريشيوس في المناطق الساحلية والمدن الكبرى، إذ تجذب العاصمة بورت لويس النسبة الأكبر منهم نظرًا لما توفره من فرص عمل وخدمات تعليمية وصحية متقدمة. كما تُعد مدن مثل بو باسن-روز هيل وكوربيب من أبرز التجمعات السكانية.

على الجانب الآخر، تشهد المناطق الداخلية والريفية تراجعًا في عدد السكان، نتيجة للهجرة الداخلية نحو المدن. ويؤدي هذا التوزيع غير المتوازن إلى تفاوتات تنموية بين المناطق، ما يستدعي تنفيذ خطط تنموية متكاملة لتوزيع الموارد بشكل عادل وتحقيق التنمية المتوازنة.

الخصائص الديموغرافية الأخرى في موريشيوس

تُعد موريشيوس من أكثر الدول تنوعًا عرقيًا وثقافيًا في العالم. يُشكل الهنود نسبة الأغلبية بين السكان، يليهم السكان من أصول إفريقية، ثم الأوروبيين والصينيين. ويُعتبر هذا التنوع عاملًا إيجابيًا في إثراء الحياة الاجتماعية والثقافية في البلاد، كما يُعزز التسامح والتعددية.

تنعكس هذه التعددية أيضًا في اللغات المستخدمة، حيث تُعتبر الكريولية الموريشيوسية اللغة الأكثر شيوعًا، إلى جانب الإنجليزية، اللغة الرسمية، والفرنسية التي تُستخدم على نطاق واسع في الإعلام والتعليم.

التحديات والفرص السكانية في موريشيوس

من أبرز التحديات السكانية التي تواجه موريشيوس حاليًا: انخفاض معدلات الخصوبة، وتزايد الشيخوخة، والهجرة السلبية. إلا أن هذه التحديات تحمل في طياتها فرصًا للتحول نحو اقتصاد معرفي قائم على التكنولوجيا، وتشجيع العودة من المهجر، وجذب الكفاءات الأجنبية.

كما يمكن لموريشيوس أن تستفيد من بنيتها التعليمية القوية ومستوى الخدمات الصحية المرتفع لتعزيز جودة الحياة وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاعات السياحة والتعليم العالي والبحث العلمي.

التعليم وأثره على السكان في موريشيوس

يُعد التعليم في موريشيوس من العوامل المؤثرة بشكل مباشر على طبيعة السكان ومستوى وعيهم الاجتماعي والاقتصادي. إذ تُولي الدولة اهتمامًا بالغًا بالقطاع التعليمي، حيث تصل نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية إلى 97%، وتتوفر مؤسسات تعليمية بجودة عالية في جميع أنحاء البلاد.

هذا المستوى المرتفع من التعليم يُعزز مشاركة المرأة في سوق العمل، ويُسهم في تأخير سن الزواج والإنجاب، وهو ما ينعكس على انخفاض معدل الخصوبة. كما أن التوسع في التعليم الجامعي يفتح آفاقًا جديدة أمام الشباب للعمل في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية.

الرعاية الصحية وتأثيرها على السكان في موريشيوس

تتمتع موريشيوس بنظام صحي متقدم نسبيًا مقارنة بجيرانها في المنطقة. وتُوفر الدولة الرعاية الصحية الأساسية مجانًا للمواطنين، مما أدى إلى انخفاض معدلات وفيات الأطفال وارتفاع متوسط العمر المتوقع ليصل إلى حوالي 75 عامًا.

يساعد هذا النظام الصحي في الحفاظ على استقرار ديموغرافي، إلا أنه يواجه تحديات متزايدة مع تقدم السكان في السن. وتُبذل جهود لتحديث البنية التحتية الصحية وتوسيع برامج الوقاية من الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، التي أصبحت شائعة بين الفئات العمرية الأكبر.