يُعد الفنان المصري عماد الراهب من الممثلين الذين تركوا بصمة في الساحة الفنية رغم قلة ظهوره الإعلامي مقارنة بكثير من زملائه. يتميز بحضوره الهادئ، وصوته الرزين، وملامحه التي ساعدته في تأدية أدوار مركبة تحمل طابعًا دراميًا وإنسانيًا. جمع بين التمثيل في المسرح والسينما والتلفزيون، وحرص خلال مشواره على انتقاء الأدوار التي تعكس قضايا مجتمعية وتعبر عن طبقات مختلفة من المجتمع المصري.
أقسام المقال
عماد الراهب: ديانته ونشأته
وُلد عماد الراهب في الثلاثين من يونيو عام 1970 بالقاهرة. ينتمي إلى الديانة المسيحية، وتربى وسط أسرة ذات طابع فني وثقافي، حيث كان والده يعزف آلة الكمان، مما ساهم في تكوين خلفية فنية متوازنة لديه منذ الطفولة. تأثر بالبيئة التي نشأ فيها، فبدأ يظهر اهتمامًا بالمسرح والفن التمثيلي في مراحل دراسته المبكرة.
كان دائم المشاركة في الأنشطة الفنية داخل المدرسة، وأظهر ميلًا كبيرًا للأداء التمثيلي، مما دفعه للالتحاق بالفرق المسرحية في الجامعة لاحقًا.
عماد الراهب: مسيرته التعليمية وبداياته الفنية
التحق الراهب بكلية العلوم – قسم الجيولوجيا – بجامعة عين شمس، حيث تخرج منها بدرجة البكالوريوس. رغم دراسته العلمية، إلا أن شغفه بالمسرح ظل يسيطر عليه. شارك في المسرح الجامعي منذ السنة الأولى، وهناك عرف طريقه إلى التمثيل الاحترافي.
بعد تخرجه، لم يتجه مباشرة إلى الشهرة، بل خضع لورش فنية وتدريبات على يد مخرجين كبار، وعمل لسنوات كممثل مساعد، مكتسبًا خبرات تدريجية. أول أعماله التلفزيونية كانت في أواخر التسعينيات، ومن هناك بدأ المشوار.
عماد الراهب: أبرز أعماله الفنية
قدم الراهب مجموعة من الأعمال التي تنوعت بين السينما والتلفزيون، واشتهر بتجسيده لأدوار معقدة نفسيًا واجتماعيًا. من أبرز المسلسلات التي شارك فيها: “سرايا عابدين”، “الهروب”، “ابن ليل”، “النار والطين”، “ربيع الغضب”، و”إسماعيل يس (أبو ضحكة جنان)”. كما ظهر في عدد من حلقات “مسلسلات كوم” ذات الطابع الساخر.
في السينما، شارك في أفلام منها: “السفارة في العمارة”، “إسكندرية نيويورك”، “توم وجيمي”، “أسرار عائلية”، و”أم النور”، والتي لاقت صدى جيدًا بين النقاد والجمهور.
من أحدث أعماله مسلسل “الحشاشين” الذي عرض في رمضان 2024، ولفت فيه الأنظار بأدائه البارع، بينما يُنتظر ظهوره في مسلسل “النص” خلال موسم 2025.
عماد الراهب: مشاركته في تياترو الصعيد
لم يكتفِ عماد الراهب بكونه ممثلًا، بل أخذ على عاتقه مسؤولية دعم الطاقات الجديدة. ساهم في مشروع “تياترو الصعيد” الذي يهدف إلى إعادة إحياء المسرح في محافظات جنوب مصر، وكان له دور بارز في التدريب والإشراف الفني على الشباب.
أبدى إعجابه الشديد بموهبة أبناء الصعيد، وأكد مرارًا أن تلك المناطق غنية بالمبدعين الذين يحتاجون فقط إلى من يمد لهم يد العون.
عماد الراهب: المواقف الشخصية وتأثيرها على حياته
مر الراهب بعدة محطات شخصية مؤثرة، كان من أبرزها استشهاد أحد أقاربه في حادث تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا، ما ترك أثرًا عميقًا في نفسه ودفعه للتأكيد على أهمية السلام والتسامح بين أطياف المجتمع.
كما تأثر بوفاة والدته في عام 2020، حيث كانت تمثل له الدعم المعنوي الكبير في حياته الفنية والشخصية. وقد شاركه العديد من جمهوره وأصدقائه الفنانين كلمات العزاء والدعم في هذا الموقف الإنساني المؤلم.
وفي تصريح شخصي مؤثر، كشف عماد أن زوجته لعبت دورًا كبيرًا في دعمه خلال فترات صعبة من حياته المهنية، وقال: “زوجتي تكفلت بالمصروفات المادية الخاصة بالبيت لفترة طويلة، وكانت سندًا لي حتى أتمكن من العودة للساحة الفنية بشروط تليق بي”. هذا الدعم العائلي كان له بالغ الأثر في استقراره واستمراره في الوسط الفني.
عماد الراهب: ورش التدريب وبناء جيل جديد
أسس عماد الراهب عدة ورش فنية لتدريب الأطفال والشباب على التمثيل، خاصة داخل الكنائس والمراكز الثقافية. ركز من خلالها على الجوانب النفسية في الأداء، وعلّم المتدربين كيف يعبرون عن مشاعرهم بصدق.
حرص في تدريبه على بث قيم مثل الصدق والاحترام وروح التعاون، وأصبح مثالًا يُحتذى به من قبل كثير من طلابه، الذين يعتبرونه فنانًا وإنسانًا ملتزمًا.
عماد الراهب: نظرته للفن والتزامه القيمي
يعتقد الراهب أن الفن ليس مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة لتغيير المجتمعات ونشر الوعي. يرفض الأعمال التي تعتمد على الإثارة أو الابتذال، ويصر على تقديم شخصيات ذات مغزى. هذا الالتزام جعله يعتذر عن عدد كبير من الأعمال التي لم يجد فيها القيمة التي ينشدها.
يؤمن بأن الفنان الحقيقي هو من يحمل رسالة، ويُعد نفسه أحد هؤلاء الذين يعتبرون التمثيل مهنة لها قدسية وتأثير طويل الأمد.