قوانين تربية الكلاب في بعض الدول العربية 

في السنوات الأخيرة، شهدت المجتمعات العربية تزايدًا ملحوظًا في عدد الأشخاص الذين يربّون الكلاب سواء كحيوانات أليفة أو لأغراض الحراسة. هذا الانتشار دفع الجهات التشريعية في العديد من الدول إلى فرض قوانين واضحة وصارمة لضمان سلامة المجتمع من جهة، وحماية حقوق الحيوان من جهة أخرى. تختلف هذه القوانين من دولة لأخرى، حيث تأخذ كل دولة في اعتبارها المعايير الثقافية والدينية والاجتماعية الخاصة بها.

مصر: ضبط السلوك العام عبر تشريعات حديثة

أصدرت الحكومة المصرية القانون رقم 29 لسنة 2023 الذي يضع إطارًا شاملاً لتنظيم حيازة الكلاب. يشترط هذا القانون الحصول على رخصة تربية لكل كلب، ويتم تحديد الرخصة حسب السلالة والغرض من اقتناء الحيوان. وتشمل الضوابط أيضًا:

  • التطعيم الإجباري ضد الأمراض المعدية، خاصة داء الكلب.
  • تكميم الكلاب في الأماكن العامة، وربطها بطوق وسلسلة بطول لا يتجاوز مترين.
  • إلزام أصحاب الكلاب بتسجيل بياناتهم لدى مديريات الطب البيطري.

كما شدد القانون على العقوبات التي قد تصل إلى السجن لمدة عام وغرامات مالية كبيرة في حالة التسبب في إصابات أو الوفاة نتيجة الإهمال.

السعودية: تربية الكلاب بين التشدد والتسهيل

في المملكة العربية السعودية، تُنظم تربية الكلاب من خلال لوائح تصدرها البلديات ووزارة البيئة والمياه والزراعة. رغم أن ثقافة تربية الكلاب المنزلية لا تزال غير منتشرة على نطاق واسع، إلا أن القوانين تسمح بذلك ضمن شروط:

  • منع إدخال بعض السلالات مثل البيتبول والتوسا إينو وغيرها.
  • الزام الحائزين بالتسجيل لدى الوزارة والحصول على بطاقة تعريف إلكترونية للحيوان.
  • توفير بيئة آمنة ونظيفة للحيوان، ومتابعة الرعاية البيطرية الدورية.

تفرض الجهات المختصة غرامات تصل إلى 50 ألف ريال في حال مخالفة الأنظمة، وقد تشمل العقوبة إبعاد الكلب ومصادرته.

الإمارات: رعاية دقيقة وتشريعات حازمة

تتصدر الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية من حيث تشريعات حيازة الحيوانات الأليفة. يشترط القانون الاتحادي رقم 22 لسنة 2016 تسجيل جميع الحيوانات لدى وزارة التغير المناخي والبيئة. كما تُلزم بلديات الإمارات:

  • بترخيص الكلب والتأكد من تطعيمه سنويًا.
  • عدم التجول بالكلاب في الأماكن العامة دون كمامة ورباط.
  • فرض غرامات تبدأ من 1000 درهم على المخالفين.

ويحظر اقتناء الكلاب التي تُصنَّف كسلالات خطرة مثل دوجو أرجنتينو، وفصائل الماستيف، وغيرها. ويُشجع القانون على التبني من الملاجئ بدلًا من الشراء التجاري.

الكويت: تشديدات على التربية داخل المنازل

تفرض الكويت ترخيصًا على جميع الكلاب المنزلية، بالإضافة إلى وجود قائمة بالسلالات غير المسموح بتربيتها. ويتطلب الحصول على الترخيص:

  • بيانات كاملة عن مالك الكلب وسلالته وغرض التربية.
  • فحصًا بيطريًا للتأكد من خلو الحيوان من الأمراض.
  • وضع شريحة تعريف إلكترونية (microchip).

كما تُمنع الكلاب من دخول الأماكن العامة أو المرافق الحكومية، إلا في حالات استثنائية. وتُصادر الكلاب غير المرخصة فورًا.

الأردن: رقابة على المربين ومراكز التدريب

في الأردن، تُشرف وزارة الزراعة على تنظيم حيازة الكلاب، ويُلزم كل حائز بالحصول على ترخيص وتجديده سنويًا. كما تُراقب الوزارة مراكز تدريب الكلاب وتفرض معايير صحية صارمة. ومن أبرز الضوابط:

  • تطعيم إلزامي ضد داء الكلب.
  • توفير سكن مناسب وبيئة نظيفة.
  • منع استخدام الكلاب في المصارعة أو الاستعراضات العنيفة.

وتُنفذ حملات توعية دورية في المدارس والمراكز المجتمعية لنشر ثقافة تربية الحيوانات بمسؤولية.

الجزائر: إدماج مفاهيم الرفق بالحيوان

الجزائر تسير بخطى متقدمة في مجال الرفق بالحيوان، ويُشترط حاليًا تسجيل الكلاب لدى مديريات الصحة البيطرية. كما أُدرجت برامج لتدريب رجال الأمن على التعامل مع الكلاب البوليسية. وتشمل الضوابط:

  • منع الاتجار غير المشروع في الكلاب عبر الأسواق العشوائية.
  • تقييد استخدام الكلاب لأغراض الحراسة التجارية بشروط صارمة.
  • توفير التدريب الإلزامي لمربي الكلاب لأول مرة.

وهناك اهتمام خاص بالجانب البيئي، حيث تُفرض غرامات على من يخلّف مخلفات كلبه في الأماكن العامة.

المغرب: تعزيز التشريعات والرقابة

في المغرب، تعمل السلطات على تقنين عملية تربية الكلاب وتحديث قوانينها بشكل دوري. يتطلب اقتناء الكلب تسجيله لدى الجهات البيطرية، ويشمل النظام:

  • إجبارية تكميم الكلاب عند الخروج.
  • منع بعض السلالات الخطرة التي تسبب تهديدًا للمجتمع.
  • فرض غرامات قد تصل إلى 5000 درهم للمخالفين.

كما تُنظم حملات لتشجيع التبني من الملاجئ، وتقديم الرعاية البيطرية مجانًا في بعض البلديات.

خاتمة: نحو تربية مسؤولة ومنظمة

إن التوجه العام في العالم العربي يسير نحو تعزيز الوعي والمسؤولية في تربية الكلاب، مع سن قوانين مرنة وحازمة في الوقت ذاته. وبينما تختلف التفاصيل من دولة لأخرى، تتفق الغالبية على أهمية تنظيم هذا المجال بما يحمي الإنسان والحيوان على حد سواء. ومن هنا، تبرز الحاجة المستمرة للتوعية والتعاون بين الجهات الحكومية والمواطنين، لضمان مجتمع آمن ومتوازن.