قوة جواز سفر إيران 

يُعتبر جواز السفر الإيراني وثيقة سفر رسمية أساسية تُمنح للمواطنين الإيرانيين بغرض تمكينهم من التنقل عبر الحدود الدولية، إلا أن حاملي هذا الجواز يواجهون تحديات كبيرة تتعلق بحرية التنقل والدخول إلى العديد من الدول حول العالم. تختلف قوة الجواز الإيراني من عام إلى آخر، وتتأثر بعوامل سياسية ودبلوماسية، كما أن تصنيفه الدولي يُعَدّ مؤشرًا دقيقًا على مدى حرية السفر التي يتمتع بها المواطن الإيراني. في هذا المقال، نستعرض التصنيفات الحديثة لجواز السفر الإيراني، وعدد الدول التي يسمح بدخولها دون تأشيرة، وأبرز التحديات التي تؤثر على قوته، إلى جانب تحليل واقعي لفرص تحسين وضعه مستقبلاً.

تصنيف جواز السفر الإيراني عالميًا

في عام 2025، حصل جواز السفر الإيراني على ترتيب متدنٍ نسبيًا في مؤشرات تصنيف الجوازات العالمية. ووفقًا لمؤشر هينلي (Henley Passport Index)، يحتل الجواز الإيراني المرتبة 96 عالميًا، ويتيح لحامله دخول 44 دولة فقط بدون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة أو مع إمكانية الحصول على تأشيرة عند الوصول. أما بحسب مؤشر “VisaIndex”، فيُصنف الجواز الإيراني في المرتبة 91 عالميًا مع نفس عدد الوجهات المفتوحة تقريبًا.

تعكس هذه التصنيفات حجم القيود المفروضة على السفر لحاملي الجواز الإيراني مقارنة بجوازات السفر القوية الأخرى، وتُظهر تأثير العوامل السياسية والعقوبات الدولية على التصنيف العام.

الدول التي يمكن لحاملي الجواز الإيراني السفر إليها بدون تأشيرة

رغم أن عدد الدول التي تسمح بدخول الإيرانيين دون تأشيرة محدود، إلا أنه يمثل نافذة تنقل مهمة. تسمح عدة دول لحاملي الجواز الإيراني بالدخول دون الحاجة إلى تأشيرة، وتشمل هذه الدول:

  • تركيا (حتى 90 يومًا)
  • أرمينيا (حتى 90 يومًا)
  • جورجيا (حتى 45 يومًا)
  • ماليزيا (حتى 14 يومًا)
  • فنزويلا (حتى 15 يومًا)
  • سوريا والعراق (بدون قيود تأشيرة في بعض الحالات)
  • الدومينيكا، وهايتي، وسريلانكا ضمن تسهيلات خاصة

توفر هذه الدول متنفسًا جزئيًا للمواطنين الإيرانيين الراغبين في السفر، لكنها تظل محدودة العدد وغالبًا ما تقع في مناطق جغرافية معينة أو ضمن دول ذات علاقات دبلوماسية خاصة مع طهران.

الدول التي توفر تأشيرة عند الوصول أو تأشيرة إلكترونية

تُعد التأشيرات عند الوصول أو الإلكترونية أحد الوسائل البديلة التي تُسهِّل على الإيرانيين الدخول إلى عدد من الدول، رغم أنها لا توفر مرونة كاملة مثل الدخول دون تأشيرة. ومن أبرز هذه الدول:

  • نيبال
  • سريلانكا
  • كينيا
  • تنزانيا
  • جزر القمر
  • مدغشقر
  • تيمور الشرقية
  • جزر المالديف

تعتبر هذه القائمة مفيدة للراغبين في السفر لأغراض السياحة أو الدراسة، لكنها تتطلب في معظم الحالات تجهيزات مُسبقة مثل دفع رسوم إلكترونية أو تقديم طلب مبكر.

التحديات التي تواجه جواز السفر الإيراني

يواجه جواز السفر الإيراني عددًا من التحديات المعقدة التي تؤثر على تصنيفه العالمي وقدرة المواطنين على السفر بحرية. من أبرز هذه التحديات:

  • العقوبات السياسية والاقتصادية المفروضة على إيران من قِبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
  • التوترات الدبلوماسية المتكررة مع العديد من الدول الغربية والآسيوية.
  • غياب اتفاقيات متبادلة للإعفاء من التأشيرات مع عدد كبير من الدول.
  • مخاوف أمنية لدى بعض الدول من دخول مواطنين إيرانيين، ما يؤثر على قرارات منح التأشيرات.

تجتمع هذه العوامل لتجعل من الصعب على حاملي الجواز الإيراني السفر بشكل مرن، حتى إلى دول الجوار في بعض الأحيان.

مقارنة بجوازات السفر الأخرى

عند مقارنة جواز السفر الإيراني بجوازات سفر دول أخرى، يظهر الفارق بوضوح. فمثلًا، يحتل جواز السفر السنغافوري المرتبة الأولى عالميًا، ويوفر لحامله حرية السفر إلى أكثر من 195 دولة دون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول. حتى جوازات دول مثل الإمارات وماليزيا والبرازيل توفر حرية تنقل أكبر بكثير.

هذا التفاوت لا يعكس فقط قوة الجواز بحد ذاته، بل يعبر عن قوة العلاقات الدولية والاستقرار السياسي والاقتصادي في بلد الإصدار.

تأثير السياسة الداخلية والخارجية على قوة الجواز

السياسات الخارجية الإيرانية لها دور مباشر في تصنيف جواز السفر. العلاقات المتوترة مع دول غربية كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تُساهم في فرض قيود على دخول المواطنين الإيرانيين إلى تلك الدول. من جهة أخرى، فإن أي تحسُّن في السياسة الخارجية قد يؤدي إلى إعادة فتح آفاق جديدة للتنقل.

أما من الناحية الداخلية، فإن قدرة الدولة على تحسين نظام جوازات السفر واعتماد تقنيات رقمية حديثة، مثل جوازات السفر البيومترية، يمكن أن تُعزز من موثوقيته دوليًا.

الآفاق المستقبلية لجواز السفر الإيراني

رغم الوضع الراهن، لا يُستبعد أن يشهد جواز السفر الإيراني تحسنًا في السنوات القادمة، خاصة إذا اتجهت إيران نحو تحسين علاقاتها الدولية وتوقيع اتفاقيات تنقل متبادلة مع دول أكثر. كما أن الانضمام إلى منظمات إقليمية أو دولية قد يسهم في تخفيف القيود.

كذلك، يمكن للسلطات الإيرانية تحسين ترتيب الجواز عبر زيادة الشفافية، تعزيز ثقة المجتمع الدولي، وتحسين نظام الأمن الحدودي، مما يرفع من فرص قبول الجواز في نقاط عبور جديدة.

كلمة أخيرة

جواز السفر ليس مجرد وثيقة تنقل، بل هو انعكاس حقيقي لمكانة الدولة في المجتمع الدولي. وفي حالة إيران، يُظهر تصنيف الجواز حجم التحديات السياسية والدبلوماسية التي تواجه البلاد، لكنه في الوقت ذاته يفتح باب الأمل بتحقيق تحسن حقيقي حال تغيرت المعطيات الدولية. حاملو الجواز الإيراني اليوم يأملون في مستقبل يوفر لهم حرية أكبر في السفر، وربما يكون هذا الهدف ممكنًا عبر الإصلاحات والعلاقات البناءة مع العالم.