لماذا تصدر القطة أصواتًا وهي نائمة

إذا كنت تربي قطة في منزلك، فمن المؤكد أنك لاحظت في إحدى الليالي أنها تصدر أصواتًا غريبة أثناء نومها. قد تكون هذه الأصوات مواء خافتًا، أو خرخرة متقطعة، أو حتى أصواتًا تشبه الأنين أو الشخير. ورغم أن الكثيرين يظنون أن نوم القطط هادئ مثل مظهرها أثناء الاستلقاء، فإن الحقيقة أن نومها يمكن أن يكون مليئًا بالحركة والأصوات. فما الأسباب التي تجعل القطة تصدر أصواتًا وهي نائمة؟ وهل هذا سلوك طبيعي أم مؤشّر على مشكلة صحية؟ هذا ما سنتعرف عليه خلال هذا المقال المفصل.

القطط تحلم كما يحلم البشر

تمر القطة خلال نومها بمراحل مختلفة، ومن أهم هذه المراحل مرحلة النوم العميق المعروفة بمرحلة حركة العين السريعة (REM). في هذه المرحلة، يكون الدماغ نشطًا إلى حد كبير، وقد تحدث فيها الأحلام. وقد أظهرت الدراسات أن القطط تحلم بالفعل، وقد تكون أحلامها متعلقة بأحداث يومها، مثل مطاردة حشرة، أو اللعب مع صاحبها، أو حتى مشاهد من الطبيعة. وأثناء الحلم، قد تصدر القطة أصواتًا ناتجة عن استجابتها لما تراه في الحلم، وقد تصاحب هذه الأصوات حركات جسدية مثل ارتعاش الشاربين أو تحريك الأقدام.

الخرخرة: أكثر من مجرد صوت للراحة

عادةً ما ترتبط الخرخرة بالرضا والراحة عند القطط، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن القطة قد تستمر في الخرخرة حتى وهي نائمة. تشير بعض الدراسات إلى أن الخرخرة قد تكون وسيلة ذاتية للشفاء، حيث أن الترددات التي تصدرها القطة أثناء الخرخرة قد تساهم في تجديد الأنسجة وتحسين صحة العظام والمفاصل. لذا، إن كانت قطتك تخرخر أثناء نومها، فقد تكون في حالة عميقة من الاسترخاء، أو قد تكون هذه طريقة جسمها في تعزيز الراحة.

الشخير عند بعض القطط أمر طبيعي

الشخير ليس حكرًا على البشر، فبعض القطط قد تصدر أصوات شخير واضحة أثناء النوم. هذا يحدث في الغالب عند القطط التي تنام في وضعية مضغوطة أو على ظهورها، أو تلك التي تعاني من مشكلات في مجرى التنفس. كما أن بعض السلالات مثل القط الفارسي والسيامي تكون أكثر عرضة للشخير بسبب تركيب الجمجمة والأنف. وفي حال لاحظت شخيرًا زائدًا أو مصحوبًا بانقطاع تنفس، يجب عرض القطة على الطبيب.

الأنين بسبب الألم أو الانزعاج

أحيانًا قد تصدر القطة أنينًا خافتًا أثناء نومها، وقد يكون هذا الأنين ناتجًا عن شعور داخلي بالألم. قد يكون السبب إصابة في المفاصل، أو مشكلة هضمية، أو حتى اضطراب عصبي. من المهم ملاحظة ما إذا كانت هذه الأصوات تتكرر بشكل منتظم، أو إذا كانت القطة تبدو منزعجة عند الاستيقاظ. في هذه الحالة، يفضل إجراء فحص شامل لدى الطبيب البيطري.

أصوات ناتجة عن اضطراب عصبي أو خلل في النوم

في حالات نادرة، قد تكون الأصوات التي تصدرها القطة أثناء النوم ناتجة عن اضطراب عصبي مثل الصرع الليلي أو اضطراب النوم الحركي. هذه الحالات قد تؤدي إلى نوبات حركية أو صوتية خلال النوم، وقد تكون مصحوبة برجفان أو حركات لا إرادية. إذا لاحظت أعراضًا مشابهة، فمن الضروري مراجعة مختص في الطب البيطري السلوكي أو العصبي.

التوتر والقلق كمحفز للأصوات الليلية

القطط مخلوقات حساسة، وقد يؤثر التوتر أو تغيير بيئتها بشكل كبير على نومها. إذا كانت القطة قد تعرضت لموقف مزعج خلال النهار، مثل صوت قوي أو زيارة ضيف غريب، فقد تستعيد هذه المشاعر أثناء النوم على شكل أحلام أو أصوات. كما أن القطط التي تعاني من الوحدة أو نقص التحفيز قد تُظهر سلوكًا غير معتاد أثناء النوم، من ضمنه المواء الليلي.

التقدم في السن وتغيرات السلوك الليلي

مع التقدم في العمر، قد تواجه القطة تغيرات في النوم بسبب متلازمة الخلل الإدراكي (Cognitive Dysfunction Syndrome). هذه الحالة تشبه إلى حد ما مرض الزهايمر لدى البشر، وتؤثر على الإدراك والسلوك والنوم. وقد تصدر القطة أصواتًا خلال الليل، أو تستيقظ فجأة في حالة من الارتباك، وتبدأ بالمواء دون سبب واضح. هذه الحالة تستدعي تقييمًا بيطريًا وخطة رعاية مناسبة.

هل أصوات القطة أثناء النوم مقلقة؟

لا تعتبر معظم الأصوات التي تصدرها القطة أثناء النوم مقلقة، بل هي جزء من سلوكها الطبيعي. ولكن إذا لاحظت زيادة ملحوظة في هذه الأصوات أو ظهور علامات تعب وإجهاد أو تغير في نمط الأكل والنشاط، فمن الأفضل التدخل الطبي. كل قطة لها نمط نوم خاص بها، وفهم هذا النمط يساعد المربي على التمييز بين السلوك الطبيعي وغير الطبيعي.

كيف تساعد قطتك على نوم أكثر هدوءًا

هناك خطوات بسيطة يمكن اتخاذها لتوفير بيئة نوم مثالية للقطة:

  • خصص مكانًا هادئًا ودافئًا لنوم القطة، بعيدًا عن الضوضاء والأنشطة البشرية.
  • احرص على توفير نمط يومي مستقر، فالقطة تحب الروتين وتشعر بالأمان فيه.
  • مارس بعض الأنشطة الترفيهية معها قبل النوم لمساعدتها على تفريغ طاقتها.
  • وفر لها سريرًا ناعمًا ومريحًا يساعدها على الاسترخاء.

خاتمة

في النهاية، تبقى القطط كائنات مدهشة وسلوكها أثناء النوم يعكس الكثير من جوانب حياتها النفسية والجسدية. الأصوات التي تصدرها ليست دائمًا مدعاة للقلق، لكنها أحيانًا تكون إشارات تستحق المراقبة والاهتمام. كلما تعمقنا في فهم لغتها غير المنطوقة، استطعنا تقديم رعاية أفضل تعزز من رفاهيتها وسعادتها.