يُعد سلوك العجن لدى القطط من الظواهر الملفتة التي تُثير فضول الكثير من المربين، حيث تقوم القطة بتحريك كفوفها الأمامية بطريقة متناوبة تشبه عملية “العجن” على البطانيات أو الأرائك أو حتى على أجساد أصحابها. هذا التصرف لا يرتبط فقط بالطفولة كما يعتقد البعض، بل هو سلوك متعدد الدوافع الجسدية والنفسية والاجتماعية التي تجعل منه جزءًا مهمًا من عالم القطط الغامض. في هذا المقال الموسّع، نستعرض أبرز الأسباب المحتملة وراء هذا السلوك، ونغوص في أعماق اللغة الجسدية للقطط لنفهم ما الذي تحاول قوله عندما تقوم بالعجن، مع تقديم نصائح للتعامل معه في المنزل.
أقسام المقال
- سلوك موروث من فترة الرضاعة
- علامة على الراحة والثقة
- ترك رائحتها وتحديد الإقليم
- تهيئة المكان للنوم أو الاسترخاء
- طريقة للتفاعل الاجتماعي وإظهار الحب
- تنظيم التوتر والانفعالات الداخلية
- تمرين طبيعي للعضلات والمفاصل
- سلوك مرتبط بالخصوبة
- عجن الأشخاص المفضلين دون الآخرين
- هل يُمكن منع العجن أو تقنينه؟
- حالات مرضية قد تسبب العجن المفرط
- خاتمة
سلوك موروث من فترة الرضاعة
أحد التفسيرات الرئيسية التي يتفق عليها علماء السلوك الحيواني هو أن حركة العجن تبدأ منذ اللحظات الأولى لحياة القطة عندما ترضع من أمها، حيث تساعد هذه الحركة في تحفيز تدفق الحليب. ومع أن القطة تكبر وتتوقف عن الرضاعة، إلا أن هذا السلوك يستمر معها كمصدر شعور بالاطمئنان والحنين لتلك المرحلة الآمنة من حياتها. يظل هذا الارتباط النفسي قويًا حتى في مراحل البلوغ، ويظهر كلما شعرت القطة بالارتياح.
علامة على الراحة والثقة
حينما تبدأ القطة بالعجن وهي تجلس في حضنك أو على وسادة مريحة، فإنها بذلك تُظهر درجة عالية من الراحة والثقة. هذا السلوك غالبًا ما يُرافقه خرير ناعم يدل على الاسترخاء. وجود هذا السلوك في هذه اللحظات يشير إلى أن القطة تشعر بالأمان التام في محيطها، وأنها ترى في المكان أو الشخص مصدرًا للدعم النفسي.
ترك رائحتها وتحديد الإقليم
القطط مخلوقات إقليمية بالفطرة، وتعتمد على حاسة الشم أكثر من الرؤية للتعرف على بيئتها. يوجد في كفوفها غدد تفرز روائح خاصة تُستخدم لتعليم المناطق. عندما تقوم القطة بالعجن، فإنها تترك رائحتها على المكان، ما يُشكل رسالة للقطط الأخرى مفادها أن هذا المكان يعود لها. هذا يفسر تكرارها للعجن في نفس الأماكن المحببة لها.
تهيئة المكان للنوم أو الاسترخاء
سلوك العجن قد يكون متجذرًا في طبيعة القطط البرية، حيث كانت تجهز الأعشاب وأماكن النوم لتصبح أكثر راحة وأمانًا. تستمر القطط المنزلية بهذا السلوك رغم اختلاف البيئة، وتقوم بتهيئة الأقمشة الناعمة قبل الاستلقاء، مما يُعزز الإحساس بالطمأنينة الجسدية والنفسية.
طريقة للتفاعل الاجتماعي وإظهار الحب
في كثير من الحالات، يُعبّر العجن عن ارتباط عاطفي بصاحب القطة. فإذا بدأت القطة بالعجن على ساقيك أو على صدرك، فإنها بذلك توصل رسالة غير لفظية تحمل معاني الحب والانتماء. يعتبر كثير من مربي القطط هذا السلوك من أكثر التصرفات الحنونة، خصوصًا عندما تقترن بنظرات هادئة ومواء خفيف.
تنظيم التوتر والانفعالات الداخلية
تمامًا كما قد يلجأ الإنسان إلى بعض السلوكيات للتنفيس عن القلق، مثل قضم الأظافر أو اللعب بالقلم، فإن القطط كذلك قد تستخدم العجن لتخفيف التوتر. في حالات الانتقال إلى بيت جديد أو وجود ضيوف أو حيوانات غريبة، يُلاحظ على القطة العودة إلى العجن كوسيلة لتفريغ التوتر الداخلي وتهدئة النفس.
تمرين طبيعي للعضلات والمفاصل
العجن ليس فقط سلوكًا نفسيًا، بل هو تمرين عضلي أيضًا. عندما تقوم القطة بتطبيق ضغط بالتناوب بين الكفوف، فإنها تقوم بتحريك عضلات اليد والكتف والظهر. هذا النشاط يساعدها في الحفاظ على مرونة عضلاتها، لا سيما بعد فترات النوم الطويلة، مما يجعل العجن أداة فعالة لتنشيط الدورة الدموية.
سلوك مرتبط بالخصوبة
في بعض الحالات، تظهر سلوكيات العجن خلال فترة الشبق عند القطط الإناث. قد يصاحب هذا السلوك مواءً خاصًا أو اتخاذ وضعية معينة تُشير إلى الجاهزية للتزاوج. في هذه المرحلة، يكون العجن جزءًا من طقوس التزاوج، خصوصًا لدى القطط التي لم يتم تعقيمها.
عجن الأشخاص المفضلين دون الآخرين
من المثير للاهتمام أن القطة قد تعجن أحد أفراد الأسرة بينما تتجاهل الآخرين. هذا التصرف يعكس ارتباطًا انتقائيًا مبنيًا على التفاعل اليومي والعاطفي. العجن في هذه الحالة يُمكن اعتباره وسيلة لتمييز الشخص الأكثر قربًا عاطفيًا لها.
هل يُمكن منع العجن أو تقنينه؟
إذا كانت القطة تعجن بطريقة تسبب خدوشًا أو تلفًا للملابس، فيُنصح بعدم عقابها لأنها لا تدرك أن سلوكها مزعج. الأفضل توفير وسائد أو بطانيات خاصة لها يمكن أن تعجن عليها بحرية. كما يُمكن قص أظافرها بانتظام لتقليل الأضرار. أما إذا أصبح العجن مفرطًا ومصحوبًا بسلوكيات أخرى مقلقة، فهنا يُفضل استشارة طبيب بيطري.
حالات مرضية قد تسبب العجن المفرط
العجن غالبًا ما يكون سلوكًا طبيعيًا، لكن في بعض الأحيان قد يكون مؤشرًا على اضطرابات مثل القلق المزمن أو الألم الجسدي. القطة التي تعجن بشكل مستمر ومصحوب بلعق مفرط أو مواء حاد قد تكون بحاجة إلى تقييم طبي. العناية بصحة القطة النفسية والجسدية أمر ضروري لفهم سبب هذا السلوك عند خروجه عن المألوف.
خاتمة
العجن سلوك مُعقّد يحمل في طياته الكثير من المعاني العاطفية والبدنية والاجتماعية. هو ليس فقط عادة من الطفولة، بل لغة تعبّر بها القطة عن مشاعرها واحتياجاتها الداخلية. الفهم الجيد لهذا السلوك يُمكن أن يُعمّق العلاقة بين القطة وصاحبها، ويُساعد على بناء بيئة منزلية مريحة وآمنة تُناسب غرائزها وطبيعتها.