ما أسباب الإسهال المفاجئ عند القطط

يتفاجأ الكثير من مربّي القطط عند ملاحظة تغيّرات مفاجئة في سلوك قطتهم الصحية، ومن أكثر الأعراض إزعاجًا وقلقًا هو الإسهال المفاجئ. ورغم أنه قد يكون عرضًا مؤقتًا نتيجة سبب بسيط، إلا أنه في أحيان كثيرة يعكس خللًا داخليًا أو مشكلة صحية أعمق تستدعي التدخل السريع. القطط، كونها كائنات حساسة بطبيعتها، قد تتأثر بأدق التفاصيل في بيئتها أو غذائها، ما يجعل تتبّع السبب الحقيقي وراء الإسهال أمرًا يحتاج إلى دقة واهتمام. في هذا المقال المفصّل، نستعرض بتوسع جميع الأسباب المحتملة وراء الإسهال المفاجئ عند القطط، ونتطرق إلى الحالات الشائعة والنادرة منها، كما نقدم نصائح مهمة للمربين حول الوقاية والتعامل السليم مع هذه الحالة المقلقة.

التغييرات الغذائية المفاجئة

من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإسهال عند القطط هو التغيير المفاجئ في نوعية أو مكونات الطعام. الجهاز الهضمي للقطط معتاد على نظام غذائي معين، وأي إدخال لطعام جديد أو تغيير في العلامة التجارية لأغذية القطط قد يتسبب في حدوث اضطراب هضمي. حتى إدخال مكافآت جديدة أو بقايا طعام الإنسان يمكن أن يزعج المعدة. لذلك، يُنصح بإجراء التغيير الغذائي بشكل تدريجي على مدار 7 إلى 10 أيام، عبر خلط الطعام القديم بالجديد بنسبة متزايدة تدريجيًا حتى يتم التبديل الكامل دون إرباك الجهاز الهضمي.

تناول أطعمة ملوثة أو مواد غير صالحة للأكل

القطط بطبعها تحب الاستكشاف، وقد تجدها تأكل نباتات زينة أو تلعق مواد تنظيف أو تتناول طعامًا فاسدًا أو مكشوفًا في المطبخ أو القمامة. كل هذه المواد غير مخصصة للاستهلاك الحيواني، وقد تسبب اضطرابًا هضميًا شديدًا يؤدي إلى إسهال حاد، وأحيانًا قيء وفقدان شهية. كما أن بعض القطط تقوم بلعق أكياس بلاستيكية أو أقمشة، وهذه المواد قد تُحدث انسدادًا جزئيًا في الأمعاء يصاحبه إسهال أو أعراض أخرى مثل الانزعاج عند لمس البطن أو صعوبة في التبرز.

الإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية

القطط يمكن أن تصاب بعدوى بكتيرية مثل السالمونيلا أو الإشريكية القولونية، أو بعدوى فيروسية مثل فيروس البارفو أو الكاليسي، وجميعها قد تؤدي إلى أعراض هضمية حادة تتضمن الإسهال. العدوى قد تنتقل من قطط أخرى أو من البيئة الملوثة، وتكون القطط الصغيرة أو ذات المناعة الضعيفة أكثر عرضة للإصابة. وفي بعض الحالات، قد يصاحب الإسهال ارتفاع في الحرارة وخمول شديد. ويُعد التشخيص البيطري والتحاليل المخبرية أمرًا ضروريًا في هذه الحالة لتحديد نوع العدوى ووصف العلاج المناسب.

الطفيليات المعوية والمسببات الداخلية

تُعتبر الطفيليات أحد أكثر الأسباب شيوعًا للإسهال عند القطط، خاصة القطط الصغيرة أو التي لم تتلق تطعيماتها وجرعاتها الوقائية بانتظام. من أشهر هذه الطفيليات: الديدان الأسطوانية، الشريطية، والجيارديا. تظهر أعراضها عادة في شكل براز لين أو مائي، مصحوب أحيانًا بدم أو مخاط. وجود رائحة كريهة جدًا للبراز يمكن أن يكون مؤشرًا على الإصابة بالطفيليات. من المهم أن تُجرى فحوصات برازية دورية، حتى وإن لم تظهر أعراض واضحة، لأن بعض القطط قد تكون حاملة للطفيليات دون أن تظهر عليها علامات واضحة.

عدم تحمل الطعام أو الحساسية الغذائية

بعض القطط تعاني من تحسس تجاه أنواع معينة من البروتينات الحيوانية مثل الدجاج أو السمك، أو حتى تجاه الحبوب ومشتقات الحليب. هذا التحسس يظهر في صورة اضطرابات هضمية تشمل الإسهال والغازات أحيانًا، كما قد تظهر أعراض جلدية مثل الحكة وتساقط الشعر. في هذه الحالات، يُنصح بتجربة نظام غذائي خاص للحساسية أو الطعام المخصص للقطط التي تعاني من مشكلات هضمية، مع مراقبة التحسن خلال أسبوعين على الأقل.

الإجهاد النفسي والتغيرات السلوكية

من الأمور التي قد يجهلها الكثيرون أن القطط تتأثر نفسيًا بشكل كبير، وتُظهر هذا التأثر عبر أعراض جسدية مثل الإسهال. الانتقال إلى منزل جديد، وصول حيوان جديد، تغيير في روتين البيت، أو حتى غياب أحد أفراد الأسرة بشكل مفاجئ يمكن أن يكون مسببًا لاضطراب نفسي. القطط المرهفة بشكل خاص قد تُظهر سلوكيات انعزالية، رفضًا للطعام، أو اضطرابات معوية، وكلها مؤشرات تستوجب دعمًا نفسيًا وتهيئة بيئة أكثر استقرارًا لها.

التسممات وتناول مواد سامة

تناول نباتات مثل الزنبق أو التوليب، أو منتجات التنظيف المنزلية، أو حتى بعض الأدوية البشرية يمكن أن يكون مميتًا للقطط. أحد أعراض التسمم الأكثر شيوعًا هو الإسهال، وقد يصاحبه رعشة، ترنح، قيء، أو إفرازات زائدة من الفم. عند الاشتباه في حالة تسمم، يجب التوجه للطبيب البيطري فورًا وعدم الانتظار، لأن سرعة التدخل تلعب دورًا كبيرًا في فرص إنقاذ القطة.

الأدوية وتأثيرها الجانبي

في بعض الأحيان، يُلاحظ ظهور الإسهال بعد إعطاء القطة دواءً معينًا، وخاصة المضادات الحيوية أو أدوية الطفيليات. هذه الأدوية قد تؤثر على توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، مما يسبب اضطرابات هضمية. يمكن تقليل هذا التأثير عبر استخدام مكملات البروبيوتيك أثناء العلاج، أو عبر مراجعة الطبيب البيطري لتعديل الجرعة أو نوع الدواء.

الأمراض المزمنة والمشكلات العضوية

بعض القطط تعاني من أمراض مزمنة تؤثر على الجهاز الهضمي مثل أمراض الكبد، البنكرياس، أو الأمعاء الالتهابية. في هذه الحالات، يكون الإسهال عرضًا متكررًا لا يستجيب للعلاجات التقليدية بسهولة، ويستلزم خطة علاج طويلة الأمد. التشخيص يتم عادة عبر فحوصات دم شاملة وصور أشعة، وأحيانًا منظار معوي. التغذية الخاصة لهذه الحالات ضرورية للحفاظ على استقرار الحالة.

التعامل السليم وطرق الوقاية

لمنع الإسهال أو التعامل معه بفعالية، يجب مراعاة تقديم طعام عالي الجودة ومناسب لعمر القطة وحالتها الصحية، مع التأكد من صلاحية الطعام وتخزينه بطريقة سليمة. يُنصح أيضًا بتقديم مياه نظيفة وتغييرها بانتظام. ومن الضروري إجراء زيارات بيطرية دورية حتى في غياب الأعراض، لأن الكشف المبكر يقلل من احتمالات تطور الأمراض. في حال ظهور الإسهال، يُفضّل منع الطعام لمدة 12 ساعة (للقطط البالغة فقط) مع تقديم الماء فقط، ثم إعادة تقديم الطعام بشكل تدريجي ومراقبة الاستجابة.

متى يصبح الإسهال خطرًا؟

في حالات معينة، قد يشكل الإسهال تهديدًا مباشرًا لحياة القطة، خاصة إذا كان مستمرًا لأكثر من يومين، أو صاحبه دم أو فقدان شهية أو خمول. القطط الصغيرة أو المسنة تتعرض للجفاف بسرعة، مما قد يؤدي إلى فشل في الأعضاء إن لم يتم تدارك الحالة. لذا فإن القاعدة الذهبية هي: إذا استمر الإسهال أكثر من 24 ساعة أو صاحبه أعراض أخرى، يجب مراجعة الطبيب فورًا.