يُعد محمود حميدة من أبرز نجوم الفن المصري الذين تركوا بصمة لا تُمحى في السينما والدراما بفضل موهبته الاستثنائية وحضوره القوي. وُلد في القاهرة يوم 7 ديسمبر 1953، ونشأ في بيئة شجعته على حب الفن منذ صغره. بعد مسيرة تعليمية تنقل فيها بين كلية الهندسة دون إكمالها، تخرج من كلية التجارة عام 1981، لكنه اختار التمثيل طريقًا عبر فرق المسرح المدرسي والجامعي. اشتهر بحبه للثقافة والشعر، خاصة أعمال فؤاد حداد، وقدرته على تقديم شخصيات متنوعة بين الجدية والخفة، مما جعله اسمًا لامعًا في عالم الفن.
أقسام المقال
ما معنى “محمود حميدة بالصاجات”؟
يرتبط تعبير “محمود حميدة بالصاجات” بلحظة سينمائية خالدة من فيلم “قط وفار” عام 2015، حيث ظهر الفنان في دور عباس القط، وزير الداخلية، وهو يرقص بعباءة صعيدية ممسكًا بـ”الصاجات”، تلك الآلة الإيقاعية الشعبية. المشهد، الذي جاء في سياق كوميدي ساخر، لم يكن مجرد رقصة عابرة، بل تحول إلى رمز بفضل تفاعل الجمهور. قام المشاهدون بدمج هذه الرقصة مع مقطع من أغنية “قولوله سماح” لتامر عاشور، حيث تقول كلماتها “بموت جوايا وببكي على حالي وأحزاني اللي جيالي”، ليصبح تعبيرًا عن “الرقص على الأحزان”، وهي حالة تجمع بين الفرح الظاهري والألم الداخلي.
هذا التركيب الإبداعي جعل “محمود حميدة بالصاجات” عبارة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تحول المشهد إلى فيديوهات وصور متحركة تعبر عن التناقضات الحياتية بطريقة طريفة. استخدام “الصاجات” أضاف طابعًا شعبيًا أصيلًا، يعكس روح الفكاهة المصرية، بينما أداء محمود حميدة أبرز قدرته على الجمع بين الجدية التي تفرضها شخصيته كوزير والخفة التي أضفتها الرقصة. حتى اليوم، يظل المشهد حاضرًا كجزء من الذاكرة الشعبية، مؤكدًا تأثير الفنان في خلق لحظات لا تُنسى.
محمود حميدة في “قط وفار”
فيلم “قط وفار”، الذي صدر في 21 يناير 2015، من إخراج تامر محسن وكتابة وحيد حامد، يعد واحدًا من الأعمال التي مزجت بين الكوميديا الساخرة والنقد الاجتماعي. يجسد محمود حميدة شخصية عباس القط، وزير الداخلية المتسلط الذي قطع صلته بجذوره الشعبية، بينما يخوض صراعًا مع حمادة الفار (محمد فراج)، عامل نظافة فقير يسعى لاستعادة جثة والدته التي توفيت في منزل الوزير. المشهد الشهير بالصاجات جاء كجزء من رؤية المخرج لإبراز التناقض بين السلطة والشعب، حيث استخدمت “الصاجات” كرمز للجذور التي تخلى عنها عباس، مما أضاف عمقًا رمزيًا للكوميديا.
المخرج تامر محسن كشف في تصريحات سابقة أنه “استفز” محمود حميدة لاستخراج أفضل ما لديه في هذا الدور، وهو ما تجلى في الرقصة التي أصبحت حديث الجماهير. الفيلم حصد جوائز مثل أفضل سيناريو من مهرجان جمعية الفيلم للسينما المصرية، وأشاد النقاد بأداء حميدة الذي جمع بين النضج والطرافة دون مبالغة، مما جعل المشهد نقطة تحول في إدراك الجمهور لقدراته الكوميدية.
محمود حميدة وبداياته الفنية
بدأ محمود حميدة مشواره من التلفزيون بمسلسل “الأزهر الشريف منارة الإسلام” عام 1982 بدور صغير أظهر موهبته الواعدة. لم يكتفِ بذلك، بل صقل مهاراته عبر فرق المسرح الهواة والجامعي، مما شكل أساسًا متينًا لمسيرته. اهتمامه بالرقص في شبابه أضاف بُعدًا لشخصيته، حيث اعتبره وسيلة للانضباط والتعبير، وهو ما ظهر لاحقًا في أدواره التي تتطلب الحركة والتلقائية كما في “قط وفار”. هذه البدايات مهدت لانطلاقته السينمائية التي عززت مكانته كأحد أهم نجوم جيله.
أهم أعمال محمود حميدة السينمائية
اقتحم حميدة السينما بفيلم “الإمبراطور” عام 1990 مع أحمد زكي، معلنًا بداية مسيرة حافلة. تألق في “شمس الزناتي” مع عادل إمام بأداء خفيف الظل، وفي “جنة الشياطين” عام 1999 حيث ضحى بأسنانه لمصداقية الدور. أما “قط وفار” فقد أضاف لحظة كوميدية خالدة، بينما أعمال مثل “المصير” و”دانتيلا” أكدت قدرته على تقديم شخصيات معقدة. في 2015، شهد نشاطًا كبيرًا مع أفلام أخرى مثل “ريجاتا” بدور تاجر أسلحة، و”نوارة” الذي تناول ثورة يناير، مما يبرز تنوعه الفني.
محمود حميدة في الدراما التلفزيونية
لم يقتصر نجاحه على السينما، بل ترك بصمة في التلفزيون بأعمال مثل “أبيض وأسود” مع صلاح ذو الفقار، و”حارة الشرفاء” الذي عكس قربه من الشخصيات الشعبية. كما تألق في “الوسية” و”هارلي”، مؤكدًا أن موهبته لا تعرف حدودًا بين الشاشات. أداؤه في هذه المسلسلات جعله عنصرًا أساسيًا في الدراما المصرية على مر السنين.
أحدث أعمال محمود حميدة حتى 2025
حتى مارس 2025، يواصل محمود حميدة نشاطه الفني. شارك في فيلم “الملحد” الذي أُجل عرضه لأسباب غير معلنة رغم تصريحه في 2024، وظهر في مسلسل “موعد مع الماضي” الذي أضاف لرصيده الدرامي. في مهرجان القاهرة السينمائي 2024، عبر عن سعادته بالتكريمات التي تكلل مسيرته، وألمح إلى خطط لأعمال جديدة في رمضان 2025 دون تفاصيل واضحة، مما يشير إلى استمرار عطائه الفني.
حياة محمود حميدة الشخصية
تزوج محمود حميدة مرتين، الأولى من سهير وأنجب منها بناته أسماء وإيمان وأمينة، والثانية من مها في التسعينيات بدافع الحب. تحدث عن شبابه بصراحة، لكنه استقر عائليًا لاحقًا. حفيده محمود جونيور بدأ يظهر ميولًا فنية، مما يوحي باستمرار إرثه. يعرف عنه حبه للخصوصية، لكنه لا يتردد في مشاركة جوانب من حياته تعكس إنسانيته.
محمود حميدة ودعمه للمواهب الشابة
لم يكتفِ بالتمثيل، بل ساهم في دعم الفن عبر تأسيس شركة “البطريق” للإنتاج ومجلة “الفن السابع”. هذا الجانب يعكس رؤيته لتطوير السينما المصرية وتشجيع المواهب الجديدة، حيث سعى لتقديم أعمال مواكبة للعصر. تعاونه مع مخرجين شباب مثل تامر محسن في “قط وفار” يؤكد التزامه بهذا الهدف.
مواقف محمود حميدة الإنسانية
عبر الفنان عن استيائه من الأحداث الفلسطينية في 2024، مشيرًا إلى “الوحشية” التي يصمت عنها العالم. كما كشف عن حزنه لوفاة مدير أعماله محمد شيخون، واصفًا إياه بالشخص الوحيد الذي بكى عليه، في دلالة على عمق علاقاته. هذه المواقف تبرز جانبه الإنساني بعيدًا عن الأضواء.