محمود حميدة وأحمد زكي

يُعدّ محمود حميدة وأحمد زكي من أبرز نجوم الفن المصري الذين تركوا بصمة لا تُمحى في السينما والدراما العربية. الأول، ممثل متعدد المواهب بدأ مسيرته من التلفزيون ثم انتقل إلى السينما بقوة، والثاني، أسطورة التمثيل التي اشتهرت بقدرتها الفائقة على تقمّص الشخصيات وتقديم الأدوار المعقدة. جمعتهما أعمال سينمائية مميزة في فترة التسعينيات، وإن لم تكن كثيرة، إلا أنها كانت كافية لتظهر تفاعلًا فنيًا استثنائيًا بينهما، حيث تبادلا الأدوار بسلاسة أذهلت الجمهور والنقاد على حد سواء.

تعاون محمود حميدة وأحمد زكي في ثلاثية سينمائية لا تُنسى

بدأت العلاقة الفنية بين محمود حميدة وأحمد زكي في أوائل التسعينيات، وتحديدًا مع فيلم “الإمبراطور” عام 1990. في هذا العمل، جسّد أحمد زكي شخصية تاجر مخدرات يُدعى “زينهم”، بينما لعب محمود حميدة دور “إبراهيم”، الذراع الأيمن لهذا الزعيم الإجرامي. كان الفيلم بمثابة انطلاقة قوية لمحمود حميدة في السينما، حيث برزت موهبته إلى جانب أداء أحمد زكي القوي. ثم جاء التعاون الثاني في فيلم “الباشا” عام 1993، حيث قدم أحمد زكي دور ضابط شرطة، بينما لعب محمود حميدة شخصية صاحب ملهى ليلي، وأظهر الثنائي تناغمًا فنيًا رائعًا. أما اللقاء الأخير فكان في فيلم “الرجل الثالث” عام 1995، الذي شاركتهما فيه ليلى علوي، ليختتما بهذا العمل مسيرة تعاون قصيرة لكنها عميقة الأثر.

بدايات محمود حميدة جاءت من التلفزيون

انطلق محمود حميدة في عالم الفن من بوابة التلفزيون، حيث شارك في مسلسلات مثل “حارة الشرفاء” و”الوسية” في ثمانينيات القرن الماضي. لم يكن يرى نفسه ممثلاً في البداية، بل كان يميل إلى التجارة بعد حصوله على بكالوريوس في هذا المجال عام 1981. لكن شغفه بالتمثيل دفعه لخوض التجربة، وبعد أول ظهور سينمائي له مع أحمد زكي في “الإمبراطور”، تحولت مسيرته إلى السينما بشكل كامل، ليصبح واحدًا من أبرز نجوم جيله.

أحمد زكي يتربع على عرش التمثيل الدرامي

بدأ أحمد زكي مشواره الفني من المسرح، حيث كان أول ظهور له في مسرحية “حمادة ومها” عام 1967، وهو لا يزال طالبًا في المعهد العالي للفنون المسرحية. بعد تخرجه عام 1973، انتقل إلى السينما، وبدأ بأدوار صغيرة حتى حصل على أول بطولة مطلقة في فيلم “شفيقة ومتولي” مع سعاد حسني. تميز بقدرته على تقديم الأدوار التراجيدية والدرامية، مما جعله يُطلق عليه لقب “النمر الأسود”، وهو عنوان أحد أفلامه الشهيرة.

محمود حميدة يواصل تألقه حتى اليوم

لم يتوقف محمود حميدة عند تجاربه مع أحمد زكي، بل واصل تقديم أعمال سينمائية وتلفزيونية متنوعة. من أبرز أفلامه “المصير” و”دانتيلا”، بينما تألق في مسلسلات مثل “زين العطار” و”ما وراء النهر”. آخر أعماله كان فيلم “الغسالة” عام 2020، حيث شارك نجومًا شبابًا مثل أحمد حاتم وهنا الزاهد، مُثبتًا قدرته على التكيف مع أجيال مختلفة في الساحة الفنية.

أهم أعمال أحمد زكي التي خلّدت اسمه

ترك أحمد زكي إرثًا فنيًا ضخمًا، حيث شارك في ستة أفلام ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري، منها “البريء”، “زوجة رجل مهم”، و”الحب فوق هضبة الهرم”. كما قدم شخصيات تاريخية مثل جمال عبد الناصر في “ناصر 56″، وأنور السادات في “أيام السادات”. آخر أفلامه كان “حليم” عام 2006، الذي أكمله ابنه هيثم أحمد زكي بعد وفاته في 2005، ليُنهي مسيرة حافلة بالإبداع.

علاقة محمود حميدة وأحمد زكي خارج الشاشة

على الرغم من التناغم الفني بينهما، كشف محمود حميدة في لقاءات سابقة أنه لم يكن يحب بعض جوانب شخصية أحمد زكي المزاجية، خاصة ميله للعزلة وقطع التواصل مع الآخرين. لكنه أشار إلى أن علاقتهما ظلت مستمرة، ووصفه ذات مرة بـ”السند الأول”، في إشارة إلى دعمه له في بداياته السينمائية. هذا التناقض بين الانسجام الفني والتباعد الشخصي أضاف عمقًا لقصة الثنائي.

أعمال أخرى لمحمود حميدة وأحمد زكي تستحق الاكتشاف

بعيدًا عن تعاونهما، قدم محمود حميدة أفلامًا مثل “حرب الفراولة” ومسلسلات إذاعية كـ”أيام الحب والجنون”، بينما أبدع أحمد زكي في “إسكندرية ليه” و”الراعي والنساء”. هذه الأعمال تُظهر تنوع مواهبهما وقدرتهما على التأثير في الجمهور عبر أنواع فنية مختلفة، مما يجعل كل منهما رمزًا لا يُنسى في تاريخ الفن المصري.