في عالم الفن المصري، يبرز اسم محمود عزب كأحد ألمع نجوم الكوميديا الساخرة، حيث اشتهر بموهبته الاستثنائية في تقليد الفنانين والشخصيات العامة بأسلوب يجمع بين الدقة والفكاهة. بدأ رحلته منذ التسعينيات، ليصبح لاحقًا رمزًا للضحك الذكي من خلال برامج مثل “عزب شو”، التي صنعت له مكانة خاصة في قلوب الجمهور. لم يكتفِ عزب بتقديم الكوميديا فقط، بل أثبت في السنوات الأخيرة قدرته على التألق في الدراما، كما في مسلسل “قلبي ومفتاحه” عام 2025، ليؤكد أنه فنان متعدد الأوجه. في هذا المقال، نغوص في عالم تقليد الفنانين الذي أتقنه عزب، مع لمحات عن مسيرته التي امتدت لعقود.
أقسام المقال
بداية محمود عزب في تقليد الفنانين
انطلق محمود عزب في عالم التقليد منذ طفولته، حيث كان يبهر من حوله بمحاكاة أصوات وحركات الشخصيات المعروفة. أولى خطواته الجادة جاءت في عرض بسيط بمنطقة الحسين، حيث تقابل مع الفنان سمير الإسكندراني، وحصل على أجر متواضع لا يتجاوز 5 جنيهات. تلك اللحظة كانت شرارة البداية، إذ أدرك عزب أن موهبته يمكن أن تتحول إلى مهنة. مع الوقت، طوّر أداءه بعد أن شاهد طالبًا جامعيًا يقلد ببراعة، مما دفعه للارتقاء بفنه ليصبح لاحقًا نجمًا لا يُضاهى في هذا المجال.
محمود عزب يثير الجدل بتقليد محمد منير
من أبرز المحطات في مسيرة محمود عزب، تقليده للفنان محمد منير، الذي أثار ضجة كبيرة. في إحدى الحفلات، قدّم عزب تقليدًا لـ”الكينج” بطريقة كوميدية لفتت الأنظار، لكنها لم تعجب منير نفسه. اتصل الأخير بعزب معاتبًا، قائلاً: “كفاية تهريج”، بعد أن كرر تقليده في أكثر من مناسبة. رغم ذلك، أكد عزب أن تقليده كان من باب الإعجاب، مشيرًا إلى أن منير كان الاستثناء الوحيد الذي عبر عن استيائه من بين عشرات الفنانين الذين قلدهم، مما يظهر مدى حساسية هذا الفن وتأثيره.
تطور محمود عزب في فن التقليد
لم يكن محمود عزب مجرد مقلد عابر، بل فنان جعل من التقليد فنًا له رسالة. بدأ بتقليد شخصيات مثل سمير الإسكندراني، حيث استخدم الماكياج والإكسسوارات ليصل إلى أقصى درجات الشبه، حتى سقطت الكراسي من ضحك الجمهور. مع الوقت، أضاف بعداً نقدياً لأدائه، كما في برامج مثل “حكومة شو” و”كوميك شو”، حيث مزج بين السخرية والتعليق الاجتماعي. هذا التطور جعل عروضه تحمل لافتة “كامل العدد”، ليصبح رائدًا في تقديم الكوميديا التي تحاكي الواقع بذكاء.
محمود عزب يترك بصمة في التسعينيات
في أواخر التسعينيات، بدأ محمود عزب يترك أثره في الساحة الفنية من خلال عروض حية في حفلات مثل “أضواء المدينة” و”ليالي التلفزيون”. كان يحيي المناسبات بتقليد شخصيات بارزة، مما جعله وجهًا مألوفًا للجمهور. هذه الفترة شهدت أولى خطواته نحو الشاشة، حيث قدم أعمالاً مثل فيلم “كونشرتو في درب سعادة” عام 1998، لكن تقليد الفنانين ظل علامته المميزة التي مهدت لنجاحاته الكبرى في الألفية الجديدة.
نجاح محمود عزب في “عزب شو”
عام 2010، وصل محمود عزب إلى ذروة شهرته مع برنامج “عزب شو”، الذي أصبح منصة لعرض موهبته في تقليد الفنانين والشخصيات العامة. البرنامج، الذي جمع بين السخرية والنقد الاجتماعي، حقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وأظهر قدرة عزب على تقديم محتوى يناسب مختلف الأذواق. من تقليد فنانين مثل علي الحجار إلى شخصيات إعلامية، استطاع أن يجعل الضحك أداة للتعبير عن هموم الناس، مما عزز مكانته كأحد أهم نجوم الكوميديا في تلك الفترة.
محمود عزب يتحول إلى الدراما
في مفاجأة لجمهوره، خرج محمود عزب من عباءة الكوميديا في رمضان 2025، مقدمًا دورًا دراميًا في مسلسل “قلبي ومفتاحه”. جسّد شخصية “نصر”، بائع الفلافل الذي يعيش قصة حب مؤثرة، ليثبت أن موهبته لا تقتصر على التقليد. الجمهور أشاد بأدائه، حيث علق البعض بـ”شابوه يا مبدع”، مشيرين إلى إتقانه للدور بعمق عاطفي. هذا التحول أكد أن عزب ليس مجرد كوميديان، بل فنان شامل قادر على التألق في أي مجال يخوضه.
أحلام محمود عزب الفنية
لطالما كان لدى محمود عزب طموح يتجاوز التقليد، حيث أعرب عن رغبته في تجسيد شخصية الفنان التاريخي استيفان روستي في عمل درامي. في 2010، خطط لمشروع بهذا الهدف، لكنه لم يكتمل، ليبقى هذا الحلم معلقًا. عزب يرى أن تقديم شخصيات معقدة يمكن أن يظهر جوانب جديدة من موهبته، وهو ما بدأ يتحقق تدريجيًا مع أدواره الأخيرة. هذا الطموح يعكس رؤيته للفن كمساحة للتجريب والتجديد بعيدًا عن الصورة النمطية.
تأثير محمود عزب على الكوميديا
ترك محمود عزب بصمة لا تُمحى في الكوميديا المصرية، حيث جعل من تقليد الفنانين أكثر من مجرد تسلية، بل أداة للنقد والتوعية. برامجه مثل “حكومة شو” و”الوش التاني”، التي تناولت قضايا سياسية واجتماعية، أثارت الجدل أحيانًا، لكنها أكدت دوره كفنان يعبر عن نبض الشارع. حتى مع تحوله للدراما، ظل تأثيره الكوميدي حاضرًا، مما يجعله واحدًا من الأسماء التي صنعت جسرًا بين الضحك والتأمل في الواقع المصري.