في كل جيل فني يبرز عدد من الأسماء التي تظل محفورة في ذاكرة الجمهور، سواء لجمال أدائهم أو لعمق أدوارهم أو لامتدادهم داخل الوسط الفني كعائلات كاملة تحمل راية الإبداع. ومن بين هذه العائلات الفنية العريقة في سوريا، عائلة جبر، التي قدّمت لنا شخصيتين بارزتين تركتا بصمة لا تُنسى على شاشة التلفزيون العربي، وهما مرح جبر وشقيقتها ليلى جبر. الشقيقتان ورثتا الموهبة من أبويهما، وتربّتا في مناخ درامي مشبع بالفن، لكن لكل منهما خصوصية وصوت فني مختلف، مما جعلهما يبرزان في مسارين متوازنين ومتكاملين في الوقت ذاته.
أقسام المقال
- مرح جبر ومسيرتها الفنية المليئة بالشغف والتحديات
- مرح جبر والعودة القوية بعد الانقطاع
- ليلى جبر: الفنانة الهادئة ذات الحضور اللامع
- ليلى جبر: خطوات ثابتة في عالم الفن
- العائلة الفنية التي أنجبت جيلًا من الفنانين
- أبرز الأعمال التي صنعت مجد مرح وليلى جبر
- تحليل جماهيري: كيف استقبل الجمهور أعمال الشقيقتين؟
- خاتمة: نجمات من قلب دمشق
مرح جبر ومسيرتها الفنية المليئة بالشغف والتحديات
مرح جبر، المولودة في 30 مايو 1968 في دمشق، ليست فقط ابنة الفنان القدير محمود جبر، بل هي أيضًا تجسيد مثالي للمرأة القوية على الشاشة. بدأت حياتها الفنية في أواخر الثمانينات بمشاركات مسرحية لافتة، ثم انطلقت إلى التلفزيون وحققت شهرة مدوية من خلال المسلسل البدوي الشهير “جواهر” الذي كان نقطة التحول في حياتها.
تميزت مرح بجمال شرقي فريد، ملامح بدوية صارخة، وصوت رخيم ساعدها في أداء الأدوار القوية والحادة، مما جعلها نجمة الأدوار النسائية الجريئة في حقبة التسعينات. كانت اختياراتها متنوعة ما بين البدوية، والتاريخية، وأدوار المرأة المتحررة، واستطاعت من خلالها أن تحجز لنفسها مكانة بين نجمات الصف الأول.
مرح جبر والعودة القوية بعد الانقطاع
في بداية الألفينات، قررت مرح جبر الابتعاد عن الوسط الفني لفترة قاربت الخمس سنوات، لتعود عام 2007 بنضج فني كبير وأداء أكثر عمقًا، وتجسّد أدوارًا أكثر واقعية، كما حصل في “باب الحارة” و”عندما تشيخ الذئاب” و”ابتسم أيها الجنرال”، التي بيّنت فيها مدى تطورها وتماسكها كممثلة تمزج بين القوة والأنوثة.
كما خاضت مرح تجربة في السينما والمسرح، ولكنها فضّلت الدراما التلفزيونية باعتبارها وسيلة للوصول المباشر إلى قلوب الناس، ونجحت في الحفاظ على مكانتها رغم دخول أسماء جديدة للساحة.
ليلى جبر: الفنانة الهادئة ذات الحضور اللامع
ليلى جبر، الشقيقة الكبرى لمرح، وُلدت في 3 نوفمبر 1967 في دمشق، وتمتلك ملامح رزينة ومهذبة تناسب أدوار المرأة الناضجة، المعلمة، الأم، والمربية. بدأت مشوارها الفني في السينما أولًا من خلال فيلم “كفرون” إلى جانب دريد لحام، حيث تركت انطباعًا جيدًا، ثم انطلقت إلى الدراما التلفزيونية.
على عكس شقيقتها مرح، اتجهت ليلى إلى نوعية أدوار أكثر هدوءًا، حيث لعبت شخصيات متعددة تتسم بالحكمة والحنان، وساهمت في إضفاء الواقعية على أعمال مثل “حمام القيشاني” و”أخوة التراب” و”طوق البنات”.
ليلى جبر: خطوات ثابتة في عالم الفن
ما يميز ليلى هو ثباتها في اختياراتها، فهي لم تتسرع في القبول بالأدوار، وفضلت أن تبني رصيدها الفني بهدوء وتأنٍ. كما أنها اهتمت بالمحتوى الاجتماعي في أعمالها، وغالبًا ما شاركت في مسلسلات تعالج قضايا المرأة والمجتمع، ما جعلها قريبة من الأسر السورية والعربية.
بالرغم من قلة ظهورها الإعلامي، فإن ليلى تُعد من الفنانات الملتزمات اللواتي لم ينجرفن وراء الأضواء، بل فضّلت التفرغ للفن ولأسرتها، وهو ما زاد من احترام الجمهور لها.
العائلة الفنية التي أنجبت جيلًا من الفنانين
ينتمي كل من مرح وليلى إلى واحدة من أعرق العائلات الفنية السورية. والدهما هو الفنان محمود جبر، الذي أسس لمسيرة فنية متكاملة في المسرح والدراما، ووالدتهما الفنانة هيفاء واصف، وخالتهما منى واصف، واحدة من أعمدة التمثيل العربي. كذلك، كان عمّهما الفنان الراحل ناجي جبر، المشهور بشخصية “أبو عنتر”.
ولم تتوقف المسيرة عند هذا الجيل، بل ظهرت ابنة شقيقتهما، دانا جبر، التي أصبحت من نجمات الدراما السورية الحديثة، لتحمل الراية من بعدهم بأسلوب شبابي يليق بروح العصر.
أبرز الأعمال التي صنعت مجد مرح وليلى جبر
شاركت مرح جبر في أعمال كثيرة تركت تأثيرًا كبيرًا في الجمهور، منها: “رأس غليص”، “وردة لخريف العمر”، “جواهر”، “الدوامة”، “باب الحارة”، و”ابتسم أيها الجنرال”.
أما ليلى، فأعمالها تضمنت: “كفرون”، “أخوة التراب”، “حمام القيشاني”، “الزير سالم”، “الفصول الأربعة”، و”طوق البنات”.
تحليل جماهيري: كيف استقبل الجمهور أعمال الشقيقتين؟
الجمهور العربي كان دائمًا وفيًا لأداء مرح وذكائها في تقمص الأدوار الجريئة. كما كانت ليلى خيارًا مثاليًا لكل من يبحث عن التوازن في الأداء والصدق في التعبير، وهو ما جعل حضورها هادئًا لكنه مؤثر.
كثير من النقاد أشاروا إلى أن الجمع بين مرح وليلى في عمل واحد قد يُشكل توليفة درامية قوية، لكن هذا لم يحدث كثيرًا، ربما بسبب اختلاف التوجه الفني لكل منهما.
خاتمة: نجمات من قلب دمشق
في النهاية، لا يمكن الحديث عن الدراما السورية دون ذكر الشقيقتين جبر، فكل منهما ساهمت بطريقتها في إثراء المشهد الفني. مرح بجاذبيتها وجرأتها، وليلى برزانتها وصدقها، ومعًا شكّلتا صورة جميلة عن المرأة السورية القوية والمبدعة، وسط بيئة فنية عريقة ومتجددة.