هل القطط تحزن عند فراق صاحبها

من المعروف أن القطط من الحيوانات التي تتمتع بطابع مستقل ومزاج متقلب في بعض الأحيان، مما جعل البعض يعتقد أنها لا ترتبط عاطفيًا بالبشر كما تفعل الكلاب مثلًا. لكن الحقيقة قد تكون أكثر تعقيدًا من ذلك، فالكثير من مربي القطط لاحظوا سلوكيات غريبة وحزينة تظهر على قططهم عند غيابهم أو عند فقدان شخص مقرب منها. فهل هذا يعني أن القطط تشعر بالحزن؟ وهل تمتلك مشاعر الفقد والاشتياق مثل البشر؟ هذا ما سنكشفه بالتفصيل في هذا المقال.

القطط ليست باردة المشاعر كما يُعتقد

من الخطأ الشائع افتراض أن القطط لا تشعر بالحب أو التعلق. رغم أنها لا تعبر عن مشاعرها بنفس الطريقة التي تفعلها الكلاب، إلا أن القطط تستخدم وسائلها الخاصة للتعبير عن ارتباطها بمن حولها، مثل المواء المميز لصاحبها، أو فرك جسدها به، أو النوم في الأماكن التي يتواجد بها. هذه المؤشرات تدل على وجود رابطة عاطفية حقيقية تنشأ بمرور الوقت.

مؤشرات تدل على حزن القطة بعد الفقد

عندما تفقد القطة شخصًا اعتادت عليه، سواء بالوفاة أو السفر أو حتى غياب مؤقت، قد تُظهر علامات واضحة تدل على اضطرابها العاطفي، ومنها:

  • قلة الشهية أو الامتناع عن الأكل لفترات طويلة.
  • البحث المستمر عن الشخص الغائب في الغرف أو بجوار الأبواب.
  • كثرة النوم بشكل غير معتاد أو العكس تمامًا، الأرق والتجول المستمر.
  • إصدار أصوات مواء متكررة وحزينة أو صمت مفرط.
  • فقدان الاهتمام بالألعاب أو الأشياء التي كانت تثير فضولها.

الروتين وتأثيره على مشاعر القطط

تعتمد القطط كثيرًا على الروتين، حيث تشعر بالأمان حين تكون الأحداث اليومية متوقعة. وعند غياب أحد أفراد الأسرة، فإن القطة لا تفتقده فقط كشخص، بل تفتقد الروتين المصاحب له. مثل صوته، خطواته، وحتى مواعيد تقديم الطعام أو الجلوس بجانبه. هذا الخلل المفاجئ في نمط الحياة اليومي يمكن أن يسبب صدمة عاطفية للقطة.

أسباب اختلاف ردود فعل القطط عند الحزن

ليس جميع القطط تتفاعل بنفس الطريقة عند الحزن، فبعضها قد يظهر الحزن بوضوح، بينما يبدو البعض الآخر طبيعيًا رغم تأثره داخليًا. ويعود ذلك إلى عوامل متعددة منها: عمر القطة، ومدى عمق العلاقة مع الشخص، ودرجة تعلقها به، وحتى طبيعة شخصيتها الوراثية. القطط الأكبر سنًا مثلًا قد تكون أكثر حساسية تجاه التغيير، مما يجعل حزنها أشد وضوحًا.

هل القطط تبكي؟

رغم أن القطط لا تبكي بالدموع مثل البشر، إلا أن طريقة تعبيرها عن الألم النفسي قد تكون صامتة لكنها قوية. المواء المتقطع أو الحزين، التحديق في الفراغ، أو الاختباء لفترات طويلة، كلها أساليب تعبّر بها عن حزنها. وقد تلاحظ أن القطة تفضل المكوث في أماكن كان يجلس فيها صاحبها، وكأنها تبحث عن وجوده من خلال الذكريات.

طرق مساعدة القطة على تجاوز الحزن

إذا لاحظت على قطتك علامات الحزن بعد فقدان شخص مقرب، يمكنك مساعدتها عبر عدة طرق:

  • توفير بيئة هادئة ودافئة تمنحها الشعور بالأمان.
  • محاولة إشغالها بألعاب محفّزة أو تقديم طعام مميز.
  • التفاعل المستمر معها بلطف، مع إعطائها الوقت الكافي للتعبير عن حزنها.
  • استشارة الطبيب البيطري إذا استمرت حالة الاكتئاب لفترة طويلة.

تأثير غياب القطة عن صاحبها

كما تحزن القطة على صاحبها، فإن الغياب المفاجئ للقطة نفسها عن بيتها أو عن الشخص الذي اعتادت عليه يمكن أن يسبب لها ولصاحبها نوعًا من الحزن المتبادل. فقد لوحظ أن بعض القطط عند انفصالها عن صاحبها بسبب السفر أو الفقد، تدخل في حالة من التوتر الشديد قد تصل إلى أمراض جسدية ناتجة عن القلق.

علاقة القطط بأفراد العائلة الآخرين

في بعض الحالات، يكون الحزن مشتركًا بين أكثر من قطة أو حتى بين القطة وأفراد العائلة الباقين. فقد تُلاحظ تودد القطة لأحد أفراد الأسرة بعد رحيل شخص كانت مرتبطة به، وكأنها تبحث عن عزاء أو بديل يملأ الفراغ. هذا السلوك يؤكد أن القطط تدرك الغياب وتتكيف مع خساراتها بطريقتها.

القطط والذاكرة العاطفية طويلة الأمد

أظهرت الدراسات أن القطط تملك ذاكرة عاطفية طويلة المدى، ويمكنها تذكر الأشخاص والمواقف لفترات طويلة، لا سيما إذا كانت مرتبطة بتجربة مشحونة عاطفيًا. لذلك، قد تحتفظ القطة بذكرى صاحبها لسنوات، وتظهر ردود فعل مفاجئة عند سماع صوته في تسجيل، أو شم رائحته في ملابسه القديمة.

خاتمة

في نهاية المطاف، يتبين أن القطط كائنات حساسة ومليئة بالمشاعر، لكنها تُخفيها خلف ستار من الهدوء والبرود الظاهري. الحزن ليس سلوكًا بيولوجيًا فحسب، بل هو انعكاس لروابط حقيقية تتكون مع مرور الزمن بينها وبين أصحابها. ومن واجبنا كمربين أن نمنح هذه الكائنات ما تستحقه من عناية وتعاطف، خاصة في فترات الحزن والفقد.