تثير القطط المنزلية كثيرًا من الجدل في الأوساط الصحية والشعبية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بقدرتها على التسبب في أمراض قد تؤثر على الإنجاب لدى الإنسان. ومع انتشار تربية القطط في البيوت العربية والعالمية، أصبحت هذه المخاوف أكثر حضورًا، خاصةً بين النساء المقبلات على الحمل أو اللواتي يعانين من مشاكل في الخصوبة. وتتمحور معظم هذه المخاوف حول مرض المقوسات أو ما يعرف بالتوكسوبلازما، وهو مرض طفيلي قد تنقله القطط إلى الإنسان. لكن هل فعلًا القطط تسبب العقم؟ هذا ما سنتناوله بتفصيل وعمق في هذا المقال.
أقسام المقال
- ما حقيقة الربط بين القطط والعقم؟
- ما هو داء المقوسات وكيف ينتقل؟
- هل جميع القطط تنقل داء المقوسات؟
- كيف يؤثر داء المقوسات على الحمل والخصوبة؟
- هل يمكن للرجل أيضًا أن يتأثر بداء المقوسات؟
- طرق الوقاية من داء المقوسات عند تربية القطط
- المفاهيم الخاطئة المنتشرة حول القطط والعقم
- هل ينبغي التخلي عن القطة لتجنب الإصابة؟
- الخاتمة
ما حقيقة الربط بين القطط والعقم؟
يرجع الربط الشائع بين القطط والعقم إلى مخاوف من الإصابة بداء المقوسات الذي قد ينتقل من القطط إلى البشر. إلا أن العلم لم يثبت أن وجود القطط في المنزل يسبب العقم بشكل مباشر. في الواقع، الإصابة بالعدوى تعتمد بشكل أساسي على نمط الحياة ومستوى النظافة والتعامل مع الحيوانات، وليس على وجود القطة بحد ذاتها. لهذا فإن مسألة تحميل القطط المسؤولية بشكل قاطع عن مشاكل الإنجاب أمر غير دقيق من الناحية الطبية.
ما هو داء المقوسات وكيف ينتقل؟
داء المقوسات هو عدوى تسببها طفيليات تُعرف باسم “توكسوبلازما جوندي”، وهي كائنات مجهرية يمكن أن تعيش في جسم الإنسان والحيوان. تنتقل هذه الطفيليات عبر عدة طرق، مثل ملامسة براز القطط المصابة، أو استهلاك لحوم غير مطهية جيدًا، أو من خلال التربة الملوثة. وعند الإصابة بها، قد لا تظهر أعراض واضحة على الشخص، لكنها قد تكون خطيرة في حالات معينة، خصوصًا لدى النساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف في المناعة.
هل جميع القطط تنقل داء المقوسات؟
ليس كل القطط تحمل هذا الطفيل. في الواقع، القطط تصاب به فقط إذا تناولت لحومًا نيئة أو حيوانات صغيرة مصابة مثل القوارض. القطط المنزلية التي تتغذى على طعام معقم ولا تخرج من المنزل تقل احتمالية إصابتها بشكل كبير. لذلك، فإن الخوف غير المبرر من جميع القطط غير منطقي ويستند إلى معلومات غير دقيقة.
كيف يؤثر داء المقوسات على الحمل والخصوبة؟
قد يؤدي داء المقوسات إلى مضاعفات صحية خطيرة لدى النساء الحوامل، مثل الإجهاض أو تشوهات في الجنين. إلا أن ذلك يحدث فقط في حال الإصابة بالعدوى أثناء الحمل، وليس بسبب الإصابة القديمة. أما من ناحية الخصوبة، فالدراسات لم تثبت أن العدوى تسبب العقم بشكل مباشر، بل إنها قد تؤثر على البيئة الداخلية للرحم أو تؤدي إلى التهابات مزمنة قد تعرقل الحمل في بعض الحالات.
هل يمكن للرجل أيضًا أن يتأثر بداء المقوسات؟
نعم، تشير بعض الدراسات إلى أن داء المقوسات قد يؤثر على جودة الحيوانات المنوية لدى الرجال، خاصة في الحالات المزمنة. قد يؤدي الطفيل إلى تغيرات في عدد أو حركة الحيوانات المنوية، مما يقلل من فرص الإنجاب. لكن هذه التأثيرات لا تزال قيد البحث، ولم يتم اعتبارها سببًا مباشرًا للعقم حتى الآن.
طرق الوقاية من داء المقوسات عند تربية القطط
للوقاية من داء المقوسات دون الحاجة إلى التخلي عن تربية القطط، يُنصح باتباع عدد من الإجراءات:
- تنظيف صندوق فضلات القطة يوميًا باستخدام قفازات وغسل اليدين جيدًا بعد ذلك.
- عدم السماح للقطة بالخروج إلى الشارع أو صيد الحيوانات الصغيرة.
- تقديم طعام تجاري معقم للقطة بدلاً من اللحوم النيئة.
- إجراء فحوصات دورية لدى الطبيب البيطري للتأكد من خلو القطة من الطفيليات.
المفاهيم الخاطئة المنتشرة حول القطط والعقم
من أبرز المفاهيم الخاطئة الشائعة أن وجود قطة في المنزل يعني تلقائيًا وجود خطر على الخصوبة. هذه الفكرة غير صحيحة، خاصة إذا كانت القطة لا تخرج من المنزل ولا تتغذى على طعام نيء. كذلك فإن العدوى لا تحدث عبر ملامسة فراء القطة أو اللعب معها، بل عبر ملامسة برازها أو أدواتها في ظروف غير صحية.
هل ينبغي التخلي عن القطة لتجنب الإصابة؟
لا، التخلي عن القطة ليس حلًا علميًا أو إنسانيًا. طالما يتم اتباع قواعد النظافة والوقاية، فإن احتمال الإصابة بداء المقوسات يكون ضعيفًا للغاية. المشكلة ليست في وجود القطة، بل في الإهمال في النظافة أو التعامل غير السليم معها. كما أن الكثير من الأطباء البيطريين يؤكدون أن الخطر الحقيقي يكمن في تناول اللحوم النيئة أكثر مما يكمن في القطط نفسها.
الخاتمة
في نهاية المطاف، يمكن القول إن العلاقة بين القطط والعقم مبنية على مفاهيم جزئية قد تكون غير دقيقة أو مبالغًا فيها. القطط ليست مصدرًا مباشرًا للعقم، بل قد تساهم في نقل طفيلي معين في ظروف محددة، يمكن تفاديها بسهولة باتباع سلوكيات صحية بسيطة. لذلك لا داعي للقلق أو اتخاذ قرارات متسرعة بشأن تربية القطط، بل يكفي التوعية والوقاية للعيش بأمان وصحة.