هل القطط معرضة للإصابة بالسكري

في السنوات الأخيرة، لم تعد الأمراض المزمنة حكرًا على البشر فحسب، بل أصبحت تصيب الحيوانات الأليفة التي نتشارك معها حياتنا اليومية. ومن بين هذه الأمراض المزمنة، برز داء السكري كأحد الاضطرابات الخطيرة التي يمكن أن تصيب القطط المنزلية، خاصةً في ظل الأنماط الحديثة من التغذية وقلة الحركة. في هذا المقال المفصل، نستعرض بعمق علاقة القطط بمرض السكري، والعوامل التي تزيد من فرص إصابتها، وكيفية التعامل مع الحالة في حال حدوثها، مع تقديم نصائح وقائية تضمن بقاء القط بصحة جيدة لسنوات طويلة.

تعريف داء السكري لدى القطط

داء السكري هو اضطراب في التمثيل الغذائي يتمثل في عدم قدرة الجسم على تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم بشكل طبيعي، إما بسبب نقص إنتاج الأنسولين أو بسبب مقاومة خلايا الجسم له. والأنسولين هو هرمون تنتجه غدة البنكرياس ويُعد مسؤولًا أساسيًا عن إدخال الجلوكوز من الدم إلى الخلايا لتستخدمه كمصدر للطاقة. عند اختلال هذه المنظومة، تتراكم كميات كبيرة من السكر في الدم، مما يؤدي إلى ظهور أعراض خطيرة ويستلزم التدخل السريع.

ما مدى شيوع السكري في القطط؟

رغم أن الكثير من أصحاب القطط قد لا يدركون ذلك، فإن داء السكري يُعتبر من الأمراض الشائعة نسبيًا في القطط، خاصةً بين الذكور المخصية والسلالات المتقدمة في العمر. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 0.2% و1% من القطط قد تصاب بالسكري، مع وجود احتمال أن تكون الأرقام أعلى نظرًا للحالات غير المشخَّصة. ويرتبط ذلك بعوامل عدة، أبرزها النظام الغذائي، قلة النشاط البدني، وبعض الأدوية المستخدمة لعلاج حالات أخرى.

الأسباب الرئيسية وراء إصابة القطط بالسكري

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى إصابة القطط بداء السكري، وبعضها مرتبط بسلوك الإنسان تجاه رعاية الحيوان، ومنها:

  • النظام الغذائي المفرط في الكربوهيدرات: اعتماد وجبات جاهزة غنية بالنشويات يُرهق البنكرياس ويزيد من مقاومة الجسم للأنسولين.
  • السمنة: الوزن الزائد هو عامل خطر رئيسي، ويزيد بشكل مباشر من احتمالية الإصابة بالسكري.
  • الخمول وقلة الحركة: الحياة المنزلية الخالية من التمارين البدنية تقلل من كفاءة التمثيل الغذائي.
  • الوراثة: بعض القطط قد تكون أكثر عرضة جينيًا للسكري، خاصةً سلالات مثل القط البورمي.
  • الستيرويدات وبعض الأدوية: استخدام أدوية مثل الكورتيزون بشكل متكرر قد يؤثر على مستويات السكر في الدم.

أعراض السكري عند القطط وكيفية التعرف عليها مبكرًا

الوعي بالأعراض هو الخطوة الأولى في سبيل العلاج. من أبرز العلامات التي قد تشير إلى وجود خلل في نسبة السكر لدى القط:

  • زيادة ملحوظة في شرب الماء والتبول المتكرر.
  • فقدان غير مبرر في الوزن رغم الشهية العالية للطعام.
  • خمول وكسل مفرط، حتى في القطط التي كانت نشطة سابقًا.
  • تدهور حالة الفرو وتحوله إلى مظهر باهت أو متشابك.
  • صعوبة أو تردد في القفز بسبب ضعف في الأطراف الخلفية.

خطوات تشخيص داء السكري بدقة

عند ملاحظة أي من الأعراض السابقة، يصبح من الضروري زيارة الطبيب البيطري. ويتم التشخيص عبر مجموعة من التحاليل تشمل:

  • تحليل دم لقياس مستوى الجلوكوز.
  • تحليل بول للكشف عن وجود السكر أو الكيتونات.
  • اختبار الفركتوزامين لتحديد معدل السكر في الدم خلال الأسابيع السابقة.

كيف يتم علاج السكري عند القطط؟

يختلف العلاج حسب كل حالة، لكن غالبًا ما يتضمن ما يلي:

  • حقن الأنسولين يوميًا بمواعيد منتظمة.
  • اعتماد نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات وغني بالبروتينات.
  • مراقبة مستويات السكر في المنزل عبر أجهزة مخصصة.
  • إعادة تقييم العلاج بانتظام بالتنسيق مع الطبيب البيطري.

وفي بعض الحالات، خاصةً إذا تم الكشف عن السكري مبكرًا، قد تدخل القطط في حالة “استقرار” قد تُقلل أو تُنهي الحاجة للأنسولين لفترة، لكنها تبقى تحت المتابعة.

هل يمكن منع إصابة القطط بالسكري؟

نعم، من خلال مجموعة من الإجراءات الوقائية يمكن تقليل خطر إصابة القطط بالسكري، ومنها:

  • تقديم طعام صحي ومتوازن بعيدًا عن الوجبات التجارية الغنية بالكربوهيدرات.
  • تشجيع القط على الحركة اليومية، سواء عبر اللعب أو المشي في فناء المنزل.
  • القيام بفحوصات دورية كل 6 أشهر للقطط المعرضة للخطر.
  • الحفاظ على وزن مثالي للقط ومراقبة أي زيادة تدريجية.

أثر داء السكري على حياة القطط

في حال تم تشخيص السكري والتعامل معه بشكل صحيح، يمكن للقط أن يعيش حياة طبيعية وسعيدة. التزام المربي بالعلاج والغذاء والمراقبة الدقيقة يصنع فارقًا كبيرًا. بعض القطط قد تحتاج إلى الرعاية مدى الحياة، بينما قد تشهد حالات أخرى تحسنًا ملحوظًا قد يُجنبها الأنسولين لاحقًا.

الخاتمة

داء السكري لدى القطط ليس حكمًا بالإعدام، بل هو تحدٍّ طبي يمكن التعامل معه بنجاح إذا توفرت المعرفة والإرادة. ومع الوعي المتزايد بين أصحاب الحيوانات الأليفة، أصبح بالإمكان اكتشاف المرض مبكرًا والبدء في العلاج الفعال بسرعة. الأهم هو أن نمنح قططنا نمط حياة صحي ومتوازن، يحفظ صحتها ويمنحها سنوات أطول من المودة والرفقة.