هل تصدر القطط أصواتًا خاصة لبعضها

القطط من أكثر الحيوانات الأليفة قربًا للإنسان، وهي محط إعجاب بسبب رشاقتها وغموض سلوكها. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن للقطط لغة صوتية وسلوكية معقدة، تختلف حسب الموقف والحالة النفسية، بل وقد تكون موجَّهة تحديدًا لقطط أخرى. في هذا المقال، نستعرض الجوانب الخفية لصوتيات القطط، ونجيب عن السؤال: هل تصدر القطط أصواتًا خاصة لبعضها؟ وما طبيعة هذه الأصوات إن وُجدت؟ وهل تختلف بحسب نوع العلاقة بين القطط؟

أنواع أصوات القطط بين البشر وبعضها

يعتقد الكثيرون أن المواء هو الوسيلة الوحيدة التي تتواصل بها القطط، لكنه في الحقيقة يُستخدم بشكل أساسي للتواصل مع البشر. أما في ما بينها، فتستخدم القطط أصواتًا أقل شيوعًا مثل الخرخرة، والزمجرة، والهسهسة، وحتى الصرير. لكل صوت وظيفة محددة تختلف حسب السياق، مثل التحذير، التودد، أو الدعوة للتزاوج. اللافت أن القطط لا تكرر نفس النغمة دائمًا، بل تغيّر تردد الصوت وقوته حسب علاقتها بالطرف الآخر.

لغة المواء: موجهة للإنسان أكثر من القطط

المواء يُعد من أبرز الأصوات التي تصدرها القطط، لكنه في الغالب موجه للبشر لا للقطط الأخرى. القطط طورت هذا السلوك لتلفت انتباه أصحابها أو تطلب الطعام أو اللعب. أما في تعاملها مع القطط الأخرى، فنادرًا ما تعتمد على المواء، إذ تعتبره صوتًا غير فعال للتواصل البيني، وتفضل الإشارات الجسدية أو الأصوات الأكثر حدة مثل الهسهسة.

الخرخرة: وسيلة تهدئة وشكل من أشكال الدعم

تصدر القطط صوت الخرخرة في عدة مواقف: عند الاسترخاء، أو عند الشعور بالألم، أو حتى أثناء الولادة. الخرخرة تعتبر بمثابة وسيلة لتهدئة النفس أو للطلب غير المباشر للعناية، وهي قد تُستخدم أيضًا في التفاعل الاجتماعي بين القطط، خصوصًا بين الأم وصغارها. وقد لاحظ العلماء أن الترددات المنخفضة للخرخرة قد تلعب دورًا في تحفيز الشفاء الذاتي للعظام والأنسجة.

الهسهسة والزمجرة: أدوات دفاع وتعبير عن النفور

عندما تشعر القطة بالتهديد، تصدر صوت الهسهسة أو الزمجرة لتحذر الطرف الآخر. هذه الأصوات لها طابع هجومي وتُستخدم كتحذير قبل الهجوم أو كطلب للابتعاد. ما يميّز هذه الأصوات هو كونها موجهة خصيصًا لقطط أو حيوانات أخرى في حالات النزاع أو التوتر، مما يؤكد أن القطة تمتلك وسائط صوتية خاصة للتعبير عن مشاعرها السلبية أو الدفاعية تجاه الأفراد من نفس نوعها.

الصرير والنداء: إشارات موجهة للسلوك الاجتماعي

من الأصوات القليلة المعروفة التي تصدرها القطط في ما بينها هو الصرير، ويُستخدم غالبًا في سياقات التزاوج أو نداء الصغار لأمهاتهم. كما قد يُسمع هذا الصوت من القطط التي تشعر بالوحدة أو ترغب في دعوة قطة أخرى للعب أو استكشاف محيط جديد. تبيّن بعض الدراسات أن هذه الأصوات تحمل خصائص فريدة تُميز قطة عن أخرى، مما يدعم فرضية وجود نغمات خاصة داخل المجموعات القططية.

هل تطوّر القطط أصواتًا شخصية؟

هناك دلائل على أن بعض القطط تطوّر “لهجة” أو نغمة مميزة، خصوصًا إذا عاشت فترة طويلة في بيئة اجتماعية مع نفس القطط. يُعتقد أن هذه النغمات تسهم في التعرف الفردي وتسهيل التعاون أو تجنّب المواجهات. قد يكون هذا شبيهًا بطريقة تعرف الطيور على بعضها من خلال تغريداتها الخاصة، مما يعكس درجة من الذكاء الصوتي والتكيف البيئي في عالم القطط.

التواصل الجسدي والرائحة: شركاء للصوت

الصوت ليس الوسيلة الوحيدة لدى القطط، إذ تعتمد أيضًا على حركات الذيل، وضعية الأذنين، واحتكاك الجسد. كما تلعب الرائحة دورًا حاسمًا في التعرف على أفراد المجموعة أو تحديد الأماكن المملوكة. كل هذه العناصر تُكمل الرسائل الصوتية وتمنح القطط نظامًا متكاملاً للتواصل.

تفسير سلوك القطط في البيئات متعددة الأفراد

في البيئات التي تضم عدة قطط، مثل الملاجئ أو البيوت متعددة الحيوانات، تُلاحظ اختلافات في استخدام الأصوات وتكرارها. بعض القطط تتعلم استخدام نغمات محددة لقطة معينة ضمن المجموعة، ما يدل على نوع من التكيّف الشخصي في التواصل. كذلك قد تتبنى القطط الصغيرة أصوات أمها أو تطورها مع الوقت لتناسب بيئتها الاجتماعية.

خاتمة

من خلال ما سبق، يتبين أن القطط تمتلك مجموعة صوتية مميزة ومعقدة، لا تقتصر فقط على المواء. بل إنها تطور أنماطًا صوتية مخصصة للتفاعل مع القطط الأخرى حسب السياق والعلاقة. هذا السلوك يعكس طبيعة القط ككائن ذكي واجتماعي ضمن حدوده الخاصة، ويُبرز أهمية فهم إشاراته الصوتية والسلوكية لتعزيز التفاعل الإيجابي معه.