في عالم الفن السوري، تبرز عائلة قزق كواحدة من أبرز العائلات التي قدمت مواهب متميزة للمشهد الدرامي والمسرحي. ومن بين أفراد هذه العائلة، يحتل محمد قزق، والد الفنانة لوريس قزق، مكانة خاصة كشخصية فنية أثرت في مسيرة ابنته وابنه التوأم وسيم قزق. محمد قزق ليس مجرد اسم عابر في الساحة الفنية، بل هو فنان متعدد المواهب، جمع بين تصميم الديكور المسرحي والتمثيل، ليترك بصمة واضحة في المسرح السوري، ويزرع في أبنائه حب الفن منذ الصغر. هذا المقال يسلط الضوء على حياة محمد قزق ودوره كوالد وملهم لجيل جديد من الفنانين.
أقسام المقال
محمد قزق مهندس الديكور المسرحي
محمد قزق ليس مجرد والد لوريس قزق، بل شخصية فنية بارزة في حد ذاتها. عمل كمصمم ديكور مسرحي، حيث كان له دور كبير في تشكيل المشهد البصري للعديد من العروض المسرحية في سوريا. لم يكتفِ بتصميم الديكورات التي تضفي الحياة على خشبة المسرح، بل شارك أحيانًا في التمثيل، مما جعله عنصرًا متعدد الأوجه في الوسط الفني. شغفه بالمسرح لم يكن مجرد عمل روتيني، بل كان تعبيرًا عن رؤية إبداعية ساهمت في إثراء المشهد الثقافي المحلي.
دور محمد قزق في تربية لوريس ووسيم
كان لمحمد قزق تأثير عميق على ابنته لوريس وابنه وسيم، اللذين ولدا في 21 أكتوبر 1985. بعد انفصاله عن والدتهما، اختار أن يتفرغ لتربيتهما بنفسه، رافضًا الزواج مرة أخرى ليبقى سندًا لهما. كان يصطحبهما منذ سن الخامسة إلى العروض المسرحية، حيث تعرفا على عالم الفن عن قرب. لم يكتفِ بذلك، بل شجعهما على قراءة الكتب والروايات المسرحية العالمية، مما زرع فيهما شغفًا مبكرًا بالتمثيل والإبداع. لوريس نفسها وصفت والدها بأنه “كل شيء في حياتها”، مشيرة إلى دوره كأب وأم وصديق.
محمد قزق يلهم جيلًا فنيًا جديدًا
لم يقتصر تأثير محمد قزق على أبنائه فقط، بل امتد إلى الساحة الفنية الأوسع من خلال عمله في المسرح. كان يمتلك مكتبة غنية بالكتب الفنية والمسرحية في منزله، وهي التي شكلت وعي لوريس ووسيم الفني منذ الصغر. هذا الإرث الثقافي جعلهما يتجهان نحو المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، حيث تخرجت لوريس عام 2011 ووسيم عام 2008. يعكس هذا التأثير قدرة محمد على تحويل شغفه الشخصي إلى مصدر إلهام لأبنائه وللمحيطين به.
علاقة محمد قزق بعائلته الفنية
محمد قزق لم يكن وحيدًا في عالم الفن داخل عائلته، فهو شقيق الفنان السوري الشهير فايز قزق، أحد أعمدة الدراما السورية. هذه العلاقة الأسرية عززت من حضور عائلة قزق في المشهد الفني، حيث شكل الثلاثي – محمد وفايز وأبناء محمد – شبكة متكاملة من المواهب. بينما كان فايز يتألق على الشاشة والمسرح، كان محمد يعمل خلف الكواليس لدعم هذا الإبداع، مما جعل الأسرة نموذجًا للتكامل الفني.
محمد قزق وتأثيره على مسيرة لوريس الفنية
لوريس قزق، التي أصبحت واحدة من الوجوه الشابة البارزة في الدراما السورية، تعترف بفضل والدها في صقل موهبتها. منذ طفولتها، كانت تتابع العروض المسرحية التي يشرف عليها والدها، مما أثرى خيالها وشغفها بالفن. عندما قررت الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، واجهت رفضًا في البداية لمدة عامين، لكن دعم والدها المستمر ساعدها على تحقيق حلمها والتخرج بتفوق. دورها في مسلسل “ضبوا الشناتي” عام 2014، والذي نالت عنه جائزة أفضل ممثلة شابة، يعكس جزءًا من هذا الإرث الذي زرعه والدها فيها.
وفاة محمد قزق تترك أثرًا عميقًا
رحيل محمد قزق ترك فراغًا كبيرًا في حياة لوريس ووسيم. في تصريحات لها عام 2023، عبرت لوريس عن حزنها العميق لوفاة والدها، مشيرة إلى أنها شعرت بالوحدة بعده. كان محمد ليس فقط والدًا، بل صديقًا وداعمًا أساسيًا في مسيرتهما الفنية. هذا الحدث أثر على لوريس نفسيًا وعاطفيًا، لكنه عزز من إصرارها على مواصلة المشوار الفني لتكريم ذكرى والدها.
محمد قزق ورؤيته للفن المسرحي
كان لمحمد قزق رؤية خاصة للمسرح، حيث آمن بأهمية الجمع بين الجمال البصري والعمق الفكري في العروض. تصميماته للديكور لم تكن مجرد خلفيات، بل عناصر حية تحكي قصصًا موازية للنصوص المسرحية. هذا النهج جعله محط احترام زملائه وتلامذته، وأثر بشكل غير مباشر على طريقة تعامل لوريس ووسيم مع أدوارهما، حيث يركزان على التفاصيل والعمق في أدائهما.
إرث محمد قزق في المسرح السوري
على الرغم من أن محمد قزق لم يكن نجمًا يتصدر الأضواء مثل شقيقه فايز أو ابنته لوريس، فإن إرثه في المسرح السوري لا يقل أهمية. عمله كمصمم ديكور ساهم في تقديم عروض لا تُنسى، وتربيته لجيل من الفنانين جعله أحد الدعائم الخفية في هذا المجال. اليوم، يظل اسمه مرتبطًا بنجاح أبنائه، وهو دليل على أن الفن الحقيقي لا يقتصر على من يقف أمام الجمهور، بل يمتد إلى من يبني أسس هذا الإبداع.