لا يمكن الحديث عن الفنان السوري الشاب ملهم بشر دون التطرق إلى الاسم الكبير الذي يقف وراء بداياته وتكوينه الفني، وهو والده الممثل القدير الراحل بسام لطفي. امتدت مسيرة بسام لعقود من العطاء الفني، ليس فقط كممثل، بل كأب ومعلم وصانع لأجيال جديدة من المبدعين. تأثيره لم يكن محصورًا في الأعمال الفنية، بل كان جزءًا من الحياة اليومية لابنه، الذي ورث عنه الشغف والدقة والالتزام الفني.
أقسام المقال
بسام لطفي والد ملهم بشر وتجربة التأسيس الفني
ينتمي بسام لطفي إلى جيل المؤسسين في الدراما السورية، حيث ساهم مع زملائه الأوائل في وضع اللبنات الأولى لما يُعرف اليوم بإحدى أقوى الصناعات الدرامية العربية. وُلد في مدينة طولكرم الفلسطينية عام 1940، وانتقل لاحقًا إلى دمشق التي أصبحت موطنه الفني والوجداني. شارك في تأسيس المسرح القومي السوري، ولعب أدوارًا في أعمال خالدة مثل “حارة كل مين إيدو إلو” و”عودة غوار” و”يوميات مدير عام”. هذا الإرث جعل من منزله مدرسة فنية مفتوحة كان ملهم بشر أحد تلامذتها منذ نعومة أظافره.
ملهم بشر وشخصية والده في البيت والفن
لم يكن بسام لطفي ممثلًا ناجحًا فحسب، بل كان أبًا استثنائيًا لابنه ملهم، حيث استطاع الجمع بين صرامة الفنان وحكمة الأب. كان حريصًا على بناء شخصية ملهم على أسس منضبطة، فزرع فيه حب المسرح، وساعده على فهم أعمق للفن كرسالة وليس مجرد وسيلة للشهرة. كان يصطحبه إلى مواقع التصوير، ويشرح له أبعاد الشخصيات والحوارات، ويوجهه لتفادي الأخطاء التي قد يقع فيها الممثلون الجدد. هذا التوجيه المبكر منح ملهم جرأة واعية ومقاربة ناضجة للعمل الفني.
ملهم بشر ومسيرته الأكاديمية المدعومة من والده
بتشجيع من والده، التحق ملهم بشر بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وهو أحد أهم المؤسسات الأكاديمية العربية في مجال التمثيل. لم يكن دخوله المعهد أمرًا عشوائيًا، بل نتيجة تخطيط وتوجيه طويل المدى من بسام لطفي، الذي كان يؤمن بأهمية التكوين الأكاديمي إلى جانب الموهبة. تلقى ملهم خلال سنوات دراسته تدريبات مكثفة على يد أساتذة مخضرمين، كما شارك في مشاريع تخرج متميزة مهدت له الطريق للظهور في أعمال تلفزيونية مهمة.
ملهم بشر من الظهور الأول إلى النجومية
بدأ ملهم بشر في شق طريقه الاحترافي بعد التخرج، فشارك في أعمال درامية حظيت بانتشار واسع، مثل “كسر عضم” و”حارة القبة”، حيث قدم شخصيات معقدة بأداء أثار إعجاب النقاد والجمهور. ورغم التحديات التي واجهها في البدايات، إلا أن ملاحظات والده حتى بعد تقاعده كانت مرشدًا دائمًا له. ويقال إن بسام لطفي كان يشاهد أعمال ملهم بعين الناقد، ويقدم له ملاحظات تفصيلية حول الأداء والانفعالات وإدارة المشهد، مما عزز من نضجه كممثل سريع التطور.
ملهم بشر وحمل إرث والده الفني والإنساني
بعد رحيل بسام لطفي في عام 2022، شعر ملهم بشر بمسؤولية مضاعفة تجاه ما تركه والده من أثر، ليس فقط كممثل معروف، بل كقدوة فنية وأخلاقية. يعمل ملهم حاليًا على انتقاء أدواره بعناية، محافظًا على القيم التي نشأ عليها، ومبتعدًا عن الابتذال أو الأعمال السطحية. كما بدأ في دعم المبادرات المسرحية الشبابية، تمامًا كما فعل والده سابقًا، ساعيًا لأن يُبقي اسم بسام لطفي حاضرًا في كل ما يقدمه.
تحليل تأثير بسام لطفي في الوسط الفني عبر مسيرة ملهم بشر
لا يمكن فهم نهوض ملهم بشر دون التمعن في العمق الإنساني والفني الذي خلّفه والده. فقد كان تأثير بسام يتجاوز حدود البيت ليصل إلى أروقة الفن نفسه. فنانون كُثر تحدثوا عن لطفي كأب روحي، ما جعل من وجود ملهم امتدادًا طبيعيًا لهذا التراث. حضور ملهم في الأعمال الجديدة هو تذكير دائم بإرث والده، وكأنه يقول من خلال كل مشهد يؤديه: إنني أواصل ما بدأه رجل علمني أن الفن التزام قبل أن يكون مهنة.