صباح الجزائري ودريد لحام

في عالم الفن السوري، يبرز اسم صباح الجزائري ودريد لحام كأيقونتين تركتا بصمة لا تُمحى في الدراما والكوميديا العربية. صباح، المعروفة بجمالها الأصيل وحضورها القوي، بدأت رحلتها الفنية في سن مبكرة، بينما اشتهر دريد بشخصية “غوار الطوشة” التي جعلته رمزًا للضحك والنقد الاجتماعي. لكن ما يجمع هذين النجمين ليس فقط الأعمال الفنية المشتركة، بل قصة شخصية عابرة أثارت اهتمام الجمهور لسنوات. هذا المقال يأخذنا في رحلة لاستكشاف حياتهما الفنية والشخصية، مع التركيز على العلاقة التي ربطتهما يومًا ما.

صباح الجزائري ودريد لحام في زواج استمر 60 يومًا

في عام 1977، شهدت الأوساط الفنية السورية حدثًا لم يكن متوقعًا، حيث ارتبطت الفنانة صباح الجزائري بالفنان دريد لحام في زواج لم يدم سوى شهرين فقط. هذه العلاقة، التي وصفها دريد لاحقًا بـ”النزوة”، كانت مفاجأة للكثيرين، خاصة أن دريد كان متزوجًا من السيدة هالة بيطار ولديه أبناء. صباح، التي كانت في بداياتها الفنية تعمل إلى جانب دريد، وافقت على أن تكون الزوجة الثانية، لكن القرار لم يصمد طويلًا، حيث انتهى الزواج سريعًا بعد أن فضّل دريد الحفاظ على استقرار أسرته الأولى.

لم تكن هذه التجربة مجرد حدث عابر في حياة الثنائي، بل تركت صدى واسعًا بين الجمهور والإعلام. صباح، التي تحدثت نادرًا عن هذا الموضوع، أكدت لاحقًا احترامها لدريد كزميل فني، بينما عبّر هو عن ندمه على تلك الخطوة، مشيرًا إلى أنها لم تكن قرارًا صائبًا. هذه القصة، رغم قصر مدتها، أضافت بُعدًا إنسانيًا إلى مسيرة النجمين، وأظهرت تعقيدات الحياة الشخصية خلف الأضواء.

بدايات صباح الجزائري في عالم الفن

ولدت صباح الجزائري في 23 يناير 1955 في دمشق، ضمن عائلة فنية عريقة، حيث كانت شقيقتها الكبرى سامية الجزائري رائدة في الكوميديا السورية. بدأت صباح مسيرتها في سن السابعة عشرة، بدعم من شقيقتها، وسرعان ما لفتت الأنظار بجمالها وحضورها. أولى خطواتها كانت مع دريد لحام عام 1972، حيث شاركت في ثلاثة أعمال بارزة: فيلم “مقلب في المكسيك”، مسرحية “مسرح الشوك”، ومسلسل “صح النوم”. هذه الأعمال مهدت الطريق لها لتصبح واحدة من نجمات الدراما السورية.

دريد لحام يتحول من التدريس إلى التمثيل

دريد لحام، المولود في 9 فبراير 1934 بحي الأمين في دمشق، لم يكن يخطط لدخول عالم الفن في البداية. نشأ في أسرة متواضعة، وعمل في مهن مختلفة قبل أن يدرس الكيمياء ويصبح مدرسًا في الجامعة. لكن شغفه بالفن دفعه لترك التدريس عام 1960، حين انضم إلى صديقه نهاد قلعي في تقديم “سهرة دمشق” على التلفزيون السوري. من هنا بدأت رحلته مع شخصية “غوار الطوشة”، التي جعلته أحد أبرز الكوميديين في العالم العربي.

تعاون صباح الجزائري ودريد لحام الفني

قبل وبعد تلك التجربة الشخصية القصيرة، كان لصباح ودريد تعاون فني مميز. في سبعينيات القرن الماضي، شاركا في أعمال مثل مسلسل “ملح وسكر” عام 1973، وفيلم “غوار جيمس بوند” عام 1974، بالإضافة إلى مسرحية “ضيعة تشرين”. هذا التعاون عزز مكانة صباح كنجمة صاعدة، بينما كان دريد يرسخ حضوره كأيقونة كوميدية. حتى بعد انفصالهما، عادا للعمل معًا في فيلم “دمشق حلب” عام 2018، ما أثبت استمرارية علاقتهما المهنية رغم الماضي.

حياة صباح الجزائري بعد دريد لحام

بعد انتهاء زواجها القصير من دريد، اتجهت صباح نحو حياة جديدة مع اللبناني رباح التقي. هي من بادرت بطلب الزواج منه بعد صداقة طويلة، وأثمر هذا الارتباط ثلاثة أبناء: كرم، رشا، وترف. صباح، التي اشتهرت بدور “أم عصام” في “باب الحارة”، واصلت مسيرتها الفنية بنجاح، لكنها ظلت بعيدة عن الأضواء الإعلامية، مفضلة التركيز على عائلتها وأعمالها.

دريد لحام يتحدث عن ندمه

في لقاءات لاحقة، لم يخفِ دريد لحام ندمه على زواجه من صباح، واصفًا إياه بـ”الخطأ” الذي سرعان ما تراجع عنه. في حوار مع الإعلامي محمد قيس عام 2024، أشار إلى أن زوجته هالة بيطار كانت الداعم الأكبر له، مشيدًا بصبرها وتفهمها. هذا التصريح أثار جدلًا بين محبي صباح، الذين اعتبروا أن كلماته قللت من احترامها كفنانة وإنسانة، لكنه أكد أن احترامه لها كزميلة لم يتغير.

أهم أعمال صباح الجزائري الفنية

مسيرة صباح الفنية حافلة بالأعمال المتنوعة. بعد بدايتها مع دريد، شاركت في مسلسل “بريمو” وفيلم “ذكرى ليلة حب” عام 1973، ثم توالت أعمالها مثل “الغجرية العاشقة” عام 1974. لكن الدور الذي خلّدها في أذهان الجمهور كان “أم عصام” في “باب الحارة”، الذي قدمته بين 2006 و2017، حيث شكلت ثنائية ناجحة مع عباس النوري. من أعمالها الأخرى: “سمك بلا حسك” و”الإجازة السعيدة”.

أبرز إنجازات دريد لحام في مسيرته

دريد لحام ليس مجرد ممثل، بل مبدع متعدد المواهب. بدأ بـ”سهرة دمشق” عام 1960، ثم قدم أعمالًا خالدة مثل مسلسل “حمام الهنا” وفيلم “الحدود” عام 1984. مسرحياته مثل “كاسك يا وطن” عام 1979 و”شقائق النعمان” عكست رؤيته النقدية للمجتمع. حصل على جوائز عديدة، منها وسام الاستحقاق السوري ودكتوراه فخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2010.

تأثير صباح الجزائري ودريد لحام على الدراما السورية

لا يمكن الحديث عن الدراما السورية دون ذكر صباح ودريد. الأولى أضافت لمسة عاطفية وإنسانية لشخصياتها، بينما أتقن الثاني مزج الكوميديا بالنقد الاجتماعي. معًا، ساهما في تعزيز مكانة الفن السوري عربيًا، سواء من خلال تعاونهما المباشر أو عبر مساهماتهما الفردية التي ألهمت أجيالًا من الفنانين.