يسرا وهي صغيرة

تُعد يسرا واحدة من أبرز نجمات الفن في مصر والعالم العربي، حيث تركت بصمة واضحة في السينما والدراما بأدوارها المتنوعة التي جمعت بين الجرأة والعمق. ولدت في العاصمة المصرية القاهرة يوم 10 مارس 1955 باسم سيفين محمد حافظ نسيم، لكنها اشتهرت باسم “يسرا” الذي أصبح رمزًا للأناقة والموهبة. بدأت مشوارها الفني في أواخر السبعينيات، لتتحول بسرعة إلى أيقونة تتألق في أعمال لا تُنسى. لم تكن حياتها الشخصية بعيدة عن التحديات، خاصة في طفولتها التي شهدت ظروفًا صعبة، لكنها استطاعت أن تحول تلك التجارب إلى دافع للنجاح. تزوجت من المهندس خالد سليم، وأصبحت سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 2006، مما عزز مكانتها كشخصية مؤثرة داخل وخارج الوسط الفني.

طفولة يسرا لم تكن سعيدة

لم تكن الأيام الأولى في حياة يسرا مليئة بالبهجة كما قد يتخيل البعض لنجمة بحجمها. فقد وُلدت كطفلة وحيدة لوالديها، لكن انفصالهما المبكر ترك أثرًا عميقًا عليها. عاشت مع والدها الذي فرض عليها حياة صارمة، بعيدة عن والدتها التي كانت تمثل لها الملاذ العاطفي. تحدثت يسرا لاحقًا عن تلك الفترة بأنها كانت مليئة بالقسوة، حيث أُجبرت على العيش مع والدها لمدة سبع سنوات، وهي السنوات التي وصفتها بأنها الأصعب في حياتها. هذا الانفصال لم يكن مجرد حدث عابر، بل شكّل شخصيتها وجعلها أكثر إصرارًا على تحقيق ذاتها.

كيف عاشت يسرا طفولتها مع والدها؟

خلال سنواتها الأولى، واجهت يسرا تحديات كبيرة بسبب طباع والدها الصلبة. لم يكن يسمح لها بالتواصل مع والدتها، مما زاد من شعورها بالعزلة. كما منعها من تحقيق حلمها بالالتحاق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهو ما اعتبرته ضربة قوية لطموحاتها التعليمية. عاشت في ظل قواعد صارمة حتى بلغت سن 21، حين عادت إلى حضن والدتها لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها. هذه التجربة القاسية علمتها الصبر والقوة، وهي صفات انعكست لاحقًا في اختياراتها الفنية والشخصية.

علاقة يسرا بوالدتها كانت ملاذها

على عكس علاقتها المضطربة بوالدها، كانت والدتها السيدة سهيلة وهبي عمر بمثابة الدعم الحقيقي ليسرا. بعد عودتها إلى والدتها في سن الشباب، وجدت فيها السند الذي ساعدها على الانطلاق نحو أحلامها. تحدثت يسرا في لقاءات لاحقة عن مدى ارتباطها بأمها، مشيرة إلى أنها كانت تشاركها كل تفاصيل حياتها دون استثناء. هذا الارتباط العميق جعلها ترى في والدتها “كل شيء في حياتها”، خاصة بعد السنوات الصعبة التي قضتها بعيدة عنها.

بداية يسرا الفنية جاءت مبكرة

لم تتوقف طموحات يسرا عند حدود طفولتها الصعبة، بل بدأت رحلتها الفنية في سن مبكرة نسبيًا. في أواخر السبعينيات، وبالتحديد عام 1973، ظهرت لأول مرة على الشاشة الفضية، حيث كانت شغوفة بالتمثيل منذ صغرها. اكتشفها مدير التصوير عبد الحليم نصر، لتبدأ مسيرتها بأدوار صغيرة سرعان ما تحولت إلى بطولات مع كبار النجوم. هذا الانطلاق المبكر كان بمثابة تعويض عن السنوات التي شعرت فيها بالقيود، حيث وجدت في الفن متنفسًا للتعبير عن نفسها.

تأثير طفولة يسرا على شخصيتها

لا شك أن الظروف التي مرت بها يسرا وهي صغيرة ساهمت في صقل شخصيتها. التحديات التي واجهتها، من انفصال والديها إلى القسوة التي عاشتها، جعلتها تكتسب قوة داخلية وإصرارًا على النجاح. هذه الصفات ظهرت بوضوح في اختياراتها الفنية، حيث كانت تميل إلى الأدوار التي تحمل عمقًا إنسانيًا وتعكس صراعات الحياة. كما أن تجربتها مع والدتها زادت من حساسيتها تجاه القضايا الاجتماعية، وهو ما دفعها لاحقًا لتبني أدوار تعبر عن هموم المرأة والمجتمع.

يسرا وزواجها من خالد سليم

في حياتها الشخصية، وجدت يسرا الاستقرار مع المهندس خالد سليم، شقيق الفنان هشام سليم وابن لاعب الكرة الشهير صالح سليم. بدأت قصتهما كصداقة طفولة، ثم تطورت إلى حب عميق انتهى بالزواج. اتفق الثنائي على عدم الإنجاب، وهو قرار أثار جدلاً بين الجمهور، لكن يسرا دافعت عنه بقولها إنه اختيار شخصي يناسب رؤيتهما للحياة. هذا الزواج كان بمثابة نقطة تحول بعد سنوات الاضطراب التي عاشتها في صغرها، حيث وجدت في خالد الدعم والرفقة.

دور يسرا كسفيرة للنوايا الحسنة

في عام 2006، اختيرت يسرا لتكون سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي خطوة عكست تأثيرها الكبير خارج إطار الفن. جاء هذا الاختيار تقديرًا لشهرتها الواسعة واهتمامها بقضايا المجتمع، خاصة تلك المتعلقة بالمرأة والمهمشين. هذا الدور لم يكن مفاجئًا لمن يعرف خلفيتها، فقد كانت طفولتها الصعبة دافعًا لها للعمل على تحسين حياة الآخرين، مما جعلها صوتًا مؤثرًا في المجال الإنساني.

أهم أعمال يسرا في بداياتها

بدأت يسرا مسيرتها السينمائية بأفلام مثل “فتاة تبحث عن الحب” و”ألف بوسة وبوسة” في عام 1977، حيث كانت لا تزال في مقتبل العمر. هذه الأعمال وضعتها على الطريق نحو النجومية، حيث أظهرت موهبة مبكرة في تقمص الشخصيات. في العام التالي، شاركت في “شباب يرقص فوق النار” مع عادل إمام، وهو العمل الذي مهد لتعاون طويل بينهما. هذه البدايات كانت انعكاسًا لرغبتها في إثبات نفسها بعد طفولة مليئة بالتحديات.

تطور يسرا الفني بعد السبعينيات

مع دخول الثمانينيات، بدأت يسرا تتألق بأدوار أكثر نضجًا. فيلم “حدوتة مصرية” مع يوسف شاهين كان نقطة تحول، حيث أظهرت قدرتها على تقديم شخصيات معقدة. كما تعاونت مع عادل إمام في أعمال مثل “الإنس والجن” و”طيور الظلام”، مما عزز مكانتها كنجمة من الصف الأول. هذه المرحلة شهدت تحولها من فتاة شابة تبحث عن مكانها إلى فنانة تترك بصمة قوية في كل عمل تشارك فيه.

باقي أعمال يسرا المميزة

لم تتوقف إبداعات يسرا عند هذا الحد، فقد قدمت لاحقًا أفلامًا مثل “الراعي والنساء” مع أحمد زكي، و”امرأة واحدة لا تكفي”، بالإضافة إلى مسلسلات ناجحة مثل “أين قلبي” و”فوق مستوى الشبهات”. كما أضافت إلى رصيدها تجربة غنائية مميزة مع أغنية “3 دقات” التي حققت انتشارًا واسعًا. هذه الأعمال أكدت أن يسرا لم تكن مجرد طفلة عاشت ظروفًا صعبة، بل أصبحت رمزًا للنجاح والتأثير في عالم الفن.