يُقدّر عدد سكان المملكة المغربية في عام 2024 بنحو 37 مليون نسمة تقريبًا، وفق الإحصائيات الرسمية. ويشهد هذا العدد زيادة تدريجية منذ عدة عقود، نتيجة لتحسن ظروف المعيشة، وتوسع نطاق التغطية الصحية، وارتفاع معدلات الولادة في الماضي. المغرب يتميز بتركيبة سكانية فتية، حيث يشكل الشباب نسبة كبيرة من مجموع السكان، وهو ما يُعد من العوامل المهمة في التخطيط التنموي المستقبلي للبلاد. وتختلف الكثافة السكانية من منطقة إلى أخرى، حيث تتركز النسبة الكبرى في المدن الكبرى والسواحل.
أقسام المقال
النمو الديموغرافي في المغرب
عرف المغرب نموًا ديموغرافيًا كبيرًا خلال القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، حيث انتقل عدد السكان من حوالي 10 ملايين نسمة في خمسينيات القرن الماضي إلى أكثر من 37 مليونًا اليوم. وقد لعب التقدم في مجالات الرعاية الصحية، والتعليم، وتوسيع الخدمات الاجتماعية، دورًا محوريًا في هذا النمو. ورغم أن معدل الخصوبة بدأ في التراجع في السنوات الأخيرة، إلا أن البنية السكانية تظل شابة نسبيًا، وهو ما يفرض تحديات وفرصًا في آن واحد.
التوزيع الجغرافي للسكان
يتركز معظم سكان المغرب في المناطق الشمالية والغربية، خصوصًا في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، فاس، ومراكش. في المقابل، تبقى المناطق الصحراوية والجبلية ذات كثافة سكانية منخفضة، ما يعكس الفوارق بين المناطق من حيث التنمية والبنية التحتية. السهول الساحلية والسهول الفاصلة بين سلاسل الجبال تستقطب السكان نظرًا لخصوبتها وتوفر فرص العمل. وتسعى الدولة إلى تحقيق التوازن من خلال تعزيز التنمية في المناطق الأقل كثافة.
التحول الحضري والهجرة الداخلية
شهد المغرب تحولات كبيرة في نمط العيش، حيث انتقلت أعداد كبيرة من السكان من القرى نحو المدن بحثًا عن فرص العمل والخدمات. هذا التحول الحضري أدى إلى توسع المدن، وظهور ضواحي جديدة، مما استدعى جهودًا كبرى لتطوير البنية التحتية. الهجرة الداخلية لعبت دورًا رئيسيًا في تغير الخريطة السكانية، وأثرت على طبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية داخل المدن، كما زادت من الضغط على الخدمات الأساسية.
التركيبة السكانية: الأعمار والجنس
يتسم المجتمع المغربي بتركيبة سكانية شابة، حيث يشكل من هم دون سن الثلاثين أكثر من نصف عدد السكان. هذا المعطى يُعد سلاحًا ذا حدين، إذ يمثل طاقة بشرية ضخمة من جهة، ويتطلب توفير فرص التعليم والتشغيل من جهة أخرى. أما من حيث الجنس، فإن التوزيع متقارب نسبيًا بين الذكور والإناث، مع ارتفاع متزايد في نسبة النساء العاملات والمتعلمات، ما يُعزز من مكانتهن في المجتمع المغربي بشكل تدريجي.
الهجرة وتأثيرها على السكان
تلعب الهجرة دورًا كبيرًا في التوازن السكاني بالمغرب، سواء من حيث الهجرة الداخلية أو الخارجية. أكثر من خمسة ملايين مغربي يعيشون في الخارج، أغلبهم في أوروبا، ويسهمون بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني من خلال التحويلات المالية. كما أن بعض المدن تشهد توافدًا متزايدًا للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، ما يجعل المغرب بلدًا للعبور والاستقرار في آن واحد. وتضع هذه التغيرات تحديات جديدة في مجال الاندماج والخدمات.
السياسات السكانية والاستشراف
تعتمد الدولة المغربية على سياسات سكانية متعددة الأبعاد تشمل تنظيم الأسرة، وتحسين الصحة الإنجابية، وتوسيع التعليم، وتوفير السكن والعمل للشباب. كما يتم إعداد دراسات ديموغرافية دورية تساعد في رسم السياسات المستقبلية المتعلقة بالتنمية والتخطيط العمراني. المغرب يعمل أيضًا على تعزيز العدالة المجالية لتقليص الفوارق السكانية بين المناطق الحضرية والريفية، وتقوية التماسك الاجتماعي وتحسين جودة الحياة.
مستقبل السكان في المغرب
تشير التقديرات إلى أن عدد سكان المغرب سيستمر في الارتفاع، ولكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في العقود الماضية، نظرًا لتراجع معدل الخصوبة وزيادة الوعي الصحي والتعليمي. هذا التغير سيفرض على الدولة إعادة هيكلة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية لمواجهة تحديات الشيخوخة المحتملة في المستقبل، وضمان استدامة النمو. التركيز سيكون على تأهيل الشباب، وتحسين الرعاية الصحية، وتوفير بيئة تنموية عادلة تشمل كل فئات السكان.