لماذا تخدش القطة الأثاث

من بين أكثر السلوكيات التي تثير قلق مالكي القطط هو ميلها الواضح لخدش الأثاث، بدءًا من الأرائك الفاخرة وانتهاءً بأرجل الطاولات أو حتى الستائر. قد يبدو هذا السلوك تخريبيًا في ظاهره، لكنه في الواقع انعكاس طبيعي لغريزة القطط وسلوكها الاجتماعي والنفسي والبدني. ومع أن الظاهرة شائعة، فإن تجاهل أسبابها قد يؤدي إلى تفاقمها، بينما يمكن لفهم الدوافع الخفية وتوفير بدائل مناسبة أن يحدّ منها بشكل كبير ويعيد الانسجام داخل المنزل.

الغريزة كعامل أساسي وراء الخدش

القطط بطبيعتها حيوانات صيّادة، وقد ورثت عبر تطورها عبر آلاف السنين حاجتها الدائمة للعناية بمخالبها. الخدش وسيلة فعّالة لإزالة القشرة الخارجية الميتة التي تغطي المخالب، كما أن هذه العملية تساعد في إبقاء المخالب حادة وسليمة. ومن المثير أن القطة تستمتع أثناء الخدش بتلك العملية الميكانيكية التي تمنحها شعورًا بالرضا الجسدي، تمامًا كما يشعر الإنسان بالراحة بعد تمارين التمدد.

الرسائل العطرية والبصرية في عالم القطط

القطة عندما تخدش الأثاث لا تترك فقط آثارًا مرئية، بل تبث أيضًا روائحها الخاصة عبر غدد موجودة في باطن كفوفها. هذه الرسائل الكيميائية تُعد بمثابة توقيع شخصي لها، تُشعرها بالأمان وتعلن للآخرين أن هذا المكان يخضع لملكيتها. في بيئة متعددة القطط، تُصبح هذه العلامات أكثر أهمية، إذ تساهم في تقليل المواجهات من خلال توضيح حدود النفوذ.

تنفيس عن التوتر أو إثبات للهوية

القطط قد تخدش الأثاث كوسيلة للتعامل مع مشاعر القلق أو الملل. فعندما تشعر القطة بعدم الاستقرار أو التغيير المفاجئ في بيئتها – مثل الانتقال إلى منزل جديد أو وصول ضيف غريب – قد تلجأ إلى الخدش كشكل من أشكال التنفيس النفسي. كما أن بعض القطط تستخدم الخدش كطقس يومي ثابت يساعدها على استعادة الشعور بالسيطرة وسط بيئتها.

ممارسة رياضية يومية

عندما تخدش القطة عموديًا أو أفقيًا، فإنها تمدّ عضلاتها بشكل كامل، خصوصًا عضلات الكتف والرقبة والظهر. هذا التمرين البسيط له دور كبير في الحفاظ على مرونة القطة الجسدية، لا سيما إذا لم تخرج كثيرًا من المنزل. ويعتبر هذا التمدد بمثابة إحماء أو تهدئة بعد نشاط بدني، وهو جانب لا يدركه كثير من المربين.

اختيار القطة لنوع السطح

ليست كل القطط تُفضل نفس الأسطح؛ فبعضها ينجذب نحو الخشب الصلب، بينما ينجذب البعض الآخر نحو القماش السميك أو السجاد الخشن. يتأثر هذا التفضيل بملمس السطح، مقاومته للخدش، وحتى الصوت الناتج عنه. هذه التفاصيل الصغيرة قد تحدد لماذا تُفضّل القطة كرسيًا معينًا دون غيره، لذا من المهم مراقبة ما تُحبذه القطة قبل محاولة توجيه سلوكها.

دور الروتين في تعزيز السلوك

القطط مخلوقات تحب الروتين، وعندما تجد بقعة معينة مريحة وتمنحها شعورًا بالأمان عند الخدش، فإنها تستمر في استخدامها. هذه العادة تصبح تلقائية مع الوقت. ولذلك، من الأفضل كسر هذا النمط من خلال تغيير ترتيب الأثاث أو وضع عوائق مؤقتة في المناطق المستهدفة.

التحفيز العقلي والبدني كوسيلة للوقاية

أحيانًا يكون الخدش ناتجًا عن فراغ ذهني، خاصةً لدى القطط المنزلية التي لا تخرج كثيرًا ولا تتفاعل بما يكفي مع بيئتها. يمكن معالجة ذلك من خلال تقديم ألعاب تفاعلية تُحفز القطة على الصيد والركض والتفكير. حتى العلب الكرتونية أو كرات الصوف قد تُشكل تغييرًا كبيرًا في سلوك القطة وتقلل حاجتها للخدش.

استخدام أعمدة خدش استراتيجية

أحد أنجح الحلول هو توفير أعمدة خدش طويلة ومستقرة مصنوعة من مواد تفضلها القطة. يُفضل وضع هذه الأعمدة في الأماكن التي تُمارس فيها القطة عادة الخدش، وخاصة قرب المداخل أو بجانب الأرائك. التنويع في شكل وأبعاد هذه الأعمدة يزيد من رغبة القطة في استخدامها.

طرق بديلة للحماية

إذا تعذر تعديل السلوك مباشرة، يمكن استخدام وسائل حماية مثل أغطية خاصة للأرائك، أو استخدام شرائط لاصقة مزدوجة الوجه تُزعج القطة عند اللمس، دون أن تؤذيها. كذلك، هناك منتجات تُرشّ على الأثاث تحتوي على روائح طبيعية كريهة بالنسبة للقطط لكنها غير ضارة.

القص الدوري للمخالب

الحفاظ على طول مناسب لمخالب القطة يُقلل من حاجتها للخدش، ويمنع الضرر الكبير إن حدث. يُنصح بقص المخالب مرة كل أسبوعين باستخدام مقص خاص، مع الحرص على عدم قص الجزء الوردي الحي منها لتجنب الألم أو النزيف.

أهمية التقييم السلوكي والطبي

إذا لاحظ المربي أن القطة تخدش بشكل مبالغ فيه، أو تُظهر سلوكًا عدوانيًا أثناء الخدش، فقد يكون هناك عامل طبي أو نفسي خلف السلوك. زيارة الطبيب البيطري للتقييم قد تكشف عن حالات مثل الحساسية الجلدية، القلق المزمن، أو حتى اضطرابات هرمونية.

خاتمة

خدش القطط للأثاث ليس مشكلة سلوكية بالمعنى السلبي، بل تعبير طبيعي عن غرائزها واحتياجاتها اليومية. كل ما تحتاجه القطة هو بعض التفهم والاحتواء وتوفير البدائل المناسبة. بهذه الطريقة يمكن الحد من السلوك المزعج دون التأثير على توازنها النفسي، مما يجعل العلاقة بين المربي وقطته أكثر انسجامًا وراحة.