يعتقد كثير من الناس أن البكاء مقترن بالبشر فقط، وأن الدموع هي الطريقة الوحيدة التي نُعبر بها عن مشاعرنا. لكن عندما نرى قطة تذرف دموعًا أو تصدر صوت مواء يشبه النحيب، نتساءل: هل القطة تبكي فعلًا؟ وهل دموعها دليل على حزن أو ألم نفسي؟ هذا السؤال ليس بسيطًا كما يبدو، فهو يفتح أبوابًا لفهم عميق لسلوكيات القطط ومشاعرها، بل وحتى الجوانب الطبية المرتبطة بصحتها. في هذا المقال، نغوص في عالم القطط لفهم ما إذا كانت دموعها تعبيرًا عاطفيًا أم مجرد عرض صحي يستدعي الانتباه.
أقسام المقال
الفرق بين دموع القطط والبكاء العاطفي
من المهم أولًا التمييز بين ما نعتبره “بكاء” وبين الوظائف الفسيولوجية لعيون القطط. فالقطة قد تفرز دموعًا بالفعل، ولكن هذه الدموع لا تُعد وسيلة للتعبير عن الحزن أو الفرح كما هو الحال عند الإنسان. وظيفة الدموع لدى القطط غالبًا ما تكون لترطيب العين أو التخلص من أجسام غريبة أو مهيجات. لذلك، فإن أي دموع تُلاحظ على عيني القطة يجب ألا تُفسر عاطفيًا على الفور، بل ينبغي التحقق من وجود مشكلة صحية.
المؤشرات السلوكية للحزن عند القطط
لا تعبّر القطط عن حزنها بالدموع، لكنها تُظهر مشاعرها من خلال تصرفاتها وسلوكها اليومي. فقد تلاحظ على القطة الحزينة عزوفًا عن اللعب، وقلة في الحركة، وانخفاضًا ملحوظًا في الشهية. كما قد تلجأ إلى الزوايا المظلمة، وتُقلل من تفاعلها مع محيطها أو أصحابها. هذه التغيرات السلوكية تُعد علامات قوية على وجود اضطراب عاطفي لدى القطة، سواء بسبب فقدان شخص مقرب، أو تغييرات في البيئة، أو حتى الغيرة من حيوان جديد في المنزل.
الأسباب الصحية وراء ذرف دموع القطط
توجد عدة حالات طبية تؤدي إلى ذرف دموع من عيني القطة، من أبرزها:
- التهابات العين مثل التهاب الملتحمة، والذي قد يكون بكتيريًا أو فيروسيًا.
- انسداد القنوات الدمعية، وهو شائع في بعض السلالات ذات الوجوه المسطحة.
- الحساسية تجاه مواد معينة مثل الغبار أو العطور أو الدخان.
- وجود جسم غريب داخل العين.
- مشكلات في نمو الجفن أو تقوس الرموش للداخل.
جميع هذه الحالات تتطلب تشخيصًا دقيقًا من طبيب بيطري مختص.
السلالات الأكثر عرضة لإفراز الدموع
بعض أنواع القطط معرضة أكثر من غيرها لمشاكل العيون المزمنة، مثل القطط الفارسية وقطط الهيمالايا وقطط الشيرازي. هذه السلالات تتميز بوجوه مسطحة (brachycephalic)، ما يجعل من الصعب تصريف الدموع بشكل طبيعي، وبالتالي تتجمع تحت العينين وتظهر كما لو أن القطة تبكي. في هذه الحالات، يحتاج المربون إلى تنظيف وجه القطة بانتظام لتفادي حدوث التهابات أو تهيج مستمر في الجلد.
هل للقطط مشاعر معقدة؟
يظن البعض أن القطط كائنات باردة لا تملك مشاعر، ولكن الدراسات الحديثة تُظهر عكس ذلك. فالقطط قادرة على الشعور بالحب، والغيرة، والحزن، وحتى التعلق العميق بأصحابها. قد لا تعبر عن هذه المشاعر بالدموع، لكنها تُظهرها في تصرفاتها، مثل التعلق المفاجئ، المواء المستمر، أو البحث عن الشخص الغائب في أنحاء المنزل. إنها كائنات مرهفة تتطلب فهمًا عميقًا لطبيعتها.
متى يجب القلق واستشارة الطبيب البيطري؟
إذا لاحظت أن قطتك تذرف دموعًا بكثرة، أو أن الإفرازات لها لون أصفر أو أخضر، أو إذا كانت العين حمراء أو منتفخة، فإن ذلك قد يكون مؤشرًا على التهاب أو عدوى تستدعي علاجًا فوريًا. أيضًا، في حال ظهرت على القطة أعراض مثل الخمول أو الامتناع عن الأكل، فلا يجب التهاون، إذ يمكن أن تكون هذه علامة على مشكلة صحية أكبر.
كيفية دعم القطة نفسيًا وجسديًا
بالإضافة إلى الرعاية الطبية، تحتاج القطة إلى دعم نفسي. وفر لها بيئة آمنة، وألعابًا تفاعلية، ووقتًا كافيًا من التفاعل الإيجابي. لا تترك القطة لفترات طويلة دون رفقة، خاصة إذا كانت قد فقدت حيوانًا آخر في المنزل أو تغير مكان إقامتها. كما يُمكن لموسيقى هادئة أو روتين منتظم أن يُخفف من توترها ويحسن من حالتها النفسية بشكل عام.
خاتمة
القطة قد تبدو وكأنها تبكي، ولكن الحقيقة أكثر تعقيدًا. فهي لا تذرف الدموع بدافع المشاعر، إنما تُعبر عن حزنها بطرق سلوكية دقيقة. ومن خلال فهم هذه السلوكيات والانتباه إلى صحتها الجسدية، نكون قد خطونا خطوة مهمة نحو رعاية أفضل وأكثر وعيًا لحيواناتنا الأليفة. البكاء في عالم القطط ليس كما نتصوره، لكنه لا يقل أهمية من حيث ما يكشفه عن حالتها العامة.