هل ترى القطط الألوان كالبشر

من أكثر الأسئلة التي تراود محبي القطط هي: هل ترى القطط العالم بنفس الألوان التي نراها نحن البشر؟ قد تبدو هذه التساؤلات بسيطة للوهلة الأولى، لكنها في الواقع تنطوي على أبعاد علمية عميقة تتعلق بتكوين العينين ووظائف الدماغ لدى القطط. كما أن فهم طبيعة رؤية القطط قد يساعدنا على فهم الكثير من تصرفاتها اليومية التي قد تبدو لنا أحيانًا غريبة أو غير مبررة.

الفروقات التشريحية بين عيون القطط وعيون البشر

تختلف عيون القطط عن عيون البشر من حيث البنية والوظيفة. تحتوي شبكية عين الإنسان على ثلاثة أنواع من الخلايا المخروطية المسؤولة عن استقبال الألوان (الأزرق، الأخضر، الأحمر)، بينما تمتلك القطط نوعين فقط، مما يحد من نطاق رؤيتها للألوان. كما تتميز القطط بوجود عدد أكبر من الخلايا العصوية، وهي المسؤولة عن الرؤية الليلية، ما يمنحها قدرة مذهلة على الرؤية في الظلام.

الألوان التي يمكن للقطط تمييزها

القطط ليست عمياء للألوان كما كان يُعتقد سابقًا، لكنها ترى العالم بألوان باهتة ومحدودة. فهي تستطيع التمييز بين اللونين الأزرق والأخضر بدرجات متفاوتة، لكنها لا تميز اللون الأحمر، الذي قد تراه مائلًا إلى الرمادي أو البني الداكن. هذا يجعل ألعاب القطط أو أطباقها الحمراء غير واضحة لها كما هي للبشر.

الرؤية الليلية وقدرة التتبع الحركي

ما تفتقده القطط في إدراك الألوان، تعوضه بكفاءة استثنائية في الرؤية الليلية. إذ تمتلك القطط بنية عاكسة تُسمى “tapetum lucidum” خلف الشبكية، تعمل على تحسين قدرتها على التقاط الضوء في الظلام. لذا فإنها ترى أفضل بحوالي 6 إلى 8 مرات من البشر في بيئات الإضاءة المنخفضة. إضافة إلى ذلك، تمتاز القطط بقدرة فائقة على تتبع الأجسام المتحركة بسرعة، وهي مهارة ضرورية لصيد الفريسة.

تأثير الرؤية على تفاعل القطط مع محيطها

بسبب محدودية إدراك الألوان، تعتمد القطط بدرجة أكبر على حاستي السمع والشم لفهم محيطها. فهي قد لا تميز لون لعبتها المفضلة، لكنها تميز حركتها أو رائحتها. كما تفضل الأشكال المتحركة أكثر من الألوان الزاهية، مما يفسر ميلها للانجذاب نحو الحشرات أو الخيوط المتحركة.

هل تعاني القطط من عمى ألوان جزئي؟

يمكن القول إن القطط تعاني من نوع من عمى الألوان الجزئي، يُشبه ما يعرف عند البشر باسم “عمى الألوان الأحمر-الأخضر”. فهي لا تستطيع التمييز بين الألوان الدافئة مثل الأحمر والبرتقالي، لكنها ترى الألوان الباردة بشكل أفضل نسبيًا. هذا لا يمثل مشكلة بالنسبة لها، نظرًا لطبيعة احتياجاتها في الحياة البرية.

مقارنة بين الرؤية القططية ورؤية الكلاب

من المثير للاهتمام أن رؤية القطط تتشابه إلى حد ما مع رؤية الكلاب من حيث الألوان، إذ إن كلا النوعين يرى العالم ضمن نطاق لوني محدود. لكن القطط تتفوق في الرؤية الليلية والتفاعل مع الحركة، بينما تملك الكلاب قدرة أقوى على التمييز بين بعض الألوان.

كيف نتعامل مع رؤيتها المحدودة؟

من الجيد أن يضع أصحاب القطط في اعتبارهم طبيعة رؤية القطط عند اختيار الألعاب أو أدوات الطعام. يُفضل اختيار أشياء ذات ألوان بارزة بالنسبة للقطط مثل الأزرق أو الأخضر بدلاً من الأحمر. كما يُفضل تحفيز القطط بالحركة أو الصوت، بدلًا من الاعتماد فقط على الألوان.

خاتمة

في ضوء ما تقدم، يمكن القول إن القطط ترى العالم بطريقة تختلف تمامًا عن رؤية البشر. فهي لا تعاني من عمى كامل، لكنها تعتمد على مجموعة من الحواس الأخرى لتعويض ما ينقصها من تمييز الألوان. إن فهمنا لهذه الفروقات يساعدنا على التعامل مع القطط بشكل أفضل، ويوفر لها بيئة أكثر ملاءمة وراحة.