لطالما كانت القطط مصدر إلهام ودهشة للبشر، لا سيما حين نراقبها أثناء نومها ونلاحظ تلك الحركات العشوائية لأطرافها أو ارتجاف شواربها وكأنها تعيش مغامرة في عالم آخر. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو: هل القطط تحلم فعلًا كما نحلم نحن؟ وهل لعقولها الصغيرة القدرة على نسج مشاهد وأحداث أثناء النوم؟ سنستعرض في هذا المقال تحليلاً علميًا وسلوكيًا مفصلاً لهذا الموضوع، مستندين إلى آخر ما توصلت إليه الدراسات حول سلوك النوم عند الحيوانات، مع تخصيص التركيز على القطط المنزلية.
أقسام المقال
ما الذي يحدث في دماغ القطة أثناء النوم
النوم عند القطط ليس مجرد خمول جسدي، بل نشاط عصبي داخلي معقد للغاية. القطط تمر بمراحل نوم شبيهة بتلك التي يمر بها الإنسان، من نوم خفيف إلى عميق ثم إلى مرحلة حركة العين السريعة (REM)، وهي المرحلة المرتبطة عادة بالأحلام. خلال هذه المرحلة، يُظهر دماغ القطة نمطًا كهربائيًا نشطًا جدًا، يُشابه إلى حد كبير النشاط الدماغي أثناء اليقظة، مما يعزز فرضية أن القطة تعيش حالات ذهنية معقدة، مثل الحلم.
عدد ساعات نوم القطة وأثرها على الحلم
تُعرف القطط بأنها من أكثر الحيوانات نومًا، إذ تقضي ما يقارب 70% من يومها في النوم. تُظهر الأبحاث أن القطط الصغيرة في السن (الهررة) تمر بمراحل نوم REM أطول من القطط البالغة، مما يشير إلى دور الحلم في تطور الدماغ وتعزيز الذاكرة. هذا النوم الطويل قد يتيح لها مساحة كبيرة للغوص في الأحلام، سواء كانت أحلامًا ممتعة أو مزعجة.
علامات تدل على أن قطتك تحلم
هناك سلوكيات كثيرة يمكن ملاحظتها تدل على أن القطة تعيش حلمًا أثناء نومها. من أبرز هذه العلامات: تحرك الأطراف، ارتجاف الذيل، حركات الفم، أصوات خفيفة تشبه الخرخرة أو المواء، بل وقد تفتح القطة عينيها قليلاً دون أن تستيقظ تمامًا. كل هذه الإشارات تحدث غالبًا خلال نوم REM، ما يجعلها مؤشرات قوية على نشاط عقلي داخلي يتضمن الحلم.
ماذا تحلم به القطط
رغم أننا لا نملك وسيلة لمعرفة محتوى أحلام القطة بشكل مباشر، إلا أن الباحثين يعتقدون أن محتوى أحلام القطط يتضمن سلوكيات مألوفة لها خلال اليقظة. قد تحلم القطة بمطاردة فريسة، أو اللعب بكرة من الصوف، أو القفز على الأريكة، أو حتى التفاعل مع أشخاص في حياتها اليومية. الدماغ يعيد ترتيب الذكريات والتجارب في الحلم، وهذا يساعد القطة على تعزيز مهارات البقاء والتعلم.
الكوابيس عند القطط هل هي ممكنة
تشير بعض الدراسات إلى أن القطط قد تمر بأحلام مزعجة تشبه الكوابيس. قد تلاحظ أن قطتك تستيقظ فجأة وهي في حالة من الفزع أو التوتر، وقد تصدر صوتًا غريبًا أو تهرب لتختبئ، مما يُعزز من احتمال تعرضها لحلم سيء. تُوصي الأبحاث بعدم إزعاج القطة في مثل هذه اللحظات، لأن ذلك قد يفاقم من قلقها.
لماذا تحلم القطط الأبعاد العصبية والمعرفية
الأحلام لا تحدث عبثًا، بل تلعب دورًا مهمًا في تنظيم الذاكرة وتحليل البيانات المكتسبة أثناء اليوم. في عالم الحيوان، وخاصة القطط، تُسهم الأحلام في محاكاة المهارات الضرورية للبقاء، مثل الصيد وتفادي المخاطر. تساعد الأحلام على تعزيز الوصلات العصبية التي تتشكل أثناء النهار، كما تحفّز النمو المعرفي للقطط الصغيرة.
تشابه الأحلام بين القطط والبشر
التشابه اللافت في دورات النوم بين القطط والبشر يجعلنا نعتقد أن هناك قواسم مشتركة في بنية الحلم. كما يحلم الإنسان بأحداث حياته، من المحتمل أن القطط تفعل الشيء نفسه لكن ضمن إطار غرائزي وفطري. حتى أن بعض العلماء رجحوا أن القطط قد تمتلك وعيًا لحظيًا داخل أحلامها، وهو ما يُعرف علميًا باسم “الحلم الواعي”، ولكن هذه الفرضية لا تزال في طور الدراسة.
نصائح للتعامل مع القطة أثناء نومها
من الأفضل ترك القطة تنام في هدوء، وعدم إزعاجها حتى لو لاحظت حركات غريبة أثناء نومها. الحلم جزء طبيعي وصحي من دورة نومها، ويُفضل أن تتم في بيئة آمنة وهادئة. إذا لاحظت تغيرًا مفاجئًا في نمط نوم القطة أو سلوكها أثناء النوم، قد يكون من المفيد استشارة طبيب بيطري.
خاتمة
في ضوء الأدلة السلوكية والعلمية، من المرجح جدًا أن القطط تحلم بالفعل أثناء نومها، بل وتعيش مشاهد معقدة تنعكس في حركات جسدها. هذا العالم الخفي الذي لا نراه بالعين المجردة يُظهر أن القطط تمتلك حياة داخلية أغنى مما نتوقع، مليئة بالصور والذكريات والتجارب التي تشكل وعيها البسيط ولكن العميق. ومع كل ارتجاف أثناء النوم، قد تكون قطتك في مغامرة لا تقل إثارة عن أحلامك أنت.