كلاب الكشف عن المتفجرات في المطارات

تُعَد الكلاب البوليسية وسيلة رئيسية في دعم الأمن داخل المطارات الدولية والمحلية، حيث تعتمد السلطات الأمنية على هذه الكائنات المدربة خصيصًا في مهام معقدة تتطلب دقة وسرعة استجابة لا يمكن للأجهزة الإلكترونية وحدها تأديتها. وفي ظل تصاعد التهديدات الإرهابية وتطور أساليب تهريب المواد الخطرة، أصبحت الكلاب البوليسية عنصرًا أساسيًا ضمن البروتوكولات الأمنية في معظم مطارات العالم.

لماذا تُستخدم الكلاب في الكشف عن المتفجرات؟

السبب الرئيسي يعود إلى امتلاك الكلاب حاسة شم خارقة تفوق قدرة الإنسان ملايين المرات، ما يجعلها قادرة على رصد أبسط الجزيئات المتطايرة من المواد المتفجرة حتى لو كانت مخفية داخل طبقات متعددة من الحاويات أو الأمتعة. إلى جانب ذلك، تُظهر الكلاب ولاءً وانضباطًا عاليين أثناء أداء المهمات، مما يجعلها أكثر أمانًا من الاعتماد الكلي على التكنولوجيا، خاصة في حالات الطوارئ أو انقطاع الكهرباء أو الأعطال التقنية.

مراحل تدريب كلاب الكشف عن المتفجرات

يبدأ تدريب كلاب الكشف عن المتفجرات عادة في سن مبكرة، غالبًا عند بلوغها ستة أشهر، ويتم اختيارها بعناية وفقًا لسلالاتها وصفاتها السلوكية. تتضمن مراحل التدريب تعويد الكلاب على روائح المواد المتفجرة مثل TNT والـRDX والنترات العضوية. يتدرج التدريب من الكشف البسيط إلى عمليات محاكاة لسيناريوهات حقيقية في بيئات مشابهة للمطارات، ويُكافأ الكلب عند إظهار استجابة صحيحة مثل الجلوس أو النباح الهادئ دون لمس الشيء المشبوه.

أنواع الكلاب المُفضَّلة لهذه المهام

من أشهر السلالات المستخدمة: الراعي الألماني، واللابرادور، والمالينوي البلجيكي، والكوكر سبانييل. تتميز هذه الأنواع بذكائها العالي، وتعاونها مع المدربين، وتحملها للضغط والإرهاق، وقدرتها على التركيز لفترات طويلة. كما أن بعضها يتمتع بحجم مناسب يسمح له بالتنقل بين صفوف الركاب أو بين الحقائب دون إحداث فوضى.

آليات عمل الكلاب داخل المطارات

تتنقل الكلاب بصحبة مدربين متخصصين عبر ممرات الركاب ومناطق الشحن ومخازن الأمتعة. يتم توجيهها لتشم الحقائب أو الأحذية أو حتى المقاعد. وعند التقاط رائحة غريبة، تقوم الكلاب بالإشارة فورًا دون إثارة هلع. وتُعتبر هذه الإشارات الدقيقة وسيلة فعالة لفرز الأمتعة أو الأشخاص دون تعطيل الرحلات أو إثارة الشبهات بشكل علني.

الفرق بين الكلاب وأجهزة كشف المتفجرات

رغم التطور الكبير في أجهزة الكشف الإلكترونية، إلا أنها تظل عاجزة عن التكيف مع جميع الظروف. فبعض المواد قد لا تُصدر إشارات قابلة للرصد بالأجهزة، أو تكون موضوعة بطرق تربك حساسات الماسحات. بينما تتمتع الكلاب بالقدرة على تحليل مجموعة من الروائح في الوقت ذاته، والتعامل مع التمويه المتعمد. كما أنها مرنة في الحركة ويمكنها تغطية مساحات واسعة بسرعة.

التحديات التي تواجه الكلاب البوليسية

الكلاب ليست محصنة ضد التعب، وقد تفقد تركيزها إذا عملت لساعات طويلة أو تعرضت لحرارة مفرطة. كما أن الروائح المتعددة في المطارات مثل العطور والوقود والطعام قد تؤثر أحيانًا على دقتها. لذلك، من المهم وضع برامج للراحة والرعاية البيطرية والغذائية المستمرة للحفاظ على فعاليتها. بالإضافة إلى ذلك، قد يتعرض بعضها لحالات إجهاد نفسي إذا لم تُدرج فترات ترفيهية أو تحفيزية ضمن الجدول اليومي.

قصص من الواقع تعكس فعالية الكلاب

في عام 2023، تمكن كلب من نوع لابرادور يعمل في مطار إسطنبول من الكشف عن عبوة ناسفة كانت مخفية في سماعة رأس داخل حقيبة شحن، ما أدى إلى إيقاف الشحنة قبل إقلاع الطائرة. وفي مطار جون كينيدي بنيويورك، ساعدت كلبة بوليسية في تحديد طرد يحتوي على مكونات متفجرة مخفية داخل هدايا. تُظهر هذه الحوادث مدى الأهمية البالغة لاستخدام الكلاب في البيئات ذات الحساسية الأمنية العالية.

تكاليف التدريب والرعاية

يُعد تدريب الكلاب البوليسية عملية مكلفة نسبيًا، حيث يتراوح سعر الكلب المدرب بين 10,000 و30,000 دولار، اعتمادًا على مستوى التدريب ونوع المهام التي يؤديها. إضافة إلى ذلك، تحتاج الكلاب إلى فرق رعاية دائمة، تشمل أطباء بيطريين، ومدربين، ومرافق للراحة والنوم، وتغذية خاصة. ورغم هذه التكاليف، إلا أن المردود الأمني يعادل أضعاف الاستثمار فيها.

دور المدرب في فعالية الكلب

لا يمكن الفصل بين أداء الكلب ومدى كفاءة المدرب المصاحب له. فالمدرب هو من يوجه الكلب، ويحلل إشاراته، ويتفاعل معه عند العثور على جسم مشبوه. وغالبًا ما تنشأ علاقة قوية بين الكلب والمدرب تستند إلى الثقة المتبادلة والتفاهم غير اللفظي. لذلك، يُختار المدربون بعناية ويخضعون لدورات تدريبية متخصصة في علم سلوك الحيوان وأساليب الكشف والتعامل مع المواقف الطارئة.

خاتمة

تُثبت كلاب الكشف عن المتفجرات يومًا بعد يوم أنها شريك لا غنى عنه في حماية أمن المطارات والملاحة الجوية. وبينما تستمر التهديدات الأمنية في التطور، تبقى هذه الكلاب مستعدة دائمًا بفضل قدراتها الغريزية والتدريب المكثف الذي تخضع له. وبالنظر إلى النجاحات المتكررة التي تحقّقها في منع الكوارث، فإن الاستثمار في هذا المجال ليس رفاهية، بل ضرورة حيوية لضمان سلامة المسافرين والعاملين في قطاع الطيران.