اللجوء في نيجيريا 

تواجه نيجيريا منذ سنوات أزمة إنسانية متفاقمة نتيجة لتعدد مصادر التهديدات الداخلية والخارجية التي تسببت في تدفقات مستمرة من اللاجئين والنازحين داخل حدودها. ومع حلول عام 2025، باتت البلاد موطنًا لآلاف اللاجئين، بينما يعيش ملايين النيجيريين في أوضاع نزوح قسري داخل وطنهم بسبب العنف وانعدام الأمن. بين أزمة الكاميرون، وتمرد جماعة بوكو حرام، وضعف البنية التحتية، تقف نيجيريا في مفترق طرق، ما بين استجابتها الإنسانية المحدودة والتزاماتها تجاه حقوق الإنسان الدولية.

حجم أزمة اللجوء في نيجيريا

تستضيف نيجيريا أكثر من 85,000 لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من دولة الكاميرون، وقد عبروا الحدود هربًا من الاضطرابات العنيفة التي تعصف بالمناطق الناطقة بالإنجليزية هناك. بالإضافة إلى هؤلاء، تشير الإحصائيات إلى وجود ما يفوق 3.3 مليون نازح داخلي في شمال شرق نيجيريا وحدها، فرّوا من مناطقهم نتيجة هجمات جماعة بوكو حرام واشتداد النزاعات بين المجتمعات المحلية حول الموارد الطبيعية. يتوزع اللاجئون على ولايات مثل كروس ريفر، تارابا، وبينو، حيث يتلقون أشكالًا متفاوتة من الدعم.

أسباب اللجوء والنزوح داخل نيجيريا

يتعدد نطاق الأسباب التي تدفع السكان إلى الفرار داخل نيجيريا أو إليها من دول الجوار، وتشمل النزاعات المسلحة، التوترات العرقية، الكوارث البيئية، والانهيار الاقتصادي. في الشمال الشرقي، أدى تمرد بوكو حرام المستمر منذ عام 2009 إلى دمار هائل في القرى والمدن، وتهجير جماعي للسكان. كما أن التغير المناخي يساهم في تصعيد التوترات بين المزارعين والرعاة في المناطق الوسطى والشمالية، حيث يشهد حوض بحيرة تشاد انخفاضًا حادًا في المياه.

ردود فعل الحكومة النيجيرية والسياسات المتبعة

في عام 2025، أطلقت الحكومة النيجيرية مراجعة شاملة لسياسات اللجوء والهجرة، بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي ومنظمات دولية. تضمنت الاستراتيجية الجديدة تحسين آليات التسجيل والهوية الرقمية للاجئين، وزيادة الدعم المقدم للمجتمعات المضيفة، مع العمل على مشاريع إعادة توطين مستدامة. ومع ذلك، ما زالت هذه السياسات تعاني من عقبات تنفيذية، على رأسها ضعف التمويل وغياب التنسيق المؤسسي الفعال.

اللاجئون من الكاميرون: قصة معاناة مستمرة

يعاني اللاجئون القادمون من الكاميرون أوضاعًا معيشية صعبة، إذ يعيش الكثيرون منهم في مستوطنات مؤقتة، غالبًا دون خدمات صحية كافية أو تعليم منتظم للأطفال. تسعى بعض البرامج إلى دمجهم تدريجيًا داخل المجتمعات المحلية، عبر توفير التدريب المهني ودعم سبل العيش، لكن الضغط على الخدمات والبنية التحتية في الولايات الحدودية يعرقل نجاح هذه الجهود.

الوضع الميداني في مخيمات النزوح

يعيش عدد كبير من النازحين داخليًا في مخيمات غير رسمية تفتقر إلى الأمن والمرافق الأساسية، مثل المياه النظيفة والرعاية الطبية. وتنتشر الأمراض المعدية نتيجة للاكتظاظ وسوء الصرف الصحي، في حين يواجه الأطفال والنساء مخاطر الاستغلال والعنف. ورغم جهود المنظمات غير الحكومية، فإن تزايد أعداد النازحين يجعل الاستجابة الإغاثية غير كافية لتغطية جميع الاحتياجات.

التمويل الدولي ودور الشركاء الإنسانيين

تلعب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى جانب منظمات مثل الصليب الأحمر ومنظمات إغاثية نيجيرية، دورًا حيويًا في توفير الحماية والمساعدة للمتضررين. غير أن الاستجابة لا تزال تعاني من نقص حاد في التمويل، إذ لم تُغطَّ سوى نسبة ضئيلة من نداءات الاستغاثة الأممية لعام 2025. هذا العجز يُجبر الجهات الفاعلة على تقليص بعض الخدمات الأساسية، مثل التعليم أو توزيع الغذاء.

المجتمعات المضيفة بين التضامن والضغط

في الولايات النيجيرية التي تستقبل اللاجئين والنازحين، تُظهر بعض المجتمعات مستويات عالية من التضامن والتكافل، خاصة في المناطق الريفية. ومع ذلك، فإن استمرار الأزمات وندرة الموارد يُحوّلان هذا التضامن إلى حالة من الإنهاك المجتمعي، حيث يشعر السكان الأصليون بأنهم مهملون في ظل تحويل الدعم إلى الوافدين الجدد. هذا الوضع يُنذر بصراعات مستقبلية إذا لم يُعالج من خلال توزيع عادل للموارد وتعزيز قدرات المجتمع.

الحلول المستدامة والآفاق المستقبلية

لا يمكن اعتبار المساعدات الإنسانية حلاً طويل الأمد لمشكلة اللجوء في نيجيريا. فهناك حاجة ملحّة إلى التركيز على الحلول الدائمة، مثل العودة الطوعية الآمنة، وإعادة التوطين، والدمج المحلي. يتطلب ذلك إصلاحًا أمنيًا واقتصاديًا شاملاً، إلى جانب دعم دولي طويل الأمد. كما أن معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات، بما في ذلك الفقر والتهميش والتغير المناخي، يُعد أمرًا ضروريًا لتحقيق استقرار دائم في البلاد والمنطقة.