ليث المفتي من أي محافظة

ليث المفتي، اسم لمع في سماء الدراما السورية خلال السنوات الماضية، لما يتمتع به من حضور قوي وموهبة فريدة مكنته من حفر اسمه بين كبار الفنانين السوريين. بدأ مشواره الفني من بوابة الموسيقى، لكنه سرعان ما انتقل إلى عالم التمثيل الذي وجد فيه شغفه الحقيقي، ليبدع في تقديم شخصيات معقدة تركت أثرًا لدى الجمهور العربي. ينتمي ليث المفتي إلى محافظة حلب السورية، التي كانت ولا تزال منبعًا للإبداع الفني والثقافي، وقد أثرت نشأته في هذه المدينة العريقة بشكل مباشر في تكوين شخصيته الفنية ومسيرته الإبداعية.

ليث المفتي من محافظة حلب ذات الإرث الثقافي العميق

محافظة حلب تُعد واحدة من أقدم وأعرق المدن في العالم، وهي مركز تاريخي وثقافي غني بالتراث والفنون. نشأ ليث المفتي في بيئة مشبعة بالأصالة، حيث كان للموسيقى والمسرح والموروث الشعبي دور كبير في تشكيل وعيه الفني. هذا التفاعل مع الأجواء الحلبية الأصيلة جعله يكتسب حسًا فنيًا مرهفًا ساعده لاحقًا في إبراز شخصياته التمثيلية بطريقة متقنة تُلامس مشاعر المتلقي.

ليث المفتي وتأثير حلب في تكوينه الفني

منذ صغره، كان ليث يهوى الفن بمختلف أشكاله، بدءًا من الموسيقى التي درسها في المعهد العربي للموسيقى بحلب، حيث شارك بالعزف مع الفرقة السيمفونية الوطنية. لم يكتفِ بذلك، بل واصل طريقه بالالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، متأثرًا بأجواء حلب التي زرعت فيه حب المسرح والدراما. هذه الخلفية الغنية ساعدته على تقديم أداء متوازن يجمع بين الإحساس الموسيقي والدقة في الأداء التمثيلي.

ليث المفتي بين الغناء والتمثيل

بدأ ليث المفتي مشواره مع الغناء والموسيقى الكلاسيكية، وهو جانب لا يعرفه الكثيرون من الجمهور، حيث كان يُعرف عنه صوت مميز وقدرة على الأداء الحساس. لكن ما إن التقى بشغف التمثيل حتى أدرك أن مستقبله الحقيقي يكمن في الوقوف أمام الكاميرا، لا خلف الميكروفون. هذه النقلة النوعية جعلته يُعيد توجيه بوصلته الفنية ليبدأ صفحة جديدة مليئة بالتحديات والطموح.

ليث المفتي في دراسته الفنية ومحيطه الإبداعي

خلال دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية، كان ضمن دفعة مميزة ضمت نخبة من الفنانين السوريين الذين أصبحوا فيما بعد من نجوم الصف الأول، مثل قصي خولي وباسل خياط وسلافة معمار. هذا المحيط الإبداعي شكّل بيئة تنافسية ساعدت في صقل مهاراته ودفعته لتقديم الأفضل دومًا. كان حريصًا على التعلم والتطور، واستفاد من التجارب الفنية المتنوعة التي مر بها أثناء الدراسة.

ليث المفتي وبداية انطلاقته الدرامية

بعد التخرج، بدأ ليث بخطوات ثابتة في عالم الدراما، حيث شارك في عدة مسلسلات بأدوار ثانوية حتى جاءت انطلاقته الحقيقية في مسلسل “قلة ذوق وكثرة غلبة” بدور ربحي. جذب هذا الدور الانتباه إلى موهبته، وجعل الجمهور يتعرف على فنان مختلف قادر على تجسيد شخصيات شعبية ومعاصرة بأسلوب مقنع. هذا النجاح فتح أمامه أبوابًا عديدة في عالم الدراما، ليثبت لاحقًا أنه ليس مجرد نجم عابر، بل فنان له بصمة خاصة.

ليث المفتي في أبرز أعماله الدرامية

شارك ليث في العديد من الأعمال التي لاقت رواجًا، مثل “باب الحارة” الجزء التاسع بشخصية ظافر، و”الظاهر بيبرس”، و”زمان الصمت”، و”كوم الحجر”، إلى جانب مشاركات مهمة في أفلام مثل “رد القضاء”. هذه الأدوار أكدت مرونته وقدرته على التنقل بين أنماط تمثيلية مختلفة، من الشخصيات التاريخية إلى الشعبية إلى المركبة نفسيًا. كما أضاف لمسيرته مشاركته في فيلم إيراني بعنوان “بتوقيت الشام”، ليؤكد بذلك حضوره خارج الحدود المحلية.

ليث المفتي في مجال الدوبلاج والتقديم

لم يقتصر عطاؤه الفني على التمثيل فقط، بل دخل مجال الدوبلاج أيضًا، حيث أدى أصواتًا لشخصيات رئيسية في أعمال شهيرة مثل “قيامة أرطغرل” بدور غوندغدو، و”فيلينتا” بدور الأمير محمد. كما قدّم برنامج الأطفال “الطبق الطائر” على قناة الجزيرة، وأثبت فيه قدرته على التواصل مع فئة عمرية مختلفة. هذا التنوع في المهارات يعكس عمق موهبته وحرصه على خوض تجارب جديدة تثري مسيرته.

ليث المفتي وحياته الخاصة واختياراته الشخصية

على الصعيد الشخصي، يعيش ليث حياة أسرية مستقرة مع زوجته “زينة” وطفليه “لارا” و”أوس”. ورغم حصوله على الجنسية السويدية، إلا أنه فضل البقاء في سوريا، معبرًا عن انتمائه وارتباطه الروحي بوطنه. يرى أن العيش خارج سوريا لا يُشبهه، وأنه يجد في دمشق تحديدًا بيته الحقيقي مهما كانت الظروف.

ليث المفتي ورؤيته للدراما السورية

في تصريحاته الإعلامية، غالبًا ما يُشيد ليث بالدراما السورية وقدرتها على التجدد رغم التحديات، ويؤمن بأهمية تقديم أعمال تُعبّر عن الواقع السوري وتعكس نبض المجتمع. يسعى باستمرار إلى اختيار أدوار ذات مضمون إنساني أو اجتماعي، ويعتبر أن الفنان الحقيقي هو من يحمل رسالة من خلال فنه.

ليث المفتي في أعين الجمهور

نال ليث المفتي محبة الجمهور السوري والعربي على حد سواء، لما يتمتع به من صدق في الأداء وتواضع في التعامل مع الآخرين. يحظى بتقدير واحترام من زملائه في الوسط الفني، ويُعتبر مثالًا للفنان المثقف والملتزم بقضايا مجتمعه.

ليث المفتي: خلاصة مسيرة وتطلع للمستقبل

من محافظة حلب، خرج ليث المفتي ليبني لنفسه مكانة مرموقة في الدراما السورية والعربية. رحلته من الموسيقى إلى المسرح ثم الشاشة لم تكن سهلة، لكنها كانت مليئة بالإصرار والالتزام والرغبة في التميز. ومع كل عمل جديد، يثبت أنه فنان من طراز خاص، يحمل معه عبق حلب وأحلام الفنانين الصادقين.