في عالم الفن السوري، تبرز أسماء كثيرة استطاعت أن تترك أثرًا بارزًا لدى الجمهور، ومن بينها ليث المفتي، الفنان الذي جمع بين الموهبة الفطرية والجدية في الأداء. رغم أن مسيرته الفنية متشعبة وغنية، إلا أن خلف هذه الشخصية الفنية تقف مجموعة من التأثيرات العائلية التي ساهمت في تكوين شخصيته، وعلى رأسها علاقة خاصة بوالده، لم تكن محورًا في سيرته، لكنها شكلت ملمحًا دافئًا فيها.
أقسام المقال
ليث المفتي: نشأته وبداياته الفنية
وُلد ليث المفتي عام 1977 في مدينة دمشق، وترعرع في بيئة سورية تقليدية، تحمل طابع المدينة وتُحاكي في ملامحها الثقافة العريقة. بدأ شغفه بالفن منذ سنوات المراهقة، حين كان يشارك في الفعاليات المدرسية ويُقلد الفنانين في محيط أسرته وأصدقائه. ومع مرور الوقت، أصبح حلمه بالدخول إلى عالم الفن أكثر وضوحًا، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وبدأت مسيرته تأخذ مسارًا احترافيًا.
ليث المفتي: التنوع في الأدوار والمسارات
تميّز ليث المفتي بقدرته على تجسيد شخصيات متعددة، من الأدوار الجادة إلى الكوميديا، ومن الشخصيات الشعبية إلى النخبوية. هذا التنوع جعله من الفنانين القادرين على أداء أدوار البطولة أو الدعم بنفس الإتقان. لم يكن يبحث عن الانتشار السريع، بل كان يختار أعماله بعناية، واضعًا أمامه معيار الجودة على حساب الكم، وهو ما أكسبه احترام زملائه والجمهور على حد سواء.
ليث المفتي وملامح شخصيته خارج الشاشة
بعيدًا عن الأضواء، يُعرف ليث المفتي بشخصيته الهادئة والمتواضعة. لا يُكثر من الظهور الإعلامي، ويُفضل أن يتحدث عمله الفني عنه. هذه السمات تنعكس في أدائه، حيث يُلاحظ المشاهد عمقًا داخليًا في الشخصيات التي يقدمها، كأنه يضع شيئًا من ذاته في كل دور، ويعيد تشكيله حسب السياق الدرامي.
ليث المفتي وعلاقته بوالده
رغم أن والده لم يكن شخصية معروفة في الوسط الفني، إلا أن وجوده في حياة ليث كان له أثر نفسي واضح، خاصة في فترة الطفولة وبداية الطريق المهني. كان والده داعمًا لمسيرته ومشجعًا له على خوض تجربة التمثيل. وحين تُوفي عام 2017، أثناء تصوير مسلسل “سايكو”، عبّر ليث عن حزنه العميق بخاطرة قصيرة، لكنها مليئة بالمشاعر. هذا الفقد لم يكن محطة محورية في مسيرته، لكنه أضفى على شخصيته مزيدًا من العمق والاتزان.
ليث المفتي بعد رحيل والده: استمرارية ومسؤولية
بعد وفاة والده، لم يتغير مسار ليث المهني، لكنه أصبح أكثر صمتًا، وأكثر التصاقًا بمفاهيم الأصالة والوفاء. واصل تقديم الأعمال بروح مسؤولة، مشاركًا في مسلسلات تحمل قضايا المجتمع وهموم الناس، مؤكدًا أن الفنان لا ينفصل عن محيطه. ولم تكن هذه المرحلة انعطافة درامية في حياته، بل امتداد لمسيرة نضج بدأت منذ أولى خطواته في المسرح.
حضور ليث المفتي في الدراما السورية
على مدار العقدين الأخيرين، شارك ليث المفتي في مجموعة من أبرز الأعمال الدرامية السورية، وكان له حضور واضح في أعمال مثل “الولادة من الخاصرة”، و”سايكو”، وغيرها من المسلسلات التي تمزج بين القضايا الاجتماعية والتشويق. لم يكن نجم الشباك دائمًا، لكنه كان ركيزة فنية يُعتمد عليها في بناء المشاهد وإيصال الرسائل.
خاتمة: ليث المفتي وفن المصداقية
يُعد ليث المفتي أحد الفنانين الذين يتحدث حضورهم الفني عنهم أكثر من أي حوار إعلامي. لم يجعل من مآسيه محاور مركزية، بل منحها جزءًا من هدوئه الداخلي، وحوّلها إلى طاقة تعبيرية على الشاشة. علاقة ليث بوالده لم تكن محور حياته، لكنها كانت من تلك التفاصيل الصغيرة التي تزرع أثرًا طويلًا دون أن تصنع ضجيجًا.