هل ليث المفتي علوي

يُعد الفنان السوري ليث المفتي واحدًا من أبرز الوجوه التي لمعت في الدراما السورية خلال العقود الأخيرة، إذ تمكَّن من ترك بصمة واضحة بأدائه الفني، وشخصيته المتميزة، وخياراته الجريئة في الحياة والمهنة. ما جعل اسمه حاضرًا بقوة في المشهد الإعلامي ليس فقط أعماله الفنية، بل أيضًا مواقفه السياسية وانتماءاته الدينية التي لطالما أثارت الفضول. وفي هذا المقال، نسلط الضوء على خلفية ليث المفتي الطائفية والسياسية، ونحاول الإجابة عن السؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل ليث المفتي علوي؟

ليث المفتي ومسيرته الفنية الغنية

ينتمي ليث المفتي إلى جيل من الفنانين السوريين الذين لمعوا في فترة ما بعد الألفية، ونجحوا في بناء قاعدة جماهيرية واسعة في سوريا وخارجها. وُلد في مدينة حلب عام 1977، وبدأ مشواره الفني من بوابة الموسيقى، حيث درس في المعهد العربي للموسيقى، وشارك مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية في أعمال موسيقية راقية.

لكن شغفه بالتمثيل دفعه لاحقًا للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وتخرج منه عام 2000، ضمن دفعة ضمت نجومًا مثل باسل خياط وقصي خولي وسلافة معمار. منذ تخرجه، شارك في عشرات الأعمال الدرامية، وتميز في أدوار متنوعة مثل “زمان الصمت” و”الظاهر بيبرس” و”باب الحارة”، ليُعرف بقدرته العالية على تقمص الشخصيات وتقديم أداء صادق ومؤثر.

ليث المفتي وأدواره الجريئة في الدراما

لم يكن ليث المفتي مجرد ممثل يؤدي أدوارًا تقليدية، بل خاض تحديات فنية كبيرة، وتميّز بقبوله لأدوار جريئة ومعقدة في آن واحد. برز بشكل خاص في أدوار الشخصيات النفسية المتوترة أو المتقلبة، وكذلك في أدوار رجال الأمن أو الشخصيات التاريخية التي تتطلب حضورًا قويًا.

هذا التنوع في اختياراته جعله يرسّخ مكانته كفنان ملتزم، يُفضّل الجودة الفنية على الانتشار السريع، ويبتعد عن الأعمال التي تفتقر إلى العمق أو الرسالة.

ليث المفتي وحياته الشخصية والعائلية

يحرص ليث المفتي على إبقاء حياته الشخصية بعيدة عن وسائل الإعلام، إلا أن بعض المعلومات المتوفرة تشير إلى أنه متزوج وأب لطفلين: لارا وأوس. في أكثر من مناسبة، تحدث المفتي عن علاقته الوطيدة بأسرته، وحرصه الدائم على أن يكون قريبًا من أبنائه رغم انشغاله في العمل.

ورغم السفر والتنقل بسبب ظروف العمل أو الإقامة المؤقتة خارج سوريا، إلا أنه أكد في عدة تصريحات أن انتماءه الأول والأخير هو لوطنه وعائلته، مشيرًا إلى أن الغربة لا تمنحه الشعور بالاستقرار.

ليث المفتي وموقفه السياسي الداعم للنظام

من الأمور التي أثارت جدلًا واسعًا حول شخصية ليث المفتي، هو موقفه السياسي المعلن بتأييد النظام السوري بقيادة بشار الأسد. ففي الوقت الذي اختار فيه عدد من الفنانين السوريين الوقوف مع المعارضة أو الهجرة، بقي المفتي من الأصوات الفنية المؤيدة للحكومة، وهو ما عرّضه لانتقادات حادة من أطراف عدة.

وقد تجلت هذه الانتقادات بشكل خاص أثناء إقامته المؤقتة في السويد، حيث كشف لاحقًا أنه أُجبر على مغادرة البلاد بعد أن وُجهت إليه تقارير من لاجئين سوريين، وصفوه بأنه موالٍ للنظام السوري. وقد رُفض طلبه للحصول على الجنسية السويدية لهذا السبب، ما جعله يعود إلى دمشق ويؤكد أنه لا يشعر بأي ندم حيال ذلك.

ليث المفتي وانتماؤه الطائفي المُرجَّح

بالرغم من عدم وجود تصريح مباشر من ليث المفتي حول طائفته، إلا أن كثيرين يرجحون انتماءه للطائفة العلوية، استنادًا إلى موقفه السياسي المؤيد للأسد، وكذلك لهجته ومحيطه الاجتماعي، وبعض المظاهر الثقافية والدينية التي ألمح لها في مقابلات سابقة.

في السياق السوري، كثيرًا ما يتم الربط بين تأييد النظام والانتماء الطائفي، خاصة في حالات الفنانين الذين يعلنون ولاءهم للنظام في ظل صراع سياسي وطائفي مستمر منذ سنوات. ومع ذلك، يظل هذا الأمر ضمن دائرة التقديرات، لغياب أي تصريح رسمي من الفنان ذاته حول مذهبه.

عودة ليث المفتي إلى سوريا وتمسكه بالهوية

بعد مغادرته للسويد، عبّر المفتي عن ارتياحه للعودة إلى سوريا، رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية. في مقابلات إعلامية، قال بوضوح إنه لا يرى نفسه في أوروبا، وإنه لا يرغب في الحياة في بيئة يشعر فيها بأنه مرفوض أو غريب. هذا التمسك بسوريا رغم كل التحديات يعكس ارتباطًا عميقًا بالهوية والانتماء، سواء الوطني أو الديني.

كما أوضح في تصريحات أخرى أنه يخشى على سوريا من التحول إلى دولة دينية متشددة، في إشارة إلى رفضه لفكر الإخوان المسلمين أو الجماعات الإسلامية السياسية، وهو ما ينسجم مع خطاب النظام السوري ومع ما تروّج له وسائل الإعلام الرسمية.

خلاصة: فنان مثير للجدل في الفن والسياسة

لا يمكن الحديث عن ليث المفتي بمعزل عن مواقفه الجريئة سواء في الفن أو السياسة. هو فنان موهوب له بصمة واضحة في الدراما السورية، لكنه أيضًا شخصية ذات مواقف أثارت الجدل والانقسام. وبين مسيرته الفنية اللامعة ومواقفه السياسية المثيرة للجدل، يبقى ليث المفتي شخصية تستحق التوقف عندها.

أما عن انتمائه الطائفي، فمع أنه لم يُصرّح بذلك صراحة، إلا أن الترجيحات والقرائن تميل إلى أنه ينتمي إلى الطائفة العلوية، خاصة في ظل دعمه الصريح للنظام السوري، وتمسكه بالبقاء في سوريا رغم الفرص المتاحة خارجيًا.