يُعد الفنان السوري جهاد الزغبي من أبرز نجوم الدراما العربية الذين تركوا بصمتهم في عالم الفن منذ بدايات الثمانينيات، إذ تمكن خلال مسيرته الممتدة لأكثر من أربعة عقود من تقديم أدوار متنوعة تتراوح بين البطولة والشخصيات الداعمة التي يصعب نسيانها. وُلد في العاصمة السورية دمشق، وتخرّج في المعهد العالي للفنون المسرحية، ليكون من بين نخبة الفنانين الذين ساهموا في صياغة هوية الدراما السورية خلال سنوات ازدهارها، ومن ثم سنوات تحدياتها. ورغم ظهوره الإعلامي القليل مقارنة بزملائه، فإن حضوره الفني القوي جعل اسمه مألوفًا لدى الجمهور العربي. في هذا المقال نسلّط الضوء على ديانة جهاد الزغبي، وجوانب أخرى من حياته الفنية والشخصية.
أقسام المقال
ديانة جهاد الزغبي ونشأته الدينية
وُلد جهاد الزغبي ونشأ في أسرة مسلمة تقيم في حي دمشقي تقليدي محافظ، حيث كان للبيئة الاجتماعية والدينية دور مهم في تشكيل شخصيته وتوجهاته الفكرية. لم يكن يومًا من الفنانين الذين يبالغون في الإعلان عن خلفياتهم الدينية، لكنه كان دائمًا يُعرف ضمن الوسط الفني والثقافي بأنه مسلم الانتماء والممارسة، يلتزم بقيم التسامح والاحترام، سواء في سلوكه الشخصي أو في اختياراته الفنية. لم يُعرف عنه الانتماء لمذهب محدد ضمن المذاهب الإسلامية، لكنه من المعروف أن دمشق تحتضن طيفًا واسعًا من الطوائف الإسلامية المتنوعة، مما يضفي على أي فنان ينشأ فيها طابعًا معتدلًا ومنفتحًا.
جهاد الزغبي ومسيرته التعليمية والفنية الأولى
قبل أن يصبح نجمًا معروفًا، التحق جهاد الزغبي بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، حيث تلقى تكوينًا أكاديميًا على أيدي أهم أساتذة التمثيل في سوريا. ظهرت ملامح موهبته مبكرًا، وكان معروفًا بين زملائه بانضباطه وقدرته على التحليل العميق للنصوص والشخصيات. بعد تخرجه، انضم إلى نقابة الفنانين السوريين، ليبدأ بعدها رحلة فنية غنية بالأعمال التي أثبتت تنوعه وتميزه، سواء في التلفزيون أو المسرح أو حتى في مجال الدوبلاج.
أبرز الأعمال التي شارك فيها جهاد الزغبي
شارك الزغبي في عدد هائل من المسلسلات السورية التي رسخت مكانته لدى الجمهور، أبرزها: “نهاية رجل شجاع”، “حمام القيشاني”، “دقيقة صمت”، و”الاجتياح”. كما شارك في أعمال تاريخية وأخرى معاصرة، مقدّمًا أدوارًا تراوحت بين السياسي، والفكري، والإنساني، وحتى الكوميدي. وتنوع الشخصيات التي أداها يعكس عمق تكوينه الفني، وقدرته على التكيّف مع مختلف النصوص والبيئات الإنتاجية.
جهاد الزغبي والصوت المؤثر في عالم الدوبلاج
من أهم المحطات في مسيرة جهاد الزغبي المهنية كانت تجربته في الدوبلاج، حيث عرفه الجمهور العربي بصوته المميز في أعمال تركية وكورية شهيرة تم دبلجتها إلى العربية. كان صوته واحدًا من بين الأصوات القليلة التي تحمل نغمة درامية تلقى قبولًا فوريًا لدى المتلقّي. ولم تكن مشاركته في هذا المجال مجرد عمل إضافي، بل كان مكوّنًا أساسيًا من هويته الفنية.
الحياة الشخصية لجهاد الزغبي وزواجه
تزوج جهاد الزغبي من الفنانة السورية المعروفة ضحى الدبس، والتي التقاها في فترة الدراسة الجامعية، ليجمع بينهما الحب والفن. شكّلا معًا نموذجًا لعلاقة فنية ناجحة مبنية على الاحترام والدعم المتبادل. رُزق الزوجان بابنتين: توليب، التي احترفت مجال الإخراج، ولوتس التي اختارت الإعلام. وفي جميع لقاءاتهما المشتركة، يظهر واضحًا أن العائلة تلعب دورًا محوريًا في استقرار الزغبي ونجاحه المستمر.
مواقف جهاد الزغبي السياسية والشخصية العامة
يُعرف جهاد الزغبي بمواقفه الصريحة تجاه العديد من القضايا الإقليمية، وقد انسحب ذات مرة من مسلسل مصري بسبب ما وصفه بأنه تجاوزات سياسية لا تتوافق مع قناعاته. كما عبّر في أكثر من مناسبة عن دعمه للقضية الفلسطينية، ورفضه لتطبيع العلاقات الثقافية مع إسرائيل، وهو ما جعله محل احترام قطاع واسع من الجمهور العربي. لم يكن الفنان ممن يتاجرون بمواقفهم، بل حافظ على هدوئه ووضوحه في التعبير دون إثارة ضجيج إعلامي.
جهاد الزغبي بعيدًا عن الأضواء
رغم الشهرة التي حصدها، اختار الزغبي أن يعيش حياته الشخصية بعيدًا عن الأضواء، مفضّلًا التركيز على عمله الفني والقراءة والاهتمام بالثقافة. لم يرتبط اسمه يومًا بأي خلافات فنية أو قضايا جدلية. نادرًا ما يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يعكس توجهه النخبوي الناضج الذي يركّز على الجودة لا الانتشار.
الختام: جهاد الزغبي فنان مثقف وملتزم
في الختام، يُعد جهاد الزغبي من النماذج الفنية التي تستحق التقدير، ليس فقط لأدائه المحترف، بل لمواقفه الأخلاقية وإنسانيته. ديانته الإسلامية تشكّل جزءًا من تكوينه الروحي والأخلاقي، لكنها لم تكن يومًا عاملًا للفرقة أو العزلة، بل منصة للانفتاح والتسامح. وما يميّزه أكثر هو استمراريته على مدار سنوات طويلة دون أن يفقد وهجه أو احترامه داخل الوسط الفني وخارجه.