عدد سكان ليسوتو

تُعد مملكة ليسوتو واحدة من الدول الفريدة في القارة السمراء، ليس فقط بموقعها الجغرافي الذي يجعلها دولة حبيسة بالكامل داخل جنوب أفريقيا، بل أيضًا بتركيبتها السكانية والاجتماعية المميزة. تتمتع البلاد بثقافة غنية، وتقاليد متوارثة، ومجتمع يعتمد على الزراعة التقليدية والمعيشة الريفية، ما يجعل دراسة السكان فيها أمرًا شيقًا ومليئًا بالمؤشرات التنموية والاجتماعية المهمة. في هذا المقال، نُلقي نظرة موسعة على عدد سكان ليسوتو لعام 2025، مع التطرق إلى الكثافة السكانية، وتوزيع الأعمار، والواقع الاقتصادي والصحي والتعليمي في البلاد.

عدد سكان ليسوتو في عام 2025

بلغ عدد سكان مملكة ليسوتو في منتصف عام 2025 نحو 2,363,325 نسمة وفق أحدث التقديرات السكانية. ويُعد هذا العدد زيادة طفيفة عن السنوات الماضية، ما يعكس استقرارًا نسبيًا في النمو الديموغرافي داخل البلاد. رغم ذلك، يبقى عدد سكان ليسوتو منخفضًا مقارنة بجيرانها في المنطقة، مما يجعلها من الدول ذات الكثافة السكانية القليلة نسبيًا على المستوى القاري والعالمي.

الكثافة السكانية وتوزيع السكان في ليسوتو

تبلغ الكثافة السكانية في ليسوتو حوالي 78 نسمة لكل كيلومتر مربع، وهو رقم يعكس محدودية الانتشار السكاني نظرًا للطبيعة الجبلية التي تهيمن على الجغرافيا المحلية. الغالبية الساحقة من السكان تعيش في المرتفعات، بينما تبقى بعض المناطق شبه خالية تقريبًا نتيجة صعوبة الوصول إليها أو ضعف التنمية فيها. وتُظهر البيانات أن أكثر من ثلث السكان يعيشون في مناطق حضرية، فيما يقيم الباقون في قرى ومناطق ريفية تعتمد على الزراعة التقليدية وتربية المواشي كمصدر أساسي للرزق.

التركيبة العمرية للسكان في ليسوتو

يتسم المجتمع في ليسوتو بأنه مجتمع شاب، حيث تُشكل الفئة العمرية الأقل من 15 عامًا نسبة كبيرة من السكان. هذا يُمثل فرصة ديموغرافية يمكن استغلالها في تحقيق التنمية، إذا ما تم الاستثمار في التعليم والصحة والتدريب المهني. بينما تقل نسبة كبار السن عن 5% من إجمالي السكان، وهو ما يخفف العبء على نظام الرعاية الصحية الخاص بكبار السن، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى معدلات حياة قد تكون متوسطة أو منخفضة مقارنة بالدول ذات البنية التحتية الصحية الأقوى.

معدل النمو السكاني في ليسوتو

يُقدر معدل النمو السكاني السنوي في ليسوتو بحوالي 1.09%، وهو معدل منخفض نسبيًا مقارنة ببعض الدول الأفريقية الأخرى. يعود هذا المعدل إلى مزيج من العوامل، من بينها معدلات الخصوبة المعتدلة (بمعدل 2.6 طفل لكل امرأة)، وارتفاع معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) الذي يؤثر على معدلات الوفيات ويُشكل تحديًا كبيرًا للبلاد. كما أن الهجرة الخارجية، خصوصًا نحو جنوب أفريقيا، تلعب دورًا في تقليل معدل الزيادة الطبيعية للسكان.

التحديات الاقتصادية وتأثيرها على السكان

الاقتصاد في ليسوتو يعاني من هشاشة واضحة نتيجة الاعتماد الكبير على تحويلات العمال بالخارج، وخاصة أولئك الذين يعملون في مناجم جنوب أفريقيا. وتُعد الزراعة نشاطًا أساسيًا لكنه مهدد دائمًا بعوامل مناخية كالجفاف وتآكل التربة. تشير التقديرات إلى أن نحو 40% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ما يجعل الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم تحديًا يوميًا. هذا الواقع ينعكس مباشرة على المستوى المعيشي للسكان ويُقيد قدرتهم على تحسين ظروفهم الحياتية.

الخدمات الصحية والتعليمية في ليسوتو

تُبذل جهود حكومية لتطوير القطاع الصحي، خاصة في ظل التحديات المتعلقة بانتشار فيروس نقص المناعة البشرية، إلا أن البنية التحتية الصحية لا تزال بحاجة إلى تطوير جذري، خصوصًا في المناطق الريفية. أما التعليم، فيُعتبر مجانًا وإلزاميًا حتى المرحلة الابتدائية، لكن معدلات التسرب المدرسي لا تزال مرتفعة بسبب الفقر والحاجة للعمل في سن مبكرة. تفتقر المدارس في القرى للمعدات والمرافق الأساسية، مما يحد من جودة التعليم، رغم اجتهاد العديد من المبادرات المحلية والدولية لتحسين الوضع.

التحولات الديموغرافية والتأثيرات الاجتماعية

تشهد ليسوتو تحولات اجتماعية نتيجة التغيرات الديموغرافية والاقتصادية، من أبرزها تزايد نسبة الأسر التي تعيلها نساء، وارتفاع متوسط سن الزواج، وانخفاض معدلات الخصوبة مقارنة بالعقود الماضية. هذه التغيرات تُعيد تشكيل النسيج الاجتماعي للبلاد، وتُحفز على إعادة النظر في السياسات الاجتماعية والدعم الحكومي لتلبية متطلبات الأسر الجديدة والناشئة.

التوقعات المستقبلية للسكان في ليسوتو

من المتوقع أن يستمر عدد السكان في النمو بوتيرة بطيئة نسبيًا خلال العقد القادم، نتيجة ثبات نسبي في معدلات الولادة والوفاة. ومع ذلك، يُمكن للتحديات الاقتصادية والبيئية، مثل التغير المناخي والتصحر، أن تؤثر على هذا الاتجاه. من هنا، تُعتبر السنوات القادمة حاسمة لوضع سياسات تنموية شاملة تركز على التعليم، وتمكين الشباب، وتنويع مصادر الدخل، لتحسين جودة حياة السكان وضمان استقرارهم الاجتماعي.