تُعتبر زهرة الخرجي واحدة من أبرز نجمات الفن الخليجي، حيث ارتبط اسمها بأعمال فنية مميزة منذ بداية الثمانينيات وحتى اليوم. لكنها لم تصل إلى هذه المكانة بسهولة، بل بدأت من مرحلة الطفولة، وواجهت العديد من التحديات والصعوبات حتى شقت طريقها نحو النجومية. في هذا المقال، نسلط الضوء على حياة زهرة الخرجي وهي صغيرة، ونتعرف على ملامح نشأتها الأولى، وبداياتها الفنية، وما شكّل شخصيتها الفنية لاحقًا.
أقسام المقال
زهرة الخرجي في طفولتها: البدايات الأولى
ولدت زهرة محمد أحمد الخرجي في 15 يناير 1962، ونشأت في منطقة الرميثية بالكويت ضمن أسرة محافظة مكونة من والدين محبين وثمانية أبناء. ومنذ سنواتها الأولى، ظهرت ملامح شخصيتها الحيوية والمرحة، وكانت تشارك في التجمعات العائلية بإلقاء القصائد وأداء المقاطع المسرحية البسيطة، ما أضفى عليها جاذبية خاصة لفتت الأنظار إليها.
كانت زهرة طفلة شغوفة بالحركة والاستكشاف، وهو ما دفع عائلتها لتسجيلها في فرق رياضية متنوعة كوسيلة لتفريغ طاقتها. بدأت مشوارها الرياضي في الجمباز وحققت تقدمًا لافتًا، لكن سرعان ما انسحبت بسبب تحفظ العائلة على طبيعة الملابس الرياضية. لم تقف زهرة مكتوفة الأيدي، بل حولت اهتمامها إلى السباحة ومن ثم الموسيقى، لتظل في دائرة الإبداع المتجدد.
زهرة الخرجي واكتشاف الشغف الفني
من خلال المسرح المدرسي، بدأت موهبة زهرة تتفتح، حيث أدت أدوارًا في مسرحيات مدرسية نالت إعجاب المعلمين والطلاب. شجعتها إحدى معلماتها على مواصلة الاهتمام بالتمثيل، وبدأت تتلقى تدريبات بسيطة في الإلقاء والتعبير الحركي. كانت تتقمص الشخصيات في البيت أمام إخوتها، وتحول كل غرفة إلى خشبة مسرح صغيرة.
وبعد انتهاء مرحلة الثانوية، سافرت زهرة إلى إيطاليا لتدرس الرسم، وكانت تأمل في أن تجد لنفسها مسارًا فنيًا بصريًا، لكنها أدركت سريعًا أن شغفها الحقيقي لا يزال مع التمثيل. فانتقلت إلى لندن لتدرس التصوير الفوتوغرافي، لكنها شعرت أيضًا بعدم الانتماء. حين عادت إلى الكويت، قررت أن تبدأ من حيث قلبها يقودها: المسرح والتلفزيون.
زهرة الخرجي ومسيرتها الفنية المتنوعة
بدأت زهرة مشوارها الفني الرسمي في مسرحية الأطفال الشهيرة “دفاشة” عام 1983، والتي لاقت رواجًا كبيرًا بين جمهور الأطفال. امتازت بأداء تلقائي وقدرة على جذب الانتباه، ما جعلها خيارًا مثاليًا للمشاركة في أعمال جديدة. بعدها، انهالت عليها العروض، وشاركت في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية التي صنعت منها اسمًا معروفًا في الساحة الخليجية.
من أبرز المسلسلات التي شاركت فيها زهرة في بداياتها “على الدنيا السلام” و”مدينة الرياح”، حيث أظهرت براعة في تقمص الأدوار المختلفة، سواء كانت درامية أو كوميدية. كانت تتنقل بين الأدوار بثقة وخفة ظل، وقدّمت شخصيات مختلفة كالأم، والمراهقة، والمرأة العصرية، في تنوع أثبت قدرتها التمثيلية اللافتة.
زهرة الخرجي والتحديات الشخصية
لم تكن رحلة زهرة مفروشة بالورود، ففي عام 2005، صُدمت بإصابتها بمرض السرطان، وهو ما أجبرها على التوقف عن العمل والسفر لتلقي العلاج في لندن. ورغم صعوبة المرحلة، أظهرت زهرة عزيمة حديدية، واستطاعت أن تتغلب على المرض وتعود للحياة بقوة.
خلال فترة العلاج، لم تنقطع عن التواصل مع جمهورها، وكانت تنشر تطورات حالتها بشفافية، مما جعلها محط تعاطف وتقدير. وبعد شفائها، عادت إلى الفن بروح متجددة، وشاركت في أعمال أثبتت من خلالها أن الإرادة قادرة على الانتصار في وجه المرض والتحدي.
زهرة الخرجي وحياتها العائلية
في حياتها الشخصية، تزوجت زهرة مرتين. كان زواجها الأول من خارج الوسط الفني وأسفر عن إنجاب ولدين، لكن الزواج انتهى بسبب اختلاف وجهات النظر. ثم تزوجت من المخرج البحريني أحمد الحليل، لكن لم يُكتب لهذا الزواج الاستمرار أيضًا. ورغم ذلك، احتفظت بعلاقات ودية مع الجميع، وركزت على دورها كأم وفنانة.
زهرة دائمًا ما عبّرت عن حبها لعائلتها، وخصوصًا والدتها التي كانت الداعم الأول لها منذ الطفولة. وقد انعكس هذا التقدير على شخصيتها المحبة والحنونة، وهو ما يظهر في الكثير من أدوارها التي تعكس صورة المرأة الخليجية بكل تفاصيلها وتناقضاتها.
زهرة الخرجي: إرث فني مستمر
اليوم، تُعد زهرة الخرجي رمزًا للمرأة الخليجية القوية والمبدعة. لم تكتفِ بالتمثيل، بل شاركت في برامج ثقافية وفنية تهدف لدعم مسرح الطفل، مثل “غطاوي حبابة”، وتبنت قضايا مجتمعية في أعمالها الأخيرة. كما ظهرت مؤخرًا في عدد من اللقاءات التي استعرضت خلالها مسيرتها الطويلة، وقدّمت نصائح للشباب حول أهمية الإصرار والالتزام في العمل الفني.
زهرة الخرجي لا تزال تضيء الساحة الفنية بحضورها، وتُعتبر مثالًا للفنانة الطموحة التي لم تُهزم بالتحديات، بل حوّلتها إلى أدوات للنجاح. رحلتها التي بدأت من الطفولة لا تزال تلهم أجيالًا جديدة من الفنانين، وتُثبت أن الموهبة الحقيقية لا تنطفئ مهما مر الزمن.