عدد سكان البحرين 

تُعد مملكة البحرين من الدول الصغيرة من حيث المساحة الجغرافية، لكنها تحتل مكانة مهمة في منطقة الخليج العربي نظرًا لموقعها الاستراتيجي ونموها الاقتصادي السريع. ومع تطور البنية التحتية وتوسع النشاطات التجارية والخدمية، شهدت المملكة ازديادًا ملحوظًا في عدد السكان خلال العقود الماضية، مما أفرز تحديات وتغيرات اجتماعية وديموغرافية كبيرة تستحق الوقوف عندها.

عدد السكان في البحرين

وفقًا لأحدث التقديرات حتى منتصف عام 2025، بلغ عدد سكان مملكة البحرين حوالي 1,643,331 نسمة، مقارنة بنحو 1.5 مليون نسمة في السنوات القليلة الماضية، مما يدل على استمرار الزيادة السكانية بوتيرة مستقرة. وتشير الإحصاءات إلى أن هذه الزيادة تعود إلى عوامل عدة، أبرزها الهجرة الوافدة التي تشكل نسبة كبيرة من عدد السكان، إضافة إلى ارتفاع معدلات الولادة وانخفاض معدل الوفيات بفضل التقدم في الخدمات الصحية.

ويتوزع السكان بين المواطنين البحرينيين بنسبة تقارب 47.8%، والمقيمين من جنسيات مختلفة بنسبة 52.2%، وهو ما يعكس طبيعة البحرين كمركز اقتصادي مفتوح وجاذب للعمالة الأجنبية، خصوصًا من دول آسيا مثل الهند وباكستان والفلبين، وكذلك من بعض الدول العربية.

التركيبة السكانية في البحرين

تمتاز التركيبة السكانية في البحرين بتنوعها الثقافي والاجتماعي، نتيجة التفاعل المستمر بين السكان الأصليين والجاليات الأجنبية التي تشارك في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية. ويلاحظ أن الجاليات الآسيوية تُشكل أكبر الجاليات الوافدة، وهو ما انعكس على مظاهر الحياة اليومية، من التنوع اللغوي إلى تعدد المظاهر الثقافية والدينية في المملكة.

كما تلعب النساء دورًا متزايدًا في سوق العمل والتعليم، مما يؤثر في إعادة تشكيل الملامح الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع البحريني. وتُظهر البيانات الرسمية أن نسبة كبيرة من الوافدين تنتمي إلى فئة الشباب، ما يُعزز من أهمية تطوير برامج دمج واستفادة فعالة من هذه الطاقات في مجالات مختلفة.

الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي

رغم صغر مساحة البحرين البالغة حوالي 780 كيلومترًا مربعًا، فإن الكثافة السكانية فيها تُعد من الأعلى في العالم، حيث تبلغ نحو 2,100 نسمة لكل كيلومتر مربع. ويتركز السكان بشكل كبير في العاصمة المنامة ومحيطها، إلى جانب محافظتي المحرق والشمالية، حيث تتوفر الخدمات الأساسية والمرافق الاقتصادية.

هذا التركز السكاني الكثيف يتطلب جهودًا مستمرة لتطوير البنية التحتية والمرافق العامة من مياه وكهرباء ونقل، إلى جانب بناء وحدات سكنية جديدة تتلاءم مع النمو المتواصل في أعداد السكان.

معدل النمو السكاني في البحرين

يبلغ معدل النمو السكاني في البحرين نحو 2.26% سنويًا، وهو رقم يُظهر حيوية ديموغرافية عالية مقارنة بكثير من دول المنطقة والعالم. ويُعزى ذلك النمو إلى مزيج من عوامل طبيعية كارتفاع معدلات المواليد، بالإضافة إلى العوامل الخارجية كالتوسع في جذب الكفاءات والعمالة الأجنبية لتلبية متطلبات سوق العمل في مختلف القطاعات، خاصة القطاعين الصناعي والخدمي.

التركيبة العمرية للسكان

تشير الإحصاءات إلى أن الفئة العمرية الأكبر في البحرين هي فئة الشباب (15-39 عامًا)، مما يُشكل فرصة استراتيجية للمملكة من حيث القوة العاملة والإنتاجية، شريطة توجيه هذه الطاقة نحو التنمية الشاملة من خلال الاستثمار في التعليم، التدريب، وخلق فرص العمل المناسبة. كما أن نسبة كبار السن ما زالت منخفضة نسبيًا، ما يمنح الدولة متسعًا زمنيًا لتطوير أنظمة دعم اجتماعي فعالة ومستقبلية.

التحديات المستقبلية

إن استمرار النمو السكاني في البحرين يحمل في طياته العديد من التحديات التي تتطلب خططًا وطنية طويلة الأمد، وعلى رأسها إدارة الطلب المتزايد على السكن والرعاية الصحية والتعليم. كما أن الحفاظ على التوازن الديموغرافي بين المواطنين والوافدين يعتبر من الملفات الحساسة التي تتطلب تدخلًا تشريعيًا وسياسات تنظيمية حازمة.

كذلك تُطرح تحديات تتعلق بالهوية الوطنية والحفاظ على التقاليد في ظل الانفتاح العالمي والاحتكاك الثقافي مع الوافدين، ما يجعل من الضروري الاستثمار في برامج الثقافة والاندماج الاجتماعي.

الختام

إن عدد سكان البحرين لعام 2025 يعكس صورة لمجتمع حيوي ومتنوع في طور التحول الدائم. ورغم التحديات التي تفرضها هذه الديناميكية السكانية، فإنها تُعد فرصة كبيرة لبناء مجتمع معرفي متقدم واقتصاد قوي يرتكز على العنصر البشري. ولكي تُحقق البحرين أقصى استفادة من هذا النمو، فلا بد من التخطيط الديموغرافي الذكي، والاستثمار في البنية التحتية والتعليم والتنمية المستدامة لضمان مستقبل مشرق لجميع سكانها.