اللجوء في سلطنة عمان

تمثل قضايا اللجوء تحديًا عالميًا تتفاوت أساليب التعاطي معه من دولة إلى أخرى، حسب خلفياتها السياسية والثقافية والتشريعية. وفي منطقة الخليج العربي، تتخذ سلطنة عمان موقفًا فريدًا يجمع بين الاعتبارات الأمنية والسيادية من جهة، والمواقف الإنسانية المقننة من جهة أخرى. لذا فإن فهم آليات اللجوء في السلطنة يتطلب إلقاء نظرة معمقة على القوانين والواقع العملي والاعتبارات التي تؤثر على سياسات اللجوء في البلاد.

الإطار القانوني للجوء في سلطنة عمان

تُعد سلطنة عمان من الدول التي لا تُصادق على اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين ولا على بروتوكولها الإضافي لعام 1967، ما يجعل تعاملها مع اللاجئين قائمًا على أسس داخلية خاصة لا ترتكز على الاتفاقيات الدولية. ورغم هذا، فإن السلطنة أدرجت في بعض قوانينها إشارات واضحة للجوء السياسي، لا سيما في قانون إقامة الأجانب (مرسوم سلطاني 16/95) وقانون تسليم المجرمين (مرسوم سلطاني 4/2000). وتُمنح صفة اللاجئ السياسي بمرسوم خاص من السلطان، وغالبًا ما يُنظر لكل حالة على حدة وفق اعتبارات سيادية وسياسية دقيقة.

الشروط والقيود المفروضة على اللاجئين السياسيين

تشترط سلطنة عمان على من يُمنح حق اللجوء السياسي أن يلتزم التزامًا صارمًا بعدم الانخراط في أي نشاط سياسي أو إعلامي قد يُفهم على أنه تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. كما أن اللاجئ السياسي يُمنح إقامة خاصة، قد تُجدد سنويًا، وتُقيّد حركته في بعض الحالات لأسباب أمنية أو دبلوماسية. ويحق للسلطات العدول عن منح هذا الحق متى ما رأت تهديدًا محتملاً لمصالحها أو سلامتها العامة. كما أن نقل اللاجئ إلى دولة ثالثة يتم وفق تفاهمات خاصة بين السلطنة وتلك الدولة.

دور وزارة الخارجية في تنظيم اللجوء

تتحمل وزارة الخارجية العُمانية مسؤولية التنسيق في ملفات اللجوء السياسي، لا سيما بعد صدور المرسوم السلطاني رقم 21/2025 الذي وسّع من صلاحياتها لتشمل تنظيم وتطوير سياسات اللجوء في البلاد. ويجري التعامل مع طلبات اللجوء بسرية تامة وبآلية لا تُعلن تفاصيلها للرأي العام، مما يُضفي على السياسة العمانية طابعًا تحفظيًا حيال هذه القضايا. ورغم ذلك، تُبدي الوزارة تعاونًا محدودًا مع بعض المنظمات الإنسانية الدولية في حالات استثنائية.

الواقع العملي للجوء في عمان

تشير البيانات الحديثة إلى أن سلطنة عمان تستضيف عددًا قليلًا من اللاجئين مقارنة بدول الجوار، حيث بلغ عددهم نحو 300 لاجئ في عام 2023، وفقًا لتقديرات البنك الدولي. ومن أبرز الجنسيات التي سُجّلت كلاجئين في السلطنة: العراقيون، والسوريون، واليمنيون، إضافة إلى بعض الحالات من باكستان ودول أفريقية. ويُقيم معظم هؤلاء في المناطق الحضرية الكبرى مثل مسقط وصلالة، وغالبًا ما يُمنحون تصاريح إقامة مؤقتة تحت مسميات قانونية أخرى مثل الإقامة العائلية أو كفالة العمل.

التحديات والانتقادات

رغم السياسات الحذرة التي تتبعها السلطنة، إلا أن غياب إطار قانوني شامل وواضح للجوء الإنساني يُعرضها لانتقادات من منظمات حقوق الإنسان الدولية، خاصة في ظل غياب الشفافية بخصوص عدد الطلبات المُقدمة أو مآلاتها. كما تُواجه السلطنة تحديًا في المواءمة بين سيادتها ورغبتها في تحسين صورتها الدولية، لا سيما في ظل الصراعات المتنامية في المنطقة والتي تُفرز مزيدًا من طالبي اللجوء.

اللجوء الإنساني والاقتصادي: غياب شبه كامل

تفتقر سلطنة عمان إلى آلية مُعتمدة لاستقبال اللاجئين لأسباب إنسانية أو اقتصادية، ما يُعني أن طلبات اللجوء تُدرس فقط في إطار سياسي ضيق. كما أن العمالة الوافدة، التي تمثل نسبة كبيرة من سكان السلطنة، ليست مؤهلة بأي شكل للاستفادة من أنظمة حماية مشابهة للاجئين، حتى في حال تدهور الأوضاع في بلدانهم. وهذا يفتح الباب لتساؤلات عديدة حول مستقبل سياسة اللجوء في السلطنة، خاصة مع تفاقم الأزمات في دول مثل اليمن والسودان وسوريا.

الفرق بين اللاجئ والمقيم في السياق العماني

من المهم التمييز بين اللاجئ والمقيم في عُمان، حيث يخضع المقيم لقوانين الإقامة السارية وفق نظام الكفالة أو العمل أو الاستثمار، بينما يُعد اللاجئ حالة استثنائية تمنحها الدولة لأسباب سياسية خالصة. ورغم وجود أكثر من 2.5 مليون وافد في السلطنة، فإن قلة فقط منهم يمكن تصنيفهم كلاجئين حسب التعريف المتداول في القانون الدولي.

الخلاصة

تُجسد تجربة سلطنة عمان في ملف اللجوء مزيجًا من المحافظة السياسية والبراغماتية القانونية، حيث ترفض السلطنة تعميم مبدأ اللجوء وتُصر على معالجة الحالات وفق منظور سيادي ضيق. وبينما يُعتبر هذا النهج متماشيًا مع السياسات الخليجية عمومًا، إلا أن المستقبل قد يتطلب تحديثات تشريعية وانفتاحًا أوسع، خاصة مع تصاعد النزاعات في الإقليم وحاجة بعض الفئات للحماية. ويبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توازن بين الحفاظ على السيادة والالتزام بالمبادئ الإنسانية.