تُعد سلطنة عمان من الدول التي تتمتع بتركيبة سكانية متماسكة يغلب عليها الطابع الإسلامي، ما يجعلها نموذجًا للتوازن الديني والاجتماعي في منطقة الخليج. تتسم السلطنة بخصوصية مذهبية وثقافية، حيث يندمج فيها الإسلام كدين رسمي مع التنوع السكاني والثقافي، وهو ما ينعكس على النسيج العام للمجتمع. من خلال هذا المقال، نستعرض بالتفصيل عدد المسلمين في سلطنة عمان، ونسبتهم من بين المواطنين والوافدين، وتوزيعهم الجغرافي، وأبرز الطوائف الإسلامية الموجودة في البلاد، مع لمحة عن التعايش الديني.
أقسام المقال
نسبة المسلمين في سلطنة عمان
تُشير الإحصائيات الحديثة إلى أن المسلمين يُشكلون حوالي 90.9% من إجمالي سكان سلطنة عمان، أي ما يُقارب 4.28 مليون نسمة من أصل 5.27 مليون نسمة. يُمثل الإسلام الركيزة الأساسية لهوية الدولة العمانية، ويُعد الدين الرسمي في الدستور العماني. وتستمد القوانين العمانية تشريعاتها بشكل رئيسي من الشريعة الإسلامية، مما يعكس التغلغل العميق للدين في مناحي الحياة العامة والخاصة. ويُشكل المواطنون العمانيون المسلمون ما يقارب 100% من عدد المواطنين الأصليين، حيث يُعد الإسلام جزءًا جوهريًا من الهوية الوطنية والثقافية للبلاد. أما عند الحديث عن نسبة المسلمين في إجمالي سكان السلطنة، والتي تشمل المقيمين الأجانب، فتنخفض النسبة إلى 90.9% بسبب وجود بعض الوافدين من ديانات أخرى. إذ تُقيم في البلاد جاليات هندوسية ومسيحية وبوذية، إلى جانب الأغلبية الوافدة من المسلمين القادمين من باكستان وبنغلاديش ومصر واليمن والسودان، وهو ما يخلق توازنًا دينيًا دون الإخلال بالهوية الإسلامية للدولة.
الطوائف الإسلامية في سلطنة عمان
تُعرف سلطنة عمان بتنوعها الطائفي داخل الإطار الإسلامي، حيث يُمثل المذهب الإباضي النسبة الأكبر بين المواطنين، وهو المذهب الرسمي المُعترف به في الدولة. ويُعتقد أن الإباضيين يُشكلون نحو 45% من سكان السلطنة، بينما تُقدر نسبة أتباع المذهب السني أيضًا بنحو 45%. أما المذهب الشيعي فيُشكل ما بين 5% إلى 7%، ويتمركز أتباعه في مناطق محددة مثل مسقط وصحار. هذا التنوع الطائفي يعكس مستوى عالٍ من التسامح الداخلي والتفاهم المذهبي.
توزيع المسلمين حسب الجنسية
يتوزع المسلمون في سلطنة عمان بين المواطنين الأصليين والوافدين. المواطنون يُشكلون غالبية المسلمين بطبيعة الحال، لكن يُلاحظ أيضًا وجود نسبة كبيرة من المسلمين بين الوافدين، خاصة من الدول الإسلامية في جنوب آسيا وشمال أفريقيا. وتُعد الجاليات الباكستانية والبنغالية والمصرية من أبرز المكونات الوافدة، ويُمارسون شعائرهم بحرية، ويتفاعلون مع المجتمع المحلي من خلال التجارة والوظائف والخدمات.
التوزيع الجغرافي للمسلمين في سلطنة عمان
يتركز المسلمون في جميع ولايات ومحافظات سلطنة عمان دون استثناء، لكن الكثافة الأكبر تُسجل في محافظة مسقط، التي تحتضن العاصمة وتُمثل المركز الإداري والتجاري للدولة. كما توجد كثافة سكانية إسلامية في مناطق مثل شمال الباطنة والداخلية وظفار، حيث تنتشر المساجد والمدارس الإسلامية بشكل واسع. ويُلاحظ أن البنية التحتية الدينية مُتاحة في كل المناطق، مما يُسهل أداء الشعائر الدينية ويُعزز من الهوية الإسلامية.
الأنشطة الدينية والتعليم الإسلامي
تلعب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية دورًا كبيرًا في تنظيم الأنشطة الدينية والتعليم الشرعي. تنتشر مدارس تحفيظ القرآن في مختلف ولايات السلطنة، إلى جانب المعاهد الشرعية التي تُدرّس المذاهب الإسلامية المختلفة، مع التركيز على الإباضية. وتُقام فعاليات دينية سنوية، أبرزها الاحتفال بالمولد النبوي، وليلة الإسراء والمعراج، وشهر رمضان المبارك الذي يُمثل موسمًا دينيًا واجتماعيًا مميزًا.
دور المساجد في الحياة العمانية
المساجد في سلطنة عمان لا تقتصر على أداء الصلوات، بل تُعتبر مراكز ثقافية واجتماعية وتعليمية. يُقدَّر عدد المساجد في البلاد بالآلاف، وتتوزع ما بين الجوامع الكبرى والمساجد الصغيرة في القرى والأحياء. وتُستخدم أيضًا لعقد المحاضرات والندوات الدينية، مما يُعزز من دورها في توعية المجتمع. وتُحرص الحكومة على بناء المساجد وفق الطراز المعماري العماني الذي يجمع بين الأصالة والبساطة.
التعايش الديني في سلطنة عمان
رغم أن الإسلام هو الدين الرسمي، فإن سلطنة عمان تُعرف عالميًا بتسامحها الديني. حيث يُسمح لغير المسلمين بممارسة عباداتهم ضمن حدود القانون، وتوجد كنائس ومعابد في بعض المدن الكبرى لخدمة الجاليات غير المسلمة. ويُعكس هذا التعايش في التفاهم المتبادل والاحترام الذي يسود المجتمع، وهو ما يجعل السلطنة نموذجًا للانفتاح المعتدل في المنطقة.
الخاتمة
يُعد الإسلام من المكونات الأساسية لهوية سلطنة عمان، وتُظهر الأرقام أن الغالبية الساحقة من السكان يدينون به، سواء من المواطنين أو من الوافدين. ومع ذلك، فإن عمان لا تكتفي فقط بالحفاظ على طابعها الديني، بل تُقدم أيضًا نموذجًا ناجحًا للتعايش مع مختلف الطوائف والأديان، ضمن إطار قانوني وإنساني يضمن الاستقرار والوئام. ويُتوقع أن تستمر السلطنة في هذا النهج الذي يجمع بين الأصالة والانفتاح، بما يعكس توازنها الفريد بين الدين والدولة.