عدد المسلمين في قطر

تتمتع دولة قطر بمكانة بارزة على خارطة العالم الإسلامي، إذ تعد واحدة من الدول الخليجية التي تحافظ على الهوية الإسلامية في مختلف نواحي الحياة. ويمثل الإسلام في قطر الركيزة الأساسية للثقافة والتشريع، وتُظهر الإحصاءات أن المسلمين يشكلون غالبية واضحة بين السكان، سواء من المواطنين أو من شريحة كبيرة من المقيمين. في هذا المقال، نُسلّط الضوء على النسب الدقيقة، والشرائح الاجتماعية والدينية، وطبيعة التعايش بين مختلف الطوائف داخل قطر، مع التطرق إلى التأثيرات الاجتماعية والدينية لهذا الواقع.

التركيبة السكانية والدينية في قطر

بلغ عدد سكان دولة قطر في عام 2025 حوالي 3.12 مليون نسمة، وتُظهر هذه الأرقام استقرارًا نسبيًا مقارنة بالسنوات الأخيرة. يشكل المواطنون القطريون حوالي 360,000 نسمة فقط، أي ما يقارب 11.5% من إجمالي السكان، بينما تتألف الغالبية من المقيمين الأجانب الذين وفدوا للعمل في قطاعات الإنشاءات، الطاقة، والخدمات.

من الناحية الدينية، يُقدَّر عدد المسلمين في قطر بنحو 2.03 مليون نسمة، أي ما يعادل 65.5% من إجمالي السكان. أما المواطنون القطريون، فإن نسبتهم من المسلمين تقارب 100%، نظرًا لأن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وجميع القطريين تقريبًا يعتنقونه. بقية السكان ينتمون إلى أديان متعددة، أبرزها المسيحية، الهندوسية، والبوذية، ويتركزون في الجاليات الأجنبية.

الطوائف الإسلامية في قطر

ينتمي معظم المسلمين في دولة قطر إلى الطائفة السنية، التي تُعد الطائفة الرسمية المعتمدة لدى الدولة، ويعتمد عليها في التشريع والتعليم الديني والخطاب الرسمي. وتعتبر الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ويتم تطبيقها بشكل واضح في قوانين الأحوال الشخصية، المواريث، وبعض المعاملات المدنية.

بالإضافة إلى الأغلبية السنية، توجد في قطر أقلية شيعية يُقدّر عدد أفرادها بعشرات الآلاف، ويتوزعون بين المواطنين وعدد محدود من المقيمين من دول مثل إيران والبحرين. يمارس الشيعة في قطر شعائرهم الدينية بحرية ضمن إطار القانون، وتتوفر لهم مساجد ومجالس دينية خاصة، مما يعكس مستوى من التعايش الطائفي والانفتاح.

دور الإسلام في الحياة اليومية والسياسات العامة

الإسلام لا يُعد مجرد عقيدة دينية في قطر، بل هو أسلوب حياة ينعكس في التشريعات، القوانين، الأنظمة التعليمية، وحتى الحياة الاجتماعية. تُغلق المتاجر خلال أوقات الصلاة، وتُفصل المدارس بين الذكور والإناث في معظم المراحل الدراسية، كما يُدرّس المنهج الديني بشكل إلزامي.

أما في مجال السياسة، فإن الخطاب الرسمي للدولة يستند إلى القيم الإسلامية، وغالبًا ما تكون قرارات القيادة مرتبطة بمبادئ مستمدة من الشريعة. كما يُلاحظ تأثير الدين في المناسبات الوطنية والاحتفالات الرسمية التي تتضمن طابعًا دينيًا واضحًا.

المؤسسات الدينية والمساجد

تضم قطر عددًا كبيرًا من المساجد المنتشرة في كافة أنحاء البلاد، والتي تُعد مراكز روحية وتعليمية في آنٍ واحد. ومن أبرز هذه المساجد: جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي يُعتبر رمزًا للهوية الإسلامية القطرية، ويُستخدم في الصلوات الجماعية والاحتفالات الدينية الكبرى.

تُشرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تنظيم الشؤون الدينية، من إدارة المساجد، وتعيين الأئمة، وتنظيم الخطب، وحتى إصدار الفتاوى. كما توفر الوزارة دروسًا ومحاضرات دينية بصفة مستمرة لتثقيف المجتمع وتعزيز القيم الإسلامية.

التعليم الديني والتوعية الإسلامية

يحظى التعليم الديني بمكانة محورية في نظام التعليم القطري، إذ تُدرَّس مادة التربية الإسلامية من المراحل الابتدائية وحتى الثانوية، مع التركيز على فهم العقيدة والعبادات والمعاملات من منظور شرعي معتدل. تُشجع الدولة أيضًا على حفظ القرآن الكريم، وتخصص جوائز ومسابقات لذلك سنويًا.

إضافة إلى التعليم الرسمي، تقوم المؤسسات الدعوية بدور كبير في التوعية الإسلامية من خلال الخطب، الدروس، البرامج التفاعلية، والإعلام الديني. كما توجد مراكز متخصصة لدعوة غير المسلمين وتعريفهم بالإسلام، وبعضهم يعتنق الإسلام سنويًا بفضل هذه الجهود.

الإسلام والتعايش الديني في المجتمع القطري

رغم أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، إلا أن قطر تتبنى سياسات تُظهر قدرًا كبيرًا من التسامح مع الأديان الأخرى. يُسمح للمسيحيين بممارسة شعائرهم في كنائس مُخصصة، كما أن بعض الطوائف الأخرى مثل الهندوس والبوذيين لديهم مساحات خاصة للعبادة.

يعكس هذا التوازن بين المحافظة على الهوية الإسلامية والانفتاح على الآخر فلسفة قطر الحديثة، التي تسعى إلى تقديم نموذج للتعايش الإنساني دون المساس بالخصوصية الثقافية والدينية. وتُعد هذه الرؤية جزءًا أساسيًا من رؤية قطر الوطنية 2030.

نمو الجالية المسلمة بين المقيمين

من الملاحظ أن عدد المسلمين بين المقيمين غير القطريين في ازدياد، خاصةً من دول مثل مصر، السودان، باكستان، إندونيسيا، وبنغلاديش. وتوفر قطر بيئة محفزة للمسلمين من حيث التسهيلات الدينية، توفر المساجد، والبرامج التوعوية باللغة الأم للمقيمين.

كما أن بعض العمال غير المسلمين يعتنقون الإسلام خلال فترة إقامتهم، نتيجة للمعاملة الحسنة والبيئة الأخلاقية التي يعيشونها. وتدعم الدولة مراكز الدعوة التي تهتم بتعليم الأساسيات الدينية لهؤلاء المهتدين الجدد.