العمل في اليمن

يشهد سوق العمل في اليمن أوضاعًا معقدة ومتغيرة نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ سنوات. ويعد البحث عن وظيفة مناسبة حلمًا صعب المنال لكثير من الشباب، خصوصًا مع اتساع فجوة المهارات، وغياب فرص التدريب، وغياب الاستثمارات الكفيلة بتحريك عجلة الإنتاج. وعلى الرغم من هذه التحديات، ما يزال هناك أمل في تحسين بيئة العمل من خلال مبادرات محلية ودولية، وقطاعات اقتصادية يمكن أن تمثل محركًا للنمو وإعادة التوظيف.

معدلات البطالة في اليمن: نظرة عامة

تُعد معدلات البطالة في اليمن من الأعلى على مستوى المنطقة، ويعود ذلك إلى تراجع النشاط الاقتصادي والنزوح الداخلي وتدهور الخدمات الأساسية. تشير التقديرات الأخيرة إلى أن البطالة تجاوزت 17% في العام 2024، وتقترب من 30% بين الشباب. ويؤثر النزاع المستمر في تعطيل فرص العمل الرسمية، مما يدفع كثيرًا من اليمنيين إلى العمل في القطاع غير المنظم، والذي لا يوفر أي ضمانات أو حماية قانونية.

القطاعات الاقتصادية وتأثيرها على سوق العمل اليمني

يمثل القطاع الزراعي في اليمن مصدر دخل لنحو نصف السكان، لكنه يعاني من مشاكل مزمنة مثل التصحر، وتراجع الأمطار، وضعف التقنيات المستخدمة. القطاع الصناعي محدود بطبيعته، لكنه يضم عددًا من الصناعات التحويلية الخفيفة التي توظف أعدادًا صغيرة. أما قطاع الخدمات، وخاصة التعليم والصحة والاتصالات، فقد تضرر بشكل كبير نتيجة نقص التمويل وهجرة الكفاءات، لكنه يظل من المجالات التي يمكن أن تنمو إذا ما وُفرت لها بيئة مناسبة.

تحديات سوق العمل في اليمن

تتنوع التحديات التي تواجه الباحثين عن العمل في اليمن، وتشمل ضعف البنية التحتية، تآكل مؤسسات الدولة، انخفاض الرواتب، قلة التدريب المهني، بالإضافة إلى عدم الاستقرار الأمني والسياسي. وهناك أيضًا تفاوت جغرافي في توفر الوظائف، حيث تتركز الفرص المحدودة في بعض المدن الكبرى بينما تعاني المناطق الريفية من الفقر والبطالة المزمنة.

فرص العمل المستقبلية في اليمن

رغم قتامة الوضع الحالي، إلا أن هناك قطاعات تمتلك إمكانية خلق فرص عمل على المدى المتوسط والبعيد. من هذه القطاعات: الطاقة الشمسية، نظراً لتمتع اليمن بأيام شمسية طوال العام؛ قطاع النقل اللوجستي في حال تم تطوير الموانئ والطرق؛ السياحة البيئية والتراثية إذا ما تحقق الاستقرار الأمني؛ وأيضًا الاقتصاد الرقمي والعمل الحر عبر الإنترنت، الذي بدأ يشهد إقبالاً متزايدًا من الشباب اليمني.

دور الحكومة والمجتمع الدولي في تحسين سوق العمل

ينبغي على الحكومة اليمنية، حتى في ظل محدودية إمكانياتها، أن تضع سياسات داعمة لخلق فرص العمل، مثل تقديم حوافز للمستثمرين المحليين، وتحديث المناهج التعليمية لتناسب متطلبات السوق، وتشجيع الابتكار والمشاريع الصغيرة. في المقابل، يُنتظر من المجتمع الدولي توسيع برامج الدعم الفني والتنموي، والتركيز على تعزيز سبل العيش بدلاً من الاكتفاء بالمساعدات الإنسانية قصيرة الأجل.

التعليم الفني والمهني كمدخل لإصلاح سوق العمل

يُعد التعليم الفني والمهني من الركائز التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقليص نسب البطالة في اليمن. فالكثير من المهن اليدوية مثل السباكة، والكهرباء، وصيانة الهواتف والسيارات، وغيرها من الحرف، لا تتطلب شهادات جامعية ولكنها تُدر دخلًا جيدًا في حال توفر التدريب. لذا، فإن إنشاء معاهد تدريبية مدعومة من الدولة أو منظمات دولية قد يُحدث فرقًا نوعيًا في سوق العمل.

المرأة اليمنية وسوق العمل

رغم التحديات الاجتماعية والثقافية، تلعب المرأة اليمنية دورًا متزايدًا في سوق العمل، خصوصًا في القطاعات غير الرسمية مثل الصناعات المنزلية، التعليم، والتمريض. ومع ذلك، ما تزال نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة منخفضة. فتح المجال أمام المرأة بشكل أوسع وتوفير بيئة عمل آمنة سيدعم الاقتصاد الوطني بشكل كبير.

الخلاصة

سوق العمل في اليمن يمر بمرحلة حرجة، إلا أن هذه المرحلة تحمل في طياتها فرصًا كامنة يمكن تحويلها إلى واقع ملموس من خلال العمل المشترك والتخطيط الاستراتيجي. إن تمكين الشباب، وتوسيع التعليم المهني، وتعزيز ريادة الأعمال، وتحقيق الاستقرار، كلها مفاتيح لإنعاش سوق العمل اليمني وبناء مستقبل أفضل.