عدد سكان اليمن

يشهد اليمن تحولًا ديموغرافيًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث يتزايد عدد السكان بوتيرة سريعة رغم التحديات السياسية والاقتصادية والإنسانية. فمع أن البلاد تمر بظروف صعبة نتيجة الحرب والانقسام الداخلي، إلا أن النمو السكاني لا يزال يشهد ارتفاعًا مطردًا يعكس خصوصية البنية الاجتماعية اليمنية من حيث ارتفاع معدلات الخصوبة، وانتشار الزواج المبكر، والاعتماد الكبير على الأسر الممتدة.

التعداد السكاني لليمن

وفقًا لأحدث الإحصائيات السكانية حتى منتصف عام 2025، فإن عدد سكان اليمن يُقدر بنحو 41,773,878 نسمة. ويُعد هذا الرقم جزءًا من سلسلة متصاعدة من النمو السكاني في البلاد، حيث كان عدد السكان في عام 2023 يبلغ حوالي 39.9 مليون نسمة، مما يعني زيادة سكانية تقارب مليونين في أقل من عامين. ويُلاحظ أن هذا النمو السكاني مستمر بالرغم من الظروف السياسية والصحية والاقتصادية، مما يشير إلى عمق التحدي الذي يواجهه اليمن في إدارة هذا التزايد السريع.

التركيبة السكانية في اليمن

تعكس التركيبة السكانية لليمن بنية ديموغرافية يغلب عليها الطابع الشبابي، حيث أن نسبة كبيرة من السكان تقل أعمارهم عن 15 عامًا، وهو ما يضع عبئًا إضافيًا على قطاع التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية. فحوالي 41% من السكان هم دون سن الخامسة عشرة، بينما تمثل الفئة العمرية ما بين 15 و64 سنة ما نسبته 56% تقريبًا. أما كبار السن فوق 65 عامًا، فيمثلون نسبة صغيرة لا تتجاوز 2.5%، مما يعني أن المجتمع اليمني ما زال شابًا بطبيعته.

الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي

يبلغ متوسط الكثافة السكانية في اليمن حوالي 79 نسمة لكل كيلومتر مربع، غير أن هذه النسبة تختلف بشدة حسب المناطق الجغرافية. فالمناطق الساحلية والمدن الكبرى مثل صنعاء وعدن وتعز والحديدة تشهد ازدحامًا سكانيًا كبيرًا، بينما تبقى المناطق الجبلية والريفية أقل كثافة. ويؤدي هذا التوزيع غير المتوازن إلى تركز الضغوط التنموية والخدمية على المدن، بينما تعاني المناطق الريفية من نقص في الخدمات الأساسية.

التركيبة العمرية والجندرية

يشير التوزيع الجندري للسكان إلى توازن نسبي بين الذكور والإناث، مع تفوق بسيط في عدد الذكور بنسبة تقارب 50.66% مقابل 49.33% للإناث. أما متوسط العمر للسكان فيُقدر بحوالي 20.4 سنة، وهو معدل منخفض نسبيًا على المستوى العالمي، ويعكس نمط حياة يعتمد بشكل كبير على النمو السكاني السريع وضعف الرعاية الصحية، بالإضافة إلى ظروف النزاع التي تؤثر على استقرار الحياة.

معدلات المواليد والوفيات

يُسجل اليمن واحدًا من أعلى معدلات الخصوبة في المنطقة، حيث تبلغ نسبة الخصوبة نحو 3.25 مولود لكل امرأة. وفي عام 2025 وحده، يُتوقع أن يبلغ عدد المواليد أكثر من 575 ألف مولود. في المقابل، يُقدر عدد الوفيات السنوية بنحو 80 ألف وفاة. ورغم التحديات الصحية، فإن معدل الوفيات لا يزال منخفضًا نسبيًا، وهو ما يسهم في تعزيز معدل النمو السكاني الذي يُقدر بنحو 2.93% سنويًا.

التحديات المستقبلية للنمو السكاني

يمثل النمو السكاني المتسارع في اليمن تحديًا رئيسيًا أمام جهود التنمية وإعادة الإعمار. فارتفاع عدد السكان يفرض ضغطًا هائلًا على الخدمات العامة، بما في ذلك التعليم، والصحة، والإسكان، والبنية التحتية. كما أن الفقر المنتشر والبطالة المرتفعة يعقدان من مهمة الحكومة والمنظمات الدولية في توفير احتياجات السكان الأساسية. ومع التوقعات بأن يتجاوز عدد السكان 50 مليون نسمة بحلول عام 2050، فإن الوضع يتطلب استراتيجيات شاملة لإدارة النمو السكاني عبر التوعية، وتحسين الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، وتعزيز دور المرأة في التنمية.

التحضر والنزوح الداخلي

يشهد اليمن حاليًا معدلات متزايدة من التحضر، حيث يقطن أكثر من ثلث السكان في المناطق الحضرية، وخاصة في ظل النزوح الداخلي الناتج عن الحرب والصراعات المسلحة. فقد دفعت الأوضاع الأمنية عشرات الآلاف إلى مغادرة قراهم باتجاه المدن بحثًا عن الأمان والخدمات، ما أدى إلى تضخم سكاني في بعض المناطق مقابل تفريغ مناطق أخرى. هذا التغير في نمط التوزيع السكاني يُحدث اختلالًا واضحًا في سوق العمل، والطلب على المساكن، والضغط على البنية التحتية الهشة أصلًا.

أثر التحديات الاقتصادية على السكان

يعيش معظم السكان في اليمن تحت خط الفقر، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 70% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية. هذا الوضع الاقتصادي الصعب ينعكس بشكل مباشر على مستوى المعيشة، والتغذية، والرعاية الصحية، والتعليم، كما يحد من قدرة الأسر على التخطيط للمستقبل أو الاستثمار في تنمية أبنائها. ومع استمرار ارتفاع عدد السكان، يتفاقم هذا الضغط مما يجعل تحسين الوضع الاقتصادي أمرًا ملحًا لتجنب أزمات مستقبلية أكبر.

الخلاصة

تُظهر البيانات أن اليمن يمر بمرحلة ديموغرافية دقيقة، إذ يتصاعد عدد السكان بوتيرة متسارعة وسط ظروف سياسية وإنسانية قاسية. وتبقى التحديات المرتبطة بالنمو السكاني ذات أبعاد معقدة تتطلب معالجة متعددة المحاور، تشمل تحسين جودة الخدمات، وتوسيع الفرص الاقتصادية، وتبني سياسات سكانية فعالة. إن إدارة هذا النمو السكاني ليست فقط مسألة إحصائية، بل قضية استراتيجية محورية لبناء مستقبل أكثر استقرارًا واستدامة لليمن وشعبه.