عدد سكان أفغانستان 

تُعد أفغانستان واحدة من أكثر الدول التي حظيت باهتمام العالم بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي وتاريخها السياسي والاجتماعي المعقد. وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها على مدار العقود الماضية، فإن التركيبة السكانية للبلاد تُظهر حيوية لافتة ونموًا ديموغرافيًا متسارعًا. ومع تزايد التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، يظل فهم البنية السكانية للبلاد عاملاً محوريًا في صياغة السياسات المستقبلية. في هذا المقال، نستعرض أحدث البيانات السكانية، ونتناول جوانب متعددة من الديموغرافيا في أفغانستان مثل النمو السكاني، الكثافة، التوزيع الجغرافي، إلى جانب التركيبة الاجتماعية والعمرية للسكان، وما يرافق ذلك من تحديات وفرص مستقبلية.

عدد سكان أفغانستان الحالي

بلغ عدد سكان أفغانستان في منتصف عام 2025 حوالي 43.8 مليون نسمة وفقًا لأحدث التقديرات السكانية. هذا الرقم يعكس زيادة ملحوظة مقارنة بالعقود الماضية، حيث لم يتجاوز عدد السكان 20 مليونًا في تسعينيات القرن الماضي. ويُعد هذا النمو نتيجة طبيعية لارتفاع معدلات الخصوبة التي تصل إلى حوالي 4.66 طفل لكل امرأة، وهو معدل يفوق المتوسط العالمي بكثير. ويُعزى استمرار هذا النمو أيضًا إلى تحسن نسبي في الرعاية الصحية رغم ضعف البنية التحتية، ما ساهم في خفض معدلات الوفيات.

الكثافة السكانية في أفغانستان

تبلغ الكثافة السكانية في البلاد نحو 67 نسمة لكل كيلومتر مربع، وهو معدل يتباين بشكل كبير بين المناطق الحضرية والريفية. ففي حين تشهد المدن الكبرى مثل كابول وهرات كثافة عالية بسبب الهجرة الداخلية المتزايدة نحو المراكز الحضرية، تبقى المناطق الجبلية والحدودية أقل كثافة نتيجة وعورة التضاريس وضعف الخدمات. ويؤدي هذا التوزيع غير المتوازن إلى تفاقم الفجوة بين المدن والقرى، لا سيما في ما يتعلق بالتعليم والصحة والعمل.

النمو السكاني في أفغانستان

يمثل النمو السكاني تحديًا كبيرًا للبلاد، حيث يُقدّر معدل النمو السنوي للسكان بحوالي 2.81%. هذا النمو المستمر لا يواكبه بالضرورة نمو اقتصادي أو تحسين في مستوى المعيشة. ويُتوقع أن يستمر الاتجاه التصاعدي في أعداد السكان ما لم يتم تنفيذ برامج تنظيم أسري فعالة. كما أن النزاعات المسلحة أدت إلى نزوح داخلي جماعي، ما أثر على التوزيع السكاني وخلق ضغوطًا إضافية على المدن المكتظة.

التركيبة السكانية في أفغانستان

تتسم التركيبة السكانية بطابع شبابي قوي، إذ إن أكثر من 60% من السكان تقل أعمارهم عن 25 عامًا. ويبلغ متوسط العمر 17.3 عامًا فقط، مما يعكس الحاجة الملحة لتوسيع نطاق التعليم وخلق فرص عمل واسعة للشباب. وتُعد النسبة بين الذكور والإناث شبه متساوية، مع وجود ميل طفيف لصالح الذكور. كما تتوزع الأعراق بين البشتون والطاجيك والهزارة والأوزبك، في نسيج مجتمعي متعدد لكنه يواجه توترات دورية نتيجة للتمييز السياسي والمناطقي.

التوزيع الجغرافي للسكان في أفغانستان

رغم أن غالبية السكان يعيشون في مناطق ريفية، فإن التوجه نحو الهجرة الداخلية جعل أكثر من ربع السكان يقطنون المناطق الحضرية. تشهد العاصمة كابول وحدها تركزًا سكانيًا كبيرًا، حيث يُقدّر عدد سكانها بأكثر من 5 ملايين نسمة، وهي نقطة جذب رئيسية للباحثين عن فرص العمل والتعليم. ومع ذلك، تعاني المدن من ضغط كبير على البنية التحتية نتيجة هذا التوسع السكاني السريع وغير المنظم.

التحديات المرتبطة بالسكان في أفغانستان

يُعتبر الضغط على الموارد الطبيعية والخدمات الأساسية من أبرز التحديات الناجمة عن النمو السكاني السريع. تواجه البلاد صعوبات في توفير مياه الشرب، والرعاية الصحية، والتعليم، لا سيما في المناطق النائية. كما تُعد البطالة من أكبر المشكلات، خاصة في فئة الشباب، حيث يُقدّر أن نسبة البطالة بين الشباب تتجاوز 30%. وتفاقم هذه المشكلات الأوضاع السياسية غير المستقرة، والنزاعات المسلحة، التي تؤدي إلى موجات نزوح داخلية وخارجية تضيف مزيدًا من التعقيد على الملف السكاني.

الآفاق المستقبلية للسكان في أفغانستان

تشير التقديرات إلى إمكانية وصول عدد سكان أفغانستان إلى أكثر من 130 مليون نسمة بحلول عام 2100 إذا استمر النمو السكاني بالمعدلات الحالية. ولهذا فإن البلاد بحاجة ماسة إلى استراتيجيات طويلة الأمد في مجالات تنظيم الأسرة، وتطوير التعليم، وتنمية المهارات، وإيجاد حلول مبتكرة لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة. يمكن أن يُشكل هذا النمو فرصة حقيقية إذا تم توجيهه بشكل صحيح نحو الاستثمار في الطاقات البشرية وتطوير الاقتصاد الوطني.

الهجرة والنزوح وتأثيرهما على التركيبة السكانية

شهدت أفغانستان موجات متكررة من الهجرة والنزوح الداخلي، سواء بسبب الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات الاقتصادية. وقد أثرت هذه الظواهر بشكل مباشر على الهيكل السكاني، حيث تُسجل بعض الولايات انخفاضًا سكانيًا حادًا، مقابل ارتفاع غير طبيعي في مناطق أخرى. كما أن الهجرة الخارجية إلى دول مثل إيران وباكستان وتركيا وبلدان أوروبا تسببت في فقدان جزء مهم من القوة العاملة، مما يُضعف الإنتاج المحلي ويزيد من الاعتماد على التحويلات المالية من الخارج.

المرأة في المشهد السكاني الأفغاني

تلعب المرأة دورًا محوريًا في التركيبة السكانية، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتعليم والعمل والصحة الإنجابية. ورغم بعض التحسن في نسب التحاق الفتيات بالتعليم الأساسي في المدن، فإن نسبة كبيرة من النساء في الريف لا تزال محرومة من التعليم والرعاية الصحية المناسبة. وتعاني النساء من القيود الاجتماعية والعادات التقليدية التي تحد من مشاركتهن في سوق العمل، ما ينعكس سلبًا على التنمية المستدامة.