تُعد الكويت واحدة من أكثر دول الخليج العربي تأثرًا بالمناخ الصحراوي القاري، ما يجعل طقسها محط اهتمام دائم لسكانها وزوارها على حد سواء. تتسم البلاد بتباين ملحوظ بين فصول السنة، من حرارة الصيف اللاهبة إلى اعتدال نسبي في الشتاء، وهو ما ينعكس على أنماط الحياة، والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. في هذا المقال نرصد تفاصيل الطقس في الكويت طوال العام، من خلال تحليل خصائص كل فصل، والتقلبات الجوية، وتأثير ذلك على الحياة اليومية.
أقسام المقال
الصيف في الكويت: حرارة شديدة وجفاف
يُهيمن فصل الصيف على مناخ الكويت لفترة طويلة تمتد من أواخر مايو وحتى مطلع أكتوبر. وتبلغ درجات الحرارة ذروتها خلال شهري يوليو وأغسطس، حيث تسجل غالبًا فوق 47 درجة مئوية، وتصل في بعض المناطق الصحراوية إلى أكثر من 50 درجة. هذا الحر الشديد يكون مصحوبًا بجفاف شبه تام، مع انعدام الأمطار تمامًا خلال هذا الفصل. من ناحية الرطوبة، فهي تكون منخفضة في الداخل، وترتفع قليلاً على السواحل، مما يزيد من الشعور بالضيق الحراري.
وتُعرف الرياح السائدة باسم “رياح السموم”، وهي رياح شمالية غربية نشطة، جافة وساخنة، تؤدي إلى إثارة الغبار والأتربة، وغالبًا ما تتسبب في عواصف ترابية تؤثر على جودة الهواء والرؤية. هذا ما يجعل الصيف الكويتي يتطلب تجهيزات خاصة في البنية التحتية والمباني ومرافق التبريد، كما يدفع السكان إلى تعديل أنشطتهم اليومية والابتعاد عن التعرض المباشر لأشعة الشمس في أوقات الذروة.
الشتاء في الكويت: برودة معتدلة وأمطار نادرة
رغم قصره مقارنة بالصيف، فإن الشتاء في الكويت يمتد من ديسمبر حتى منتصف فبراير، ويُعد الفترة الأكثر اعتدالًا وراحة في السنة. تنخفض درجات الحرارة الصغرى إلى 5 درجات مئوية أو أقل في بعض المناطق الداخلية، بينما تتراوح العظمى بين 15 و20 درجة. وغالبًا ما تكون الأجواء مشمسة خلال النهار، مع برودة محسوسة في الليل.
الأمطار شحيحة ولكنها تترك أثرًا واضحًا على الطقس. تُسجل الكويت في المتوسط حوالي 100 إلى 120 ملم من الأمطار سنويًا، وتسقط هذه الكمية خلال عدد محدود من الأيام الممطرة، وغالبًا ما تكون الأمطار متقطعة ولكن غزيرة، ما يتسبب في بعض الأحيان بتكون السيول في المناطق المنخفضة بسبب ضعف البنية التصريفية للمياه.
الربيع في الكويت: اعتدال مؤقت وتغيرات سريعة
يُعد فصل الربيع في الكويت فترة انتقالية بين البرودة الشتوية وحر الصيف، ويستمر من مارس حتى منتصف مايو. يتميز هذا الفصل بمناخه المعتدل نهارًا والمائل للبرودة ليلًا، مع درجات حرارة عظمى تتراوح بين 25 و35 درجة. تتقلب الأجواء بشكل ملحوظ، وقد تتغير من معتدلة إلى حارة أو من صافية إلى مغبرة في نفس اليوم.
يُعرف الربيع كذلك بكثرة الرياح والعواصف الرملية، والتي قد تكون مفاجئة وشديدة، وتؤدي إلى انخفاض الرؤية وتعطيل بعض الأنشطة. ورغم أن بعض الأمطار قد تسقط خلال هذا الفصل، فإنها عادة ما تكون محدودة، ولا تساهم كثيرًا في تعديل الطقس الجاف.
الخريف في الكويت: انتقال تدريجي نحو البرودة
يمتد فصل الخريف من أواخر سبتمبر حتى نهاية نوفمبر، ويُعتبر أكثر اعتدالًا من الصيف، لكنه لا يخلو من الأيام الحارة. في بداية الفصل، قد تسجل درجات الحرارة ما بين 35 و40 درجة، ثم تنخفض تدريجيًا لتصل إلى 20 درجة في نهايته. يتميز الخريف بأجواء مريحة نسبيًا وانخفاض في معدلات الرطوبة، ما يجعل هذه الفترة مناسبة لممارسة الأنشطة الخارجية.
رغم الاعتدال التدريجي في الأجواء، فإن الرياح قد تعود بشكل متقطع، مسببة غبارًا خفيفًا أو متوسطًا، خاصة في المناطق المفتوحة. ومع بداية نوفمبر، يبدأ الكثيرون في تجهيز ملابس الشتاء وأدوات التدفئة الخفيفة استعدادًا للتغيرات المقبلة.
الظواهر الجوية المميزة في الكويت
من أبرز الظواهر التي تميز مناخ الكويت هي العواصف الترابية، والتي تحدث بشكل رئيسي في فصلي الربيع والصيف، وتؤثر بشكل مباشر على الصحة العامة، خصوصًا للمصابين بأمراض تنفسية. كما تُعرف الكويت بتسجيل درجات حرارة قياسية عالميًا، مثل ما حدث في يوليو 2016 عندما سُجلت حرارة بلغت 54 درجة مئوية في منطقة مطربة.
من الظواهر الأخرى، انتشار الضباب في بعض فترات الشتاء والصباح الباكر، خاصة في المناطق الجنوبية، وهذا قد يؤدي إلى تأخير الحركة الجوية والبرية. وتُلاحظ كذلك فترات من السكون الهوائي في الليل، خصوصًا في أواخر الصيف والخريف، مما يرفع من الشعور بالرطوبة.
تأثير المناخ على الحياة اليومية
يلعب الطقس دورًا حيويًا في تشكيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكويت. يُفرض مناخ الصيف الحار نمط حياة داخلي، حيث يفضل الناس قضاء أوقاتهم في الأماكن المكيفة، وتقل الحركة في الشوارع خلال فترة الظهيرة. كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على نشاط العمالة في مواقع البناء والصيانة، ما يستدعي تنظيم ساعات العمل تجنبًا للإجهاد الحراري.
في المقابل، تُعد فترات الربيع والخريف الأنسب لتنظيم الفعاليات الثقافية والمهرجانات والمعارض، نظرًا لاعتدال الطقس. أما في الشتاء، فتنشط الرحلات البرية والتخييم في الصحراء، وتُقبل العائلات على التنزه في الحدائق العامة، ما ينعكس إيجابًا على السياحة المحلية.
خاتمة
تتسم الكويت بمناخ قاسٍ في كثير من أوقات السنة، خاصة خلال الصيف، إلا أنها في المقابل تقدم فصولًا أخرى أكثر اعتدالًا تسمح بالتنفس والترويح. يفرض هذا المناخ تحديات مستمرة تتطلب التخطيط والتأقلم، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. ومع تزايد آثار التغير المناخي عالميًا، تبقى الحاجة ماسة لتبني حلول بيئية مستدامة، تضمن الحفاظ على راحة الإنسان واستقرار البيئة في هذا البلد الصحراوي الحيوي.