تُعد قضية اللجوء في الكويت من الموضوعات الحساسة والمعقدة، نظراً لخصوصية النظام القانوني الكويتي وموقع الدولة الجغرافي والسياسي في المنطقة. فرغم أن الكويت ليست من الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين، إلا أنها تلعب دورًا إنسانيًا لا يمكن تجاهله في تقديم الدعم للفئات المتضررة من الحروب والصراعات في الدول المجاورة. في هذا المقال، نسلط الضوء على واقع اللجوء في الكويت، والتحديات التي يواجهها طالبي الحماية، ودور المفوضية السامية للأمم المتحدة، إلى جانب استعراض الجهود المحلية والدولية المبذولة لتخفيف معاناة هؤلاء الأشخاص.
أقسام المقال
- الوضع القانوني للجوء في الكويت
- دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الكويت
- قانون الإقامة الجديد وتأثيره على اللاجئين
- التحديات التي تواجه طالبي اللجوء في الكويت
- عدد اللاجئين في الكويت
- الجهود الإنسانية والدعم الكويتي للاجئين
- التعامل الإعلامي والاجتماعي مع قضية اللجوء
- المقارنة مع دول الخليج الأخرى
- خاتمة
الوضع القانوني للجوء في الكويت
الكويت ليست طرفاً في اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، ولا في بروتوكولها لعام 1967، ما يعني أن الدولة لا تلتزم بتطبيق الأحكام القانونية التي تمنح اللاجئ حماية رسمية أو إقامة دائمة. وبدلاً من ذلك، تُعامل قضايا اللجوء على أساس إنساني، من خلال التعاون مع الجهات الدولية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويُمنح بعض الأفراد إقامات مؤقتة أو استثنائية إذا اقتضت الضرورة، ولكن من دون الاعتراف الرسمي بوضع اللاجئ، مما يؤثر على حقوقهم القانونية والاجتماعية.
دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الكويت
تمثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأداة الرئيسية للتعامل مع ملفات اللجوء داخل الكويت. فهي الجهة التي تتلقى الطلبات، وتجري مقابلات تقييم الوضع، وتصدر وثائق حماية مؤقتة، ريثما يُدرس ملف صاحب الطلب. وتقوم المفوضية أيضًا بمحاولة إيجاد حلول دائمة لهؤلاء الأفراد، مثل إعادة التوطين في دول ثالثة أو المساعدة في العودة الطوعية الآمنة إلى بلدانهم الأصلية. وتربط المفوضية بالكويت علاقات تعاون وثيقة تشمل تنسيق البرامج الإنسانية وتوقيع الاتفاقيات المشتركة لتمويل المشاريع المتعلقة بالحماية والدعم النفسي والاجتماعي للاجئين.
قانون الإقامة الجديد وتأثيره على اللاجئين
دخل القانون رقم 114 لسنة 2024 بشأن إقامة الأجانب حيز التنفيذ في الكويت، ليشكل إطارًا قانونيًا جديدًا يُنظم دخول وإقامة الوافدين. ينص القانون على شروط صارمة لمنح الإقامة، مثل وجود دخل شهري لا يقل عن مبلغ محدد، ومستوى تعليمي معتمد، ووظيفة رسمية. ونتيجة لذلك، يجد الأفراد الذين يحتاجون إلى حماية دولية صعوبة كبيرة في استيفاء هذه الشروط، خاصة أنهم غالبًا ما يصلون إلى البلاد من دون أوراق ثبوتية أو مصادر دخل. الأمر الذي يجعل من اللجوء في الكويت مسألة إنسانية أكثر منها قانونية، ويزيد من أهمية دور المنظمات الدولية في توفير بدائل وحلول وسطية.
التحديات التي تواجه طالبي اللجوء في الكويت
يواجه طالبي اللجوء في الكويت جملة من التحديات أبرزها: عدم الاعتراف القانوني بوضعهم، وغياب التشريعات التي تضمن حقوقهم الأساسية، مثل الحق في العمل والتعليم والرعاية الصحية. كما يُمنع معظمهم من التنقل بحرية أو الحصول على إقامة قانونية طويلة الأمد. ومن المشاكل الأخرى صعوبة الحصول على الرعاية النفسية، وارتفاع تكاليف المعيشة في ظل عدم وجود دخل ثابت. يُضاف إلى ذلك التهديد الدائم بالترحيل في حال انتهاء الإقامة المؤقتة، ما يخلق شعورًا مستمرًا بعدم الأمان.
عدد اللاجئين في الكويت
حتى نهاية عام 2024، بلغ عدد اللاجئين المسجلين رسميًا في الكويت 572 شخصًا فقط، بحسب بيانات البنك الدولي، وهو رقم منخفض مقارنة بدول أخرى في المنطقة. ويُلاحظ تراجع في أعداد اللاجئين بنسبة تقارب 16% مقارنة بعام 2022، حيث كان العدد 684 لاجئًا. ولا تشمل هذه الأرقام الأفراد غير المسجلين أو من لم يتمكنوا من الوصول إلى المفوضية السامية لتسجيل طلباتهم. ويُذكر أن عدد طالبي اللجوء في الكويت بلغ أكثر من ألف شخص في عام 2019، مما يعكس وجود ضغط مستمر على النظام الإنساني المحلي.
الجهود الإنسانية والدعم الكويتي للاجئين
رغم القيود القانونية، تبذل الكويت جهودًا كبيرة على المستوى الإنساني لدعم قضايا اللجوء إقليميًا وعالميًا. فالدولة تساهم بسخاء في تمويل مشاريع المفوضية في عدة دول عربية مثل اليمن وسوريا والعراق، إلى جانب دعم مراكز الإيواء والمساعدات الغذائية والصحية. كما تنشط مؤسسات كويتية خيرية مثل الهلال الأحمر الكويتي، وجمعيات أهلية محلية في تقديم خدمات تعليمية وصحية للأطفال والنساء من اللاجئين، خاصة داخل الدول المجاورة. وهذا يعكس التزام الدولة بالمبادئ الإنسانية وإن كان ذلك خارج حدودها.
التعامل الإعلامي والاجتماعي مع قضية اللجوء
الإعلام الكويتي الرسمي غالبًا ما يتعامل بحذر مع قضايا اللجوء، حيث يحرص على نقل الدور الإنساني للدولة دون التطرق إلى وجود طالبي لجوء على الأراضي الكويتية بشكل مباشر. أما على الصعيد الاجتماعي، فيسود تباين في المواقف بين من يرى ضرورة تقديم الدعم الإنساني وبين من يتحفظ لأسباب اقتصادية أو ديموغرافية. وقد ظهرت أصوات مطالبة بإعادة النظر في الإطار القانوني بما يتوافق مع قيم الرحمة والتكافل الاجتماعي، خاصة في ظل الحروب والصراعات المستمرة في دول الجوار.
المقارنة مع دول الخليج الأخرى
تُعد الكويت مشابهة لدول الخليج الأخرى من حيث عدم توقيعها على اتفاقية اللاجئين، والاعتماد على النُهج الإنساني المؤقت لمعالجة أوضاع طالبي اللجوء. إلا أن الكويت تتميز بحجم مساهماتها في المجال الإغاثي وتعاونها النشط مع المفوضيات الدولية، مقارنة بدول خليجية أخرى تعتمد أكثر على السياسات الأمنية الصارمة. كما أن الكويت تُعد من أوائل الدول الخليجية التي استضافت مكاتب للمفوضية، مما منحها دورًا رياديًا في العمل الإنساني على مستوى الإقليم.
خاتمة
اللجوء في الكويت قضية مركبة تتداخل فيها الجوانب القانونية بالإنسانية، وتُظهر مدى حساسية الدولة تجاه التحديات الأمنية والاجتماعية. ورغم غياب إطار قانوني دائم، فإن الكويت تمارس دورًا لا يُستهان به على المستوى الدولي في دعم قضايا اللجوء. ولتحقيق توازن أفضل بين الالتزام الإنساني والحفاظ على السيادة الوطنية، قد يكون من المفيد للكويت تطوير سياسات أكثر شمولًا تنسجم مع المعايير الدولية، وتوفر لطالبي الحماية الحد الأدنى من الضمانات القانونية والحياتية داخل أراضيها.